أحمد تاشكاتيران - صحيفة - ترجمة وتحرير ترك برس

يخاطب الكلام الذي ذكره داود أوغلو في وسط أوروبا، قلوبهم قبل عقولهم، فعندما سمعت ما قال لم أجد كلمات أخرى لأقولها، لأننا نملك رئيس وزراء يقول بلسانه ما يجول في قلبه، وهو بالنسبة لنا مصدر فخر واعتزاز، ولذلك سأكتفي هنا باقتباس أبرز ما قاله داود أوغلو.

"هذا الاجتماع ليس اجتماعا من أجل دعم سوريا والمنطقة فحسب، وإنما هو اجتماع لدعم الضمير الإنساني، وإذا ما فشل هذا الاجتماع، لن تقول الأجيال القادمة إنه فشل في حل أزمة سوريا والمنطقة، وإنما هذا فشل للإنسانية جمعاء. في الصباح الباكر عندما غادرت تركيا وصل إليّ تقرير، وأنا هنا لا أريد أنْ أقرأ النص الذي أمامي، وإنما أريد أن أخاطب ضمائركم وقلوبكم، اليوم يوجد أكثر من عشرة آلاف شخص نزحوا من حلب بسبب القصف السوري، ويقفون الآن على الحدود، وهناك أكثر من 60-70 ألف آخرين تحركوا من شمال حلب نحو تركيا، اليوم أنا قلبي هناك على الحدود التركية، وأفكر بما سنقوم به تجاه هؤلاء اللاجئين وأين سنؤويهم".

"من المنتظر أن يهاجر أكثر من 300 ألف شخص من حلب نحو تركيا، علينا أن نكون صادقين، فاللاجئون الذين دخلوا إلى تركيا خلال السنوات الخمس الماضية، كانوا هاربين من بطش النظام ومن بطش الداعمين له، وحينها خرجت منظمة لا تعرف الرحمة اسمها داعش، واليوم هناك عدوان للإنسانية، هما نظام الأسد وإرهاب داعش، وعلينا الوقوف كتفا إلى كتف في وجه جرائم الحرب التي ترتكب، فمن ممكن يستطيع أن يشرح ما سبب الحصار المفروض على مضايا؟ علينا التحدث بالمشاكل التي يعانيها اللاجئون، وعلينا كذلك أن لا نهمل حل الأزمة السورية من جذورها".

"نحن نعيش الآن أكبر أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية، وقد زرت يوم أمس مستشفى في أنقرة، وقابلت فيها ثلاثة أطفال سوريين في قسم العناية المكثفة، مصابون بحروق في جميع أنحاء جسدهم، تعرضوا لها خلال عمليات قصف الأسبوع الماضي في شمال حلب واللاذقية، وفي الغرفة المقابلة كان هناك طفل تركي، وهو أيضا تعرض لحريق في وجهه جراء عمل إرهابي في تركيا، فقدر هؤلاء الأطفال واحد، وقد نظرت إلي طفلة سورية، لم أدر بماذا يوحي وجهها، لأنّه حرق بالكامل، وحاولت أنْ أتخيل وجهها الطفولي كيف كان قبل أنْ يحدث هذا القصف، كان هذا الموقف صعبا جدا عليّ كأب وكجد لأطفال".

"يوجد في تركيا الآن 2.5 مليون لاجئ سوري، وحسب هذه الإحصائيات فإنّ تركيا تضم أكبر عدد من اللاجئين السوريين مقارنة مع الدول الأخرى، من هؤلاء اللاجئين 700 ألف طفل مدرسي، منهم 300 ألف يحصلون على تعليمهم، ونريد أنْ نمنح جميع الآخرين الفرصة في التعليم، ويوجد 250 ألف سوري في المخيمات، وثلاثة اضعاف هذا الرقم يقطنون في المدن، ولم تتبق أي مدينة في تركيا لا تحتوي لاجئين سوريين، وفي منطقة كيليس الآن، 40% فقط من سكان المنطقة مواطنون أتراك، والباقي لاجئون سوريون، وأعتقد أنكم تستطيعون تخمين حجم الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على ذلك في تركيا".

"تركيا أنفقت 10 مليار دولار على اللاجئين الذين يقطنون في المخيمات فقط، وحسب هذه الأرقام، فإنّ هناك أيضا 20 مليار دولار تم صرفها على بقية اللاجئين الذين يقطنون في المدن، وخلال هذه الخمس سنوات، لم تشهد تركيا أي مظاهر احتجاجية من قبل اللاجئين السوريين والعرب وغيرهم، وهذا مصدر فخر للشعب التركي، فنحن فتحنا أبوابنا ومدارسنا وجامعاتنا ومستشفياتنا لهم، فأي لاجئ سوري يملك الآن بطاقة هوية سورية يستطيع دخول جامعاتنا، ويمكنه أنْ يحظى بالرعاية الصحية الكاملة في مستشفياتنا، وفي الأسبوع الماضي اتخذنا قرارا في المجلس الوزاري، وفتحنا أبواب العمل أمام السوريين الذين يتواجدون في تركيا. هؤلاء قد لا يكونون مواطنين أتراك، لكنهم إخوتنا، وأطفالنا، ولن نتركهم لوحدهم".

"كل إنسان يقف في وجه المساعدات الإنسانية المتجهة نحو حلب ومضايا، يرتكب جريمة ضد الإنسانية، فالناس في مضايا المحاصرة الآن لا يملكون ماء للشرب، ولا طعاما للأكل، ويتغذون على العشب".

افتخر بتركيا في القرن الواحد والعشرين، التي تملك رجلا كهذا، تركيا اليوم مصدر فخر للإنسانية، في الوقت الذي يرتكب فيه الآخرون جرائم ضد الإنسانية.

عن الكاتب

أحمد تاشكاتيران

كاتب وصحفي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس