نهاد علي أوزجان - صحيفة ميلييت - ترجمة وتحرير ترك برس

اتحاد التجمعات الكردية (KCK) أو يمكننا القول حزب العمال الكردستاني، يخرج بالنداء تلو الآخر داعيًا المواطنين المدنيين لمساندة ومؤازة حرب شوارع  وحفر الخنادق ويدعوهم كذلك للتظاهر والانتفاضة، وهو على وعلم ودراية بفشله الذريع في إقناع المواطنين الذين لم يمنحوه أكفهم ولا أكتافهم لحمل السلاح، لا بد أن نلحظ أن هناك عاملين رئيسيين في هذه النداءات الطارئة أولهما الدعم الخارجي وثانيهما الموافقة الزمنية أو التوقيت.

لا نبالغ إذا قلنا إن حزب العمال الكردستاني هو أكثر الأطراف (من غير الدول) استفادة من أحداث الربيع العربي. فالحزب وأثناء هذه الفترة حصد مكاسب مهمة ليس في تركيا وحدها وإنما في العراق وسوريا. وهو مدين بهذه المكاسب إلى تجربته السابقة، واختيار الاستراتيجية المناسبة والموافقة بين الزمن والاستراتيجية إضافة إلى الدعم المحلي والعالمي الذي حصل عليه.

لكن الربيع العربي أخذ منحى مختلفًا وتغيرت طبيعته فالأطراف التي تنادي بالعدالة والديموقراطية قليلة جدا، بالمقابل تتمثل هذه الفترة "بالخوف والأمن والإرهاب والعنف والدراما البشرية". فالتظاهرات الاحتجاجية التي يساندها العنف، والخنادق المليئة بالمتفجرات التي يُدّعى بأنها "أسلحة خفيفة" لا تحظى باهتمام كبير؛ كما لا تحظى كذلك "حرب الشوارع" المستمرة في العراق وسوريا وليبيا واليمن. وفي هذا الإطار يبدو جليًا عدم قدرة حزب العمال الكردستاني على "الموافقة الزمنية" حيث أن حزب العمال الكردستاني لم يستطع اللحاق بقطار عنف الربيع العربي ولم يركبه.

يسعى حزب العمال الكردستاني إلى تمزيق الحكومة واستفزازها وإثارة مخاوفها. ولأجل هذا الهدف بدأ بتفيذ تكتيكات حرب الشوارع التي تعلمها في كوباني (عين العرب). لكن هناك أمرًا قد غاب عنه وتجاهله في حساباته ألا وهو: أنه مدين في نجاحه في واقعة كوباني لقوات سلاح الجو الأمريكي، هذا الدعم الجوي الذي لم ولن يتحقق في (صور وسيلوبي).

على الطرف الآخر، يدرك حزب العمال الكردستاني أن نجاح مساعيه القتالية مرتبط تماما بدعم السكان والمواطنيين له، ومن الواضح أن الحزب لا يحصل على هذا الدعم اللازم من قبل المواطنيين. أحد الأسباب التي ادت لفشله كذلك هو "الجنرال شتاء" فالظروف المناخية في الإقليم تعمل ضد حزب العمال الكردستاني، قبل أن يبدأ حتى بأي عمل أو نشاط كان من الواضح فشله في التوقيت واختيار الزمن.

اقتصار حرب الشوارع هذه على مناطق محددة وعدم خروجها من حدود تلك المدن كان عاملًا آخر ضد الحزب، وحسب ما قاله مآو (ماو تسي تونغ) فإنه لا يمكن تفعيل آلية "خط العودة". أما طول استمرارية النزاعات التي تؤثر على المواطنيين مباشرة فإنها تمثل خطأً استراتيجيًا على المدى القصير مما يؤدي وكما حدث في أعوام 1992/93م إلى نفور المواطنين من الحزب وابتعادهم عنه. فالنزاعات التي تؤثر على حياة المواطنين اليومية مباشرة وتقلبها رأسا على عقب ستؤدي إلى تراجع الدعم والتأييد للحزب.

فالحياة الاقتصادية في حالة توقف جراء هذا الصراع، والبيوت والعقارات والعربات ووسائل النقل تتعرض كذلك للتخريب والحرق. أما البنية التحتية ففي حالة انهيار. فالشتاء قارس والأطفال بانتظار الخبز، والعلاج، والأطباء، والفحم والتعليم. فحزب العمال الكردستاني وفي أثناء مساعيه للنجاح يحشر المواطنين في مغامرة ومقامرة مجهولة النتيجة.

التوقيت الخاطىء والموافقة الزمنية غير المحكمة التي قام بها حزب العمال الكردستاني تمثل ميزة للسلطات والحكومة. العمليات العسكرية هي مجرد جزء من العمل الكلي. أضف لذلك أن حزب العمال الكردستاني الذي يتعلم من أخطائه لن يستمر طويلا في خطئه هذا. ما يقع على عاتق الحكومة ليس فقط تحقيق الأمن وإنما تسهيل الحياة اليومية للمواطنين الذين يسكنون تلك المناطق والمواطنين الذين اضطروا إلى ترك بيوتهم، وأن تتخذ القرارات بسرعة وتنفذ التطبيقات اللازمة لحل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية.

عن الكاتب

نهاد علي أوزجان

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس