سامي كوهين – صحيفة مليت – ترجمة وتحرير ترك برس

بات من الواضح بعد تصريحات رئيس الوزراء التركي "أحمد داود أوغلو" الأخيرة حول الصراع مع تنظيم الدّولة (داعش) معالم وأبعاد هذه الحرب. فالاستراتيجية التركية حيال المشاركة في الصراع الدائر في سوريا، تغيرت بعد أن بدأت القوات التركية بقصف مواقع تنظيم داعش.

هناك أمران هامّان تطرق إليهما داود أوغلو خلال تصريحاته الأخيرة فيما يتعلق بالصراع مع التنظيم. فالأمر الأول هو التصريح المتعلق بعدم رغبة الأتراك في رؤية عناصر تنظيم داعش في المناطق القريبة من الحدود التركية. وبالتالي فإنّ الحملة العسكرية التي بدأت ستستمر حتّى تطهير تلك المناطق من التنظيم.

الأمر الثاني الهام الذي تطرق إليه داود أوغلو، أنّ تركيا لن تُقحم قواتها البرية داخل الأراضي السورية لتحقيق هدف إبعاد عناصر التنظيم عن حدودها، إنّما ستكتفي بالقصف الجوي والأرضي من خلال استعمال الطائرات والمدافع والدبابات.

ومعنى ذلك أنّ القيادة التركية ليس لديها هدف استراتيجي حيال إنهاء وجود تنظيم الدّولة من كافة الأراضي السورية، كما أنها لا ترغب أبدًا في الزّج بقواتها البرية إلى داخل الأراضي السورية. وبمعنى آخر يمكننا أن نقول بأنّ أنقرة تستهدف وجود تنظيم داعش في المناطق السورية القريبة من الحدود التركية.

ومن الواضح أنّه وبموجب الخطة التركية، سيتمّ تسليم هذه المناطق إلى قوات المعارضة السورية المعتدلة بعد أن يتم تطهيرها من عناصر تنظيم داعش. وبذلك تكون القيادة التركية قد فعلت ما كانت ترغب به منذ اندلاع الاحداث في سوريا حيال تشكيل منطقة آمنة داخل الأراضي السورية، لا سيما أنّ الولايات المتحدة الأمريكية ومن خلال تصريحات مسؤوليها، أعطت الضوء الأخضر لإقامة مثل هذه المناطق في المناطق القريبة من الحدود التركية.

لكن المشكلة الحقيقية تكمن في كيفية تطهير هذه المناطق من عناصر تنظيم داعش. فالغارات الجوية والقصف المدفعي لا تفي بالغرض. ولذلك يتمّ الأن التحضير للزجّ بالمعارضة السورية المعتدلة التي تدعمها تركيا في هذه المعركة. لكن في نفس الوقت هناك أسئلة تتبادر إلى الأذهان حول إمكانية المعارضة السورية المعتدلة في القضاء على تنظيم الدّولة والانتصار عليه. والسؤال الثاني الذي لم يستطع أحد إيجاد جواب مناسب له هو أنه كيف سيتم تطهير المعارضة المعتدلة من العناصر المتشدّدة التي تسربت إلى بنيتها منذ اليوم الأول من الصراع في سوريا.

هل ستتغير قواعد اللعبة؟

وهناك سؤال أخر أيضاً وهو في حال تمّ دحر عناصر تنظيم داعش من المناطق الحدودية باتجاه الداخل السوري، فإنّ التنظيم سيستمر في نشاطاته وفعاليات. فهل ستشكل هذه النشاطات والفعاليات تهديداً لتركيا على الرغم من ابتعاد عناصر التنظيم عن حدودها؟.

فكلّ هذه الأسئلة تدلّ على أنّ الصراع مع التنظيم لن تكون سهلة وستأخذ مدّة زمنية لا بأس بها.

وعلينا أنّ لا ننسى ما صرّح به رئيس النظام السوري قبل يومين والذي أكّد انّه لم يعد يمتلك القوة العسكرية الكافية لاستعادة الأراضي التي سيطر عليها التنظيم في سوريا لكنّه وعد جمهوره بالمحافظة على الأراضي التي تقع تحت سيطرته. وهذا مؤشر على حقيقة وجود التنظيم في سوريا وإحكام سيطرته على بعض المناطق.

ولذلك وكما قال رئيس الوزراء داود أوغلو إنّ تطهير المناطق الشمالية من تنظيم داعش وتسليمها للمعارضة السورية المعتدلة، من شأنها تغيير قواعد اللعبة في سوريا.

عن الكاتب

سامي كوهين

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس