طه أوزهان - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس

لم تكن الهجمة الروسية على تركيا بعد أزمة الطائرة عبارة عن موجة من التضليل الإعلامي فحسب، بل كانت هجمة مكملة لجهود الحملات المعادية لتركيا في السنوات السابقة. أرادوا استباق الأحداث من البداية بمنع تداول خبر إسقاط الطائرة في الأجندات اليومية؛ ليفصلوا كل شيء يرتبط بالأزمة، كما وأراد الروس في البداية تطمين الرأي العام الداخلي عبر التضليل الإعلامي لكنهم لم ينجحوا في ذلك، ويمكن القول أيضا إن تلك القنوات الدبلوماسية ذات الخبرة قد فشلت وباتت غير قادرة على تقديم أي شيء، وشعروا بعد ذلك بفداحة فاتورتهم الدبلوماسية بعد تلك المواقف التضليلية التي تبنتها الصحف والمجلات المهمشة.

يصر الروس على ربط إسقاط الطائرة في سيناء بالطائرة التي سقطت على الحدود التركية ويرددون بوجود مسببات مشتركة بين الحدثين، ولا يتورعون عن ادعاء هذا الرابط رغم أن كل الحقائق والوقائع تنفي هذا. ومن بداية الأزمة وهم يحاولون طرق أبوابها والادعاء بأنها أحداث مرتبطة بالإرهاب العالمي، والجانب المحزن في الأمر هو تبني الموقف الرسمي للنظرية التي ترى العلاقة بين إسقاط الطائرة في سيناء وسوريا، ولهذا نجد أنفسنا قد وقعنا في جدالات لا طائل منها.

يزيد الطين بلة أفعال وتصريحات وزير الدفاع الروسي الذي صب الزيت على النار بجمعه للصحفيين من كل أقطار العالم وتكلمه بطريقة وأسلوب غير مقبولين وادعاءه بأن إسقاط الطائرة في سوريا جاء من أجل حماية نفط داعش، وافتتحوا كلامهم ب"إننا نحضر لمؤتمر مناقشة ودراسة مصادر تموين الإرهاب وعلاقتها بالحملات العسكرية في المنطقة"، كما وشارك في هذا المؤتمر نائب وزير الدفاع الروسي انتنوف اناتولاي ورئيس الأركان وقائد العمليات ونائب قائد الأركان سيرجي رودسكوي ورئيس مركز الدفاع العالمي الجنرال مهايل مزانزف.

وقدموا في هذا المؤتمر تجربتهم المستقاة من تجربة العواصم الأخرى المعادية لأنقرة ومن ادعاءات حزب الشعوب الديمقراطي والحزب الجمهوري، كما وأظهروا الصور الحقيقية للحدث ونشروها للصحفيين مدّعين أن الصور التي نشرتها تركيا غير صحيحة. وأكملوا كلامهم التافه وادعوا بأن تركيا باتت اليوم الممول المباشر للإرهاب وأنها هي من تحمل في أيديها أوزار هذا الإرهاب، وأصبحت الأزمة تحتكم لتلك الاتهامات الرثة التي يستمرون في اختلاقها كادعاءاتهم بحرب إرهاب داعش بينما تقوم تركيا بتهريب نفط داعش!

المستخلص من تصرفات روسيا أنها أصبحت فاقدة لاستراتيجياتها لتستخدم التضليل الإعلامي ولتجعله في مركز العمل لتستخدم الأزمة كأداة في تحقيق أهدافها الاستراتيجية. كما يسعون في تشخيص الأزمة ومخاطبة الرأي العام الروسي والتركي لكسب تأييد المعارضة التركية. وقد كانت التحليلات الإعجازية للمعارضة في تركيا ووسائل الاعلام الغربية هي من تحاول حرف الرأي العام، أما اليوم فإن الجنون الروسي هو من يريد تصدر هذا الموقف. لقد عانينا في السابق من مثل هذا الجنون وكان المصير المحتوم له هو الانكشاف واعتذار أصحابه، وهذا هو ما سيحصل مع روسيا التي تنكشف عورتها وكذباتها تباعا للرأي العام حتى وصل الحال إلى أن توصف بمدعية الغباء ومجسدته.

بين التضليل الإعلامي والحمق خط فيع، ومن اليوم الأول وروسيا تجتاز هذا الخط بادعاءاتها الباطلة المتكررة.