
ترك برس
أحدثت الأنباء التي تؤكد وجود مفاوضات جارية بين الطرفين "التركي والإسرائيلي" من أجل إعادة العلاقات الدبلوماسية فيما بينهما إلى عهدها السابق، حالة من الجدال الشديد لدى المواطنين الأتراك وثلة من المواطنين العرب وخاصة الفلسطينيين، وذلك لاعتقادهم بأن تركيا ستعيد علاقتها الجيدة مع إسرائيل وستترك دورها الحيوي تجاه القضية الفلسطينية.
وفي إطار هذه التداعيات يشير الباحث السياسي "إسماعيل كيليج أرسلان"، الكاتب السياسي في صحيفة "يني شفق" في مقال له بعنوان "تسليم حياتنا للسياسة الواقعية"، إلى أن "العاطفة حملت العديد من المواطنين الأتراك ومجموعة من كبيرة من المواطنين الفلسطينيين المعولين بشكل كبير على الدور التركي تجاه القضية الفلسطينية، على اتهام تركيا وحكومة حزب العدالة والتنمية بالتخلي عن القضية الفلسطينية والاتجاه نحو التصالح مع "إسرائيل" على حساب القضية وعلى حساب آمال الفلسطينيين الذين استبشروا الخير الكثير عقب انسحاب رئيس الوزراء الأسبق ورئيس الجمهورية الحالي "رجب طيب أردوغان" من مؤتمر دافوس".
ويضيف كيليج أرسلان أن "النقمة على الحكومة زادت اشتعالًا عشية التصريحات التي ألقاها الناطق باسم حزب العدالة والتنمية "عمر جيليك" الذي أشار في تصريحاته إلى أن "الشعب الإسرائيلي صديق لتركيا"، العاطفة والاندفاعات الشخصية جعلت العديد ينقمون على جيليك وتصريحاته وحكومة حزب العدالة والتنمية، ولكن قبل الانصياع للعاطفة لا بد من التفكير رويدًا بحكمة ورصانة، ولا بد من تحكيم السياسة الواقعية في الأمر".
ويرى كيليج أرسلان أن الذي دفع جيليك إلى هذه التصريحات ليس إيمانه العميق بصداقة الشعب الإسرائيلي بل مقتضيات السياسة الواقعية التي دفعت الحكومة التركية إلى تكثيف المحادثات مع إسرائيل. ليس خفي على أحد بأن تركيا اليوم تواجه تهديدات وصعوبات من جهاتها الأربعة، في ظل هذه المؤامرات الشديدة إذا لم يتم اتخاذ بعض الخطوات الواقية ستزيد العواقب الوخيمة على تركيا وستصبح "القلعة الأخيرة" في منطقة العالم الإسلامي تحت خطر يضطرها إلى الانسحاب عن الساحة، فبدلًا من أن تنسحب عن الساحة مضطرةً وفارغة الأيدي لتكسب بعض الأطراف ولتُبقي تأثيرها الدبلوماسي فعال وقوي على الساحة من خلال التوافق مع أطراف قوية، وكذلك مسألة الغاز الطبيعي؛ أوضحت إسرائيل لتركيا منذ العام الماضي أنها بحاجة إلى التعاون معها إلى نقل الغاز الطبيعي من خلالها إلى أوروبا، لماذا لا تستغل تركيا الفرصة وتجعل إسرائيل مرتبطة بها اقتصاديًا أكثر، وبالتالي يصبح لدى تركيا ورقة رابحة أكبر وأوسع للضغط على إسرائيل دبلوماسيًا واقتصاديًا؟".
ومن جانبه، يلمح المستشار السياسي في وزارة الخارجية التركية "أفق أولو طاش"، في مقاله "ما الذي يعترض التوافق التركي الإسرائيلي؟"، بأن "تركيا اليوم تواجه "التوغل" الروسي والإيراني في سوريا، وهذا ما يجعلها مُعرضة في أي وقت لعقوبات مُحتملة من الطرفين، لا سيما أن تركيا تسد حاجتها من الغاز الطبيعي من خلال استيراد ما نسبته 55% "26.9 مليون مكعب" وما نسبته 5.5% "8.9 مليون مكعب" إيران، وكما أن تركيا تواجه مماطلة غريبة من الغرب في قضية التحرك في سوريا وهذا ما يشكل تهديد مستمر على أمنها واستقرارها. هذه الأخطار التي تواجه تركيا، تجعلها مضطرة إلى التوافق مع طرف قوي في المنطقة، وإسرائيل طرف قوي يمكن أن يغير الكثير في المنطقة إذا تم التعاون معها على مستوى دبلوماسي رفيع ومستوى اقتصادي قوي".
ويتابع ألو طاش مبينًا أن "اتباع تركيا منهج السياسة الواقعية لا يصب في مصلحتها فقط بل في مصلحة المنطقة ككل، إذ ترغب تركيا من خلال التوافق مع إسرائيل اتباعًا لمنهاج السياسة الواقعية، الحصول على إمكانية تحويل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا وتزويد نفسها بكميات معينة من ذلك الغاز لكسر تبعيتها للغاز الروسي والإيراني، ومن خلال كسر التبعية لروسيا ولإيران ومن خلال تقارب العلاقات مع إسرائيل، يمكن الضغط دبلوماسيًا على إسرائيل لكسر الحصار عن قطاع غزة بشكل كامل، والضغط عليها من أجل الضغط على الولايات المُتحدة الأمريكية لتسريع الحلول في سوريا، والتخلص وبشكل جزئي من التبعية الاقتصادية للغاز الروسي والإيراني وبالتالي التحرك بشكل أكبر وأوسع تجاه القضايا العالقة في المنطقة وخاصة قضية "التخلص من داعش" وقضية "الثورة السورية".
ويجدر الإشارة إلى أن المكتب الإعلامي التابع لرئاسة الوزراء التركي أكد أن المحادثات بين الجانبين "التركي والإسرائيلي" لم تنته بعد، وما زالت مستمرة حتى تحقيق كافة الشروط الموضوعة من قبل تركيا لإعادة العلاقات إلى طبيعتها مع إسرائيل. وهذه التصريحات تؤكد عزم الطرف التركي على رفع الحصار عن غزة بالكامل من أجل إعادة العلاقات جيدة مع إسرائيل، وقد يكون رفع حصار غزة مرهون بالتقارب التركي الإسرائيلي وليس التباعد التركي الإسرائيلي، وهذا ما ستظهره نتيجة المباحثات التي لا زالت مُستمرة إلى الآن.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!