سامي كوهين – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

عندما أعلن رئيس الجمهورية عزمه زيارة الصين بداية هذا الشهر، كانت تركيا تقود حملة كبيرة من أجل نُصرة إخوتنا أتراك الأيغور الذين يتعرضون إلى ضغوطات واضطهادات دينية.

والصين لم تكن مرتاحة للحملة المكثفة التي تقودها تركيا، ولذلك قامت بحملة مضادة اتهمت فيها تركيا بأنها تساعد قادة وجنود من الأيغور من أجل الانضمام إلى تنظيم داعش في سوريا، ولذلك انتشرت العديد من الإشاعات والأقاويل التي كانت تتنبأ بأنّ اردوغان لن يستطيع زيارة الصين وسط هذه الأجواء المتوترة.

لكن في المقابل تحدث اردوغان بلغة خطاب هادئة هذه المرة، وقال أنّ مراسل وكالة الأناضول الذي تم ارساله إلى منطقة الحكم الذاتي للايغور، لم يتعرض إلى أي ضغوطات أثناء أدائه فريضة الصيام هناك، وهكذا هدأت الأجواء، وقام رئيس الجمهورية بزيارته وسط أجواء مريحة.

موضوع حساس

سعى اردوغان جاهدا لكي لا تؤثر حساسية تركيا تجاه قضية الأيغور على العلاقات بين الجمهورية التركية وجمهورية الصين، وبذلك قدمت تركيا العلاقة الاستراتيجية مع الصين على غيرها من الأمور الأخرى، لتعطي مثالا رائعا عن ممارستها "الواقعية السياسية".

تطوير العلاقات بشتى أشكالها مع الصين يحمل أهمية بالغة بالنسبة لأنقرة، فمن الناحية السياسية، تسعى تركيا إلى التقارب مع الصين، ليكون ذلك جزء لا يتجزأ من "سياسة تركيا الخارجية ذات الأبعاد المتنوعة".

أما من الناحية الاقتصادية، فأنقرة تسعى إلى زيادة مشاريعها المشتركة مع الصين وتطوير التجارة بين البلدين، لتقدم هذه العلاقة إمكانيات جديدة لتركيا. ومن الناحية العسكرية، فتركيا تريد تحقيق عدة مشاريع، مثل مشروع نظام الدفاع الصاروخي، وبالتالي تقديم فرص وإمكانيات جديدة للقوات المسلحة التركية.

وتحتل هذه المواضيع رزمة الأعمال على جدول اللقاءات الثنائية في بكين، وخصوصا في الناحية الاقتصادية تم الحديث عن مشاريع جديدة، والهدف هو تحقيق تبادل تجاري يصل قيمته لـ 100 مليار دولار.

المصالح أولا

في إطار التقارب السياسي، يُعد وصول الدولتين إلى قرار مشترك، وتطابق وجهات النظر حول موضوع مكافحة الارهاب، واتخاذ موقف مشترك هو أمر هام، وتشعر الدولتان الآن بنفس الأحاسيس المشتركة بسبب تطابق الأحداث الجارية في "تشنجان" الصينية، والأحداث الجارية في جنوب شرق تركيا.

اردوغان أعرب عن أمنياته بأنْ الطريق لأنْ تكون دولة الصين "دولة قوية يمر عبر مجتمع قوي ومتماسك ومتحد"، وما يقصده بذلك هو التعريج على موضوع أتراك الأيغور.

لو كانت الشروط والظروف مختلفة، لربما قامت الدولة التركية بالضغط أكثر فيما يتعلق بهذا الموضوع الحساس بالنسبة لنا، لكن عندما يتعلق الأمر بالصين، فإنّ المصالح المشترك أهم من ذلك، وفي المحصلة علينا أنْ نتصرف وفق "الواقعية السياسية".

عن الكاتب

سامي كوهين

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس