أحمد تاشكاتيران – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس

إذا كانت صورة الطفل الغريق ايلان هي صورة العام لسنة 2015، فإن صورة العام لهذه السنة قد تم التقاطها من بداية العام، فعلى شواطئ البحر تجمعت أجساد 34 طفل لتهز وجداننا 34 مرة كما هز الطفل ايلان وجداننا وهي في أحضان ذلك الشرطي. لقد غطت بزات الإنقاذ التالفة أجساد الأطفال الطاهرة، لترينا كيف أصبح حال اللاجئ وهو يحاول الفرار بروحه، ولترينا إلى أي حد وصل تدني الإنسانية!

ماذا بإمكاننا أن نقول في وصف هذه الفاجعة؟ لقد حرك جسد ايلان وجدان الدول الأوروبية فحاوروا تركيا في سبيل حل مشكلة اللاجئين، لكن ماذا بعد؟ الآن أصبح بدل الجسد الواحد 34 جسد، ماذا سيفعلون؟ ومن سيقابلون هذه المرة؟ تتحرك قلوبهم فزعة عندما تسقط تلك الأجساد الغضة على شواطئ تركيا ليلوموها، وينسوا الـ2.5 مليون لاجئ في الأراضي السورية موزعين بين المخيمات والمدن التركية. وعندما مات الرضيع ذو الأربعة أشهر بسبب البرد القارص في خيمته بباتمان حمّلوا تركيا وزر الحدث.

يأخذون بكل هذا ولا يتحرك وجدانهم لفاجعة الملايين في المدن السورية وهم مهددين كل لحظة بالبراميل المتفجرة مما يضرهم للهروب، لقد شرحنا لهم كل هذه المصائب لكن الحسابات الأمريكية والروسية والإيرانية دفعت الحرب نحو ظلمات المستنقع. في المقابل ضجوا منزعجين ومتضايقين عندما وصل إليهم قليل من أولئك اللاجئين الهاربين من ظلم الأسد. وهنا السؤال الذي يطرح نفسه: من هو المسبب الحقيقي والخائن لتلك الأجساد الطاهرة الملقاة على الشواطئ؟

على تركيا إعادة تقييم الموضوع، فالمسالة يجب ان تكون إنسانية قبل كل شيء، وعلى تركيا تقديم الازمة للعالم بالبعد الإنساني بعيدا عما قد يزعج الغرب او يضايقهم، وهي على النحو التالي:

- يجب ان تتحمل القوى العظمى مسؤولية أفعالها في الحرب السورية بدفع التعويضات، وهنا أسأل: كيف ستتحمل وتعوض روسيا ونظام الأسد عن كل تلك القنابل التي هطلت وما زالت تهطل على رؤوس الشعب السوري؟

-أخذ التدابير المناسبة لمنع خروج اللاجئين السوريين إلى أوروبا بالسفن والقوارب المهترئة وغير المناسبة (مع العلم بان خفر السواحل قام بإنقاذ أكثر من 90 ألف شخص).

- أخذ التدابير المناسبة في سوريا لمنع إخراج وتهجير السوريين منها.

- تأمين مساكن ملائمة للشروط الإنسانية لإيواء اللاجئين في تركيا وغيرها من البلدان في فصل الشتاء.

يجب أن تكون مهمة حل الأزمة السورية إنسانية في المقام الأول بعيدة عن أي حسابات سياسية أو تصورات مثل عضوية الاتحاد الأوروبي أو غيرها، ويجب تنفيذ هذه المهمة بتحريك كل المؤسسات والاتحادات الإسلامية وغير الإسلامية حتى إنجازها بشكل تام.

وفي النهاية فاني قلق من تغطية كل الفعل الإنساني الذي تقدمه تركيا بحوادث الأجساد الطاهرة على شواطئنا، ولهذا فإننا بحاجة للتخطيط والتفكير بكل حكمة.

عن الكاتب

أحمد تاشكاتيران

كاتب وصحفي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس