تشاغري إرهان - صحيفة تركيا – ترجمة وتحرير ترك برس

لصواريخ الباتريوت قصة طويلة في تركيا، فهي ليست بالأمر الجديد الحديث وانما تعود قصتها الى ما قبل 1990م، فعقب التحركات الكبيرة التي قام بها صدام حسين في أواخر ثمانينات وأوائل تسعينات القرن الماضي لم تعد منطقة الشرق الأوسط كما كانت عليه قبل تحريك تلك الحجارة.

ففي احداث حرب الخليج وبعد ان قامت الولايات المتحدة الامريكية بتشكيل تحالف دولي عالمي من اجل محاربة صدام حسين واخراجه من الكويت؛ كان الحديث عن صواريخ السكود يدور بين أروقة القادة السياسيين والعسكريين في كل دول العالم وبالأخص أمريكا؛ الامر الذي دفع هؤلاء القادة الى طرح خيار صواريخ باتريوت الامريكية مقابل صواريخ السكود الروسية في ساحة المعركة الجديدة.

في احداث حرب الخليج وبعد ان ضرب صدام حسن كلا من إسرائيل والمملكة العربية السعودية صواريخ سكود برؤوس كماوية؛ انتشر القلق والخوف بين صفوف السياسيين في انقرة حتى وصل المدنيين؛ فجهزوا ملاجئهم لتكون عازلة للأسلحة الكيماوية واشتروا كذلك الأقنعة الخاصة لهذه الأسلحة.

 بعد موجة الخوف والهلع التي ضربت انقرة جرت لقاءات بين تركيا والدول الغربية بقيادة أمريكا؛ وكانت المحصلة هو دخول تركيا في حلف الناتو وحصولها على صواريخ الباتريوت لتستطيع الدفاع عن نفسها. لم يتم توجيه أي ضربات لتركيا من قبل صدام حسن الامر الذي دعا مجلس الشيوخ الأمريكي الى اصدار قرار بسحب صواريخ الباتريوت؛ ليتم سحبها واخراجها من تركيا بعد عدة سنوات.

في عام 2003 وبعد اعلان الولايات المتحدة الامريكية الحرب على العراق؛ تم إعادة نشر الصواريخ لكون تركيا في حلف الناتو الذي يحارب صدام حسين. بعد سنوات من الحرب وبعد سقوط صدام حسين وهدوء الجبهة العراقية؛ جرى إعادة سحب الصواريخ من تركيا بقرار من مجلس الشيوخ الأمريكي. بعد 10 سنوات من ذلك وعندما ساءت العلاقات التركية السورية تم إعادة نشرها لتجنب أي احداث او صدامات قد تنشأ من هذا الاختلاف.

كما رأينا فان صواريخ الباتريوت تم نشرها ثلاث مرات وإعادة سحبها مرتين وقد تكون الثالثة في هذه الأيام، فعملية النشر والسحب بحد ذاتها وضع طبيعي كون تركيا عضو في حلف الناتو، لكن الغريب في سحب الصواريخ هذه المرة هو الوضع السياسي والإقليمي الذي تعيشه المنطقة، فالأمور في سوريا والعرق لا تتحسن بل تزداد تعقيدا وفوضى؛ اذ ان خطر التنظيم الإرهابي داعش يتعاظم كل يوم على الحدود الجنوبية لتركيا، فلماذا يقوم الناتو بسحب الصواريخ في خضم هذه الفوضى وهذا الخطر؟

وما يزيد الامر غرابة ان الناتو وبقيادة أمريكا أصدر قرار سحب الصواريخ من دون اعلام انقرة! سوف نتحدث ونجادل طويل في حقيقة ما حدث او ما سيحدث بصواريخ الباتريوت؛ لكن المسالة التي يجب ان نقف عندها هو متى ستملك تركيا نظام دفاعي خاص بها؟ وكيف تسمح تركيا بنشر صواريخ لدول أخرى على أراضيها؟ 

عن الكاتب

تشاغري إرهان

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس