بريل ديدي أوغلو – صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس

نشهد في الآونة الأخيرة قيام المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بمشاركة ملاحظاتها وقراراتها المتعلقة باللاجئين السوريين مع المجتمع الدولي، حسب آخر التقارير الصادرة عن المفوضية فإن عدد السوريين الذين رحلوا عن ديارهم إلى خارج الحدود قارب الأربعة ملايين ونصف المليون سوري، لا بد أننا نتساءل عن موقف الأمم المتحدة من هذه الدراما الإنسانية وما الذي تقدمه لهم، سيكون الجواب حسب تصورنا كما يلي.

بناءً على معطيات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين فإنه لم يبقَ أي مخيمات داخل سوريا مجاورة للحدود التركية، فعلاوة على الظروف المعيشية الصعبة هناك، تتعرض تلك المخيمات إلى قصف قوات تحالف الأسد - روسيا الأمر الذي يدعو للقلق. لحسن الحظ أننا تلقينا هذه المعلومات من الأمم المتحدة وإلا ما كنا لننتبه!. من جديد وعلى حسب رؤية المفوضية العليا لشؤون اللاجئين فإن التدابير الواجب على تركيا أن تتخذها بوجه موجة النزوح الجديدة هذه هو أن تترك الأبواب  مُفتحة لتستقبل كل اللاجئين الجدد.

لا أحد يتساءل لماذا تذكر تركيا ولا نسمع اسم أي دول أخرى في تقارير الأمم المتحدة. فلو وضعنا الأردن التي كانت قد أعلنت أنها تجاوزت حدود قدرتها على استيعاب اللاجئين على طرف، ووضعنا الدول الأوروبية التي ما زالت تتناقش وتتحاور ولم تستطع أن تصل إلى قرار بشأن استقبال مئة لاجىء على طرف آخر واستثنينا كذلك الولايات المتحدة التي نأت بنفسها عن الأزمة السورية لانشغالها بالتجهيزات للانتخابات الرئاسية واكتفينا بالنظر إلى دول المنطقة وأسباب عدم استقبالها للاجئين.

لتأخذهم تركيا

لماذا لا تستقبل المملكة العربية السعودية قسم من اللاجئين وتقدم لهم المأوى اللازم؟ ألا توجد مساحة كافية لذلك أم أنها أفقر من تركيا مثلا؟ يمكننا أن نستثني العراق والتي ينطبق عليها المثل القائل "لو كان عنده العلاج لداوى جراحه". لكن ما ينطبق على العراق لا ينطبق على إيران مثلا، فلماذا لا تنشئ إيران مخيمات لللاجئين مثلا؟ ولماذا لا تستقبل ولو القليل منهم؟ لماذا لا تخطر هذه الدولة على بال أحد عند الحديث عن اللاجئين؟

وبنفس المنطق روسيا، فروسيا لا يمكنها أن تتحجج "بضيق المساحة"، فروسيا تتحمل بشكل أو بآخر المسؤولية عن هذا الارتفاع الرهيب في أعداد اللاجئين لكنها وفي نفس الوقت لا تحدث نفسها باستقبال جزء منهم ولا تفكر بإنشاء مخيمات لهم عندها أو إيوائهم لحين انتهاء الحرب، على العكس فالجميع يفضل رؤية أجتياح الروس لبلدات السوريين وقراهم وترحيلهم منها قسرا وجبرا.

هؤلاء اللاجئون الذين لم يوجه لهم أحد أي دعوة قرروا بسرعة ومن تلقاء ذاتهم العبور إلى الغرب، ففي حين يرغب قسم من اللاجئون الوصول إلى تركيا يرغب قسم آخر المرور عبر تركيا إلى الغرب. بما مفاده أن هؤلاء المغلوبون على أمرهم يرغبون بالذهاب إلى الدول "الآمنة".

بما أن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ترى بأنه على تركيا استقبال هؤلاء اللاجئين إذا فهي ترى تركيا دولة "آمنة"، لكن بالطبع لا أحد يذكر هذه الكلمة عند الحديث عن تركيا ولا يستخدم هذا المصطلح أبدا ولا يتم الإعلان عنه أو الإشارة إليه من قبل دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية كما أن هذه الدول كذلك لا تتساءل لماذا على تركيا أن تستقبل كل هؤلاء اللاجئين!

ليبقوا في تركيا ولا يتركوها

الحل لهذه المعضلة الذي توصلت إليه هيئات الأمم المتحدة  المختصة باللاجئين غاية في البساطة. لتستقبل تركيا اللاجئين ولتبني لهم المخيمات ومراكز الإيواء داخل أراضيها ولتتخذ الإجراءات اللازمة للحيلولة دون انتقال هؤلاء اللاجئين إلى الدول الاخرى. أتساءل ما الذي دفع الهيئات المختصة في الأمم المتحدة وعلى رأسها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين لتخرج بمثل هذا القرار وهذ الحل؟

دار الحديث كثيرا عن حسن الخدمات المقدمة للاجئين في المخيمات وسمعنا كثيرا من الإطراء بهذا الخصوص على لسان ممثلي الهيئات المختلفة الذين يزورون المخيمات بشكل مستمر، وما هذا الإطراء بداية وهذا الحل "البسيط"  نهاية إلا كقول: "أحسنتم، استمروا فيما تقدموه بنفس الشكل فأنتم تقومون بما يجب أن نفعله نحن". ليتنا لم ندعُ أحدًا منهم إلى مخيماتنا ولم نقم معهم بالجولات هناك.

على صفحة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين المعروضة باللغة التركية هناك حل آخر. فالمفوضية تدعو اللاجئين السوريين إلى تعلم اللغة التركية وإجادتها. هذا الأمر ليس فيه ضرر لتركيا بل بالعكس يمثل أمرا جيدا فهؤلاء الناس وبعد عودتهم إلى ديارهم سيشكلون مجتمعا جديدا يجيد التركية لكن الأمم المتحدة لم تنظر إلى الأمر من هذا المنطلق ولم تقدم هذا الحل بناءً على احتمالية العودة وإنما على تصور أن كلًا من هؤلاء اللاجئين الذين وصلوا تركيا سيبقى في تركيا ويجب أن يتعلم اللغة التركية لكي ينخرط في مجتمعها ويتمازج معه، من حسن حظنا أن الأمم المتحدة موجودة وتقدم لنا مثل هذه الحلول التي لم تخطر على بال أحد منا.

عن الكاتب

بريل ديدي أوغلو

كاتبة في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس