قدير أوستون - يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

تستمر المفاوضات النووية مع إيران في تعميق التوتر المتزايد منذ فترة بين واشنطن وتل أبيب. في حين أرسلت إدارة ترامب رسائل متناقضة بشأن حدود تخصيب اليورانيوم بعد جلوسها مباشرة مع طهران، فإن إصرار إسرائيل على "تخصيب صفري" يشير إلى اتساع الفجوة بين الولايات المتحدة وإسرائيل. زيارة نتنياهو للبيت الأبيض بعرض خطة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية مقابل تفضيل ترامب للخيار الدبلوماسي تُظهر مدى تباعد الاستراتيجيات بين البلدين. ومن غير المرجح أن يُسدَّد هذا الفرق إلا إذا فشلت المفاوضات النووية.

من المعروف أن ترامب يرغب في تحقيق اتفاق أفضل وأكثر ديمومة من اتفاق أوباما، لكن الإصرار على تخصيب اليورانيوم يجعل ذلك صعباً. إذا لم يحصل ترامب على ما يريده من إيران، فقد يعود إلى سياسة "الضغط الأقصى" وتهديدات العمليات العسكرية، لكنه ليس لديه نية لخوض صراع عسكري طويل الأمد لإزالة كل القدرات النووية الإيرانية كما تريد إسرائيل. لذا، سواء تم التوصل لاتفاق نووي أم لا، يبدو أن الملف النووي الإيراني سيستمر في خلق تصدع استراتيجي بين واشنطن وتل أبيب.

موقف واشنطن

أثارت إدارة ترامب قلقاً عميقاً لدى حكومة نتنياهو بسبب مفاوضاتها المباشرة مع إيران. خلال زيارته الأخيرة للبيت الأبيض، قدَّم نتنياهو خطة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية آملاً في دعم ترامب، لكن الأخير أعلن عن مفاوضات مباشرة مع طهران، مما خيَّب آمال القيادة الإسرائيلية.

تصريحات ترامب الأخيرة بأنه لم يُحدد بعد ما إذا كان لإيران حق تخصيب اليورانيوم دفع اللوبي الإسرائيلي إلى تكثيف نشاطه. تصريحات كل من السيناتورين الجمهوريين توم كوتون وليندسي غراهام، وكذلك مفاوض ترامب النووي ستيف ويتكوف، بأن إيران يجب أن تتخلى تماماً عن التخصيب، تؤكد ذلك.

رفضت إيران على الفور تصريحات ويتكوف، مؤكدة أنها لن تتخلى عن التخصيب. إذا أصرت إدارة ترامب على "تخصيب صفري"، فسيكون التوصل لاتفاق مستحيلاً، مما قد يعني العودة للخطة العسكرية الإسرائيلية. لكن من المرجح أن يكون إصرار واشنطن على هذا المطلب مجرد تكتيك تفاوضي. ومع ذلك، إذا وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود، فقد ترتفع حدة التوتر بسرعة، مما قد يعيد الأطراف إلى سياسة العقوبات والضغوط.

إذا اضطر ترامب للعودة لسياسة "الضغط الأقصى" التي اتبعها في ولايته الأولى، ولو على مضض، ووافق على عمليات عسكرية، فقد يصبح صراع إسرائيلي-إيراني جديد احتمالاً وارداً.

موقف إسرائيل

تحاول حكومة نتنياهو إقناع واشنطن بأن إيران تمر بمرحلة ضعف، خاصة بعد الضربة القاسية لحزب الله وفقدانها لنفوذها في سوريا، وأن هذه فرصة لإزالة البنية التحتية النووية الإيرانية بالكامل. لكنها تواجه صعوبة في إقناع ترامب بهذا الطرح.

بعد فشله في الحصول على دعم لعمليات عسكرية محتملة، يعلق نتنياهو آماله على فشل المفاوضات النووية لترامب. إذا فشلت المفاوضات، يأمل نتنياهو أن يوافق ترامب على سلسلة من العمليات العسكرية والسرية، حتى لو لم يوافق على حرب شاملة.

يواصل اللوبي الإسرائيلي الضغط ضد أي اتفاق نووي، بحجة أن إيران لن تلتزم بوعودها، وأنه يجب فرض شرط "التخصيب الصفري". كما ستحاول إسرائيل عرقلة أي اتفاق في الكونغرس.

رفضت إيران الانسحاب من خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) رغم انسحاب ترامب منها. لكن إذا فشلت المفاوضات وعادت واشنطن لسياسة العقوبات، واضطر الأوروبيون لإعادة فرضها، فقد تنسحب إيران من JCPOA وحتى من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. هذا السيناريو هو المفضل لنتنياهو، لأنه سيثبت أن الحل العسكري هو الخيار الوحيد.

تباعد ترامب ونتنياهو

تشير التقارير إلى وجود تباعد بين ترامب ونتنياهو بسبب المفاوضات المباشرة مع إيران. نصائح ترامب لنتنياهو بأن يكون "معقولاً" تجاه تركيا، وتصريحاته حول استعداده لمصافحة الأسد ورفع العقوبات عن سوريا، وإغفاله زيارة إسرائيل في جولته الخليجية، كلها إشارات على أن ترامب لا يشعر بالحاجة للتنسيق الوثيق مع إسرائيل.

لكن إذا لم يحصل ترامب على ما يريد من المفاوضات، فقد يعود فجأة لخطاب التهديدات العسكرية. مع ذلك، يدرك ترامب أن حرباً مع إيران لن تكون سهلة أو سريعة، مما يجعله غير متحمس لسيناريو "الحل الجذري" الذي يطرحه نتنياهو.

حتى لو توصل ترامب لاتفاق يسمح بتخصيب اليورانيوم، فإن معارضة إسرائيل والكونغرس قد تحول دون تحويله لاتفاق دائم. وهذا بدوره سيعقد رفع العقوبات وتطبيع العلاقات مع إيران. لذا، إذا أراد ترامب إبرام اتفاق، فسيتعين عليه كسر المعارضة الإسرائيلية والكونجرسية.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!