ندرات أرسنال – صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس
بدأت ظلال الأزمة السعودية الإيرانية تُخيم على الجمهورية الصينية التي بدأت تتحرك حديثا نحو الحرب السورية، فهل ستكون الصين طرفا جديدة في المعادلة كما كانت قلبها روسيا وأمريكا اللتان يتحملان وزرا كبيرا في تدهور العلاقات بين إيران والسعودية؟ فقد توجه مساعد وزير الخارجية الصيني زانك مينغ إلى السعودية وصرح بكل تواضع فقال: "يجب أن يكون هنالك تعاطي لمنع تعمّق الأزمة أكثر مما هي عليه"، وقال أيضا: "سيعم الهدوء الأجواء السياسية إذا تم حل الأزمة من قبل المستشارين".
يُعد تدخل الدبلوماسية الصينية لحل الأزمة بين السعودية وإيران أمرا خارجا عن المألوف، فنحن قد نتوقع تدخل فرنسا أو إنجلترا أو أمريكا لحل الأزمة وليس الصين؛ الأمر الذي يدفع للتساؤل عن الأسباب. ويمكن تلخيص هذه الأسباب على النحو التالي 1- وقوع الخليج العربي في خطة الصين الاستراتيجية لطريق الحرير التجاري الذي تعتزم تحقيقه 2- امتداد المصالح الصينية من اليونان وحتى باكستان 3- كون كل من إيران والسعودية أحد أهم مزودي الطاقة التي تعتمد عليهم الصين 4- عدم راحة الصين من تدهور الأوضاع بين البلدين، الأمر الذي قد يجلب الصراع بسبب اتفاق التعاون العسكري بين إيران والصين من جهة والغرب من جهة أخرى.
كيف تنظر الصين للشرق الأوسط؟ يوجد هنا نقطتان، الأولى: فهي ترى في مئات الأويغور الذين انضموا لتنظيم داعش في سوريا والعراق خطرا محتملا في المستقبل، الثانية: تريد استعراض عضلاتها وبسط نفوذها؛ وترى في البحر الأبيض المتوسط هدفها القادم بعدما كانت قد أجرت مناورات مع روسيا تحاكي هذا التدخل، وتجدر الإشارة هنا إلى استبعاد تدخل الصين بالقوات البرية في سوريا أو العراق بسبب رؤيتها السياسية الخاصة، فلا تحتاج الصين للتدخل العسكري لإظهار نفوذها في الشرق الأوسط، حيث يكفيها مجرد التواجد لإثباته.
زار كل من حيدر العبادي رئيس الوزراء العراق ووزير الخارجية السوري وليد المعلم الصين في الـ15 الماضية، وصرح كلا منهما بأن علاقات العراق وسوريا مع الصين استراتيجية، في المقابل لم تكن تصريحات بكين خارجة عن المألوف، فقد صرحت بأن الخيار في النهاية هو خيار الشعب، كما دعت إلى تعزيز دور الأمم المتحدة في حل الأزمة.
في السياق ذاته أتت تصريحات بكين في التعليق على موقف المعارضة السورية والتحالف الدولي مخالف لموقف روسيا، فقد قالت إن التحالف يعترف بالمعارضة السورية كما يعترف التحالف بالمعارضة، وقبلت بأن تكون بالتحالف على عكس الموقف الروسي الرافض له، وهذا يظهر أن الموقف الصيني يختلف عن نظيره الروسي بشأن الأزمة السعودية الإيرانية، حتى أننا نستطيع أن نقول إنه لو تدخلت أمريكا لحل الأزمة الإيرانية السعودية بشكل أكبر فإن الصين ستقف في صف الولايات المتحدة الأمريكية.
ولمعرفة الموقف الصيني الحقيقي يجب أن نراقب وبتمعن الزيارة المرتقبة في 23 من الشهر الحالي للرئيس الصيني جين بنغ إلى طهران، حيث سيبقى هنالك لمدة يومين. وسنعلم حينها الموقف الصيني من التعاون الاستراتيجي بين تركيا والسعودية، والتوتر الإيراني السعودي، والتقارب بين إسرائيل ومصر وتركيا، والقنبلة الهيدروجينية التي ألقتها كورية الشمالية، والتطورات العالمية الأخرى.
سيكون القدوم الصيني للمنطقة بعيدا عن التحيز لأي من الجبهات وقريبا من مصالح الصين الخاصة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس