ترك برس

أقدمت فتاتان تنتميان إلى حزب جبهة التحرير الشعبي الثوري الخميس الماضي، 3 آذار/ مارس 2016، على استهداف دورية للشرطة التركية، بواسطة سلاح رشاش وقنبلة يدوية، وانتهى الهجوم بمقتلهما وإصابة أحد أفراد القوات الأمنية إصابة طفيفة.

ودفع الإقدام والعنف اللذان أبدتهما الفتاتان خلال الهجوم، العديد من الخبراء المرموقين في مجال التحليل السياسي الاجتماعي، إلى تناول الموضوع بتفاصيله الكاملة، لملامسة الدوافع التي تجعل الشباب الذي يتمتع بالحقوق والفرص في تركيا، إلى حمل السلاح والإقدام على مهاجمة القوات الأمنية، لا سيما في ظل تكرار مثل هذه النوعية من الأعمال الإرهابية في تركيا مؤخرًا.

ويبدأ الخبير في مجال التحليل السياسي الاجتماعي الدكتور البروفسور "ناميق أجيك غوز" مقاله التحليلي بعنوان "هجوم بيرام باشا" في صحيفة "وحدت"، بالإشارة إلى أن العنف هو تصرف مقدس من قبل كل المنظمات الإرهابية الايدولوجية التي تهدف إلى إيجاد نظام محدد حسب ايدولوجيتها الفكرية.

ويعزو أجيك غوز استخدام المنظمات الإرهابية للعنف في نشاطها الأيديولوجي إلى قدرته على رفع معنويات عناصرها، إذ يتكون لديهم اعتقاد بإحراز تقدم في سبيل هدفهم، بعد إحداث موجة أحداث عنف تشغل الرأي العام لفترة من الزمن، وتُحدث حالة من الرُعب لدى مواطني الدولة المُستهدفة، الأمر الذي يجبر الأخيرة على الاهتمام بمطالبهم، على حد رؤيتهم.

ويؤكد أجيك غوز، اعتمادًا على أبحاثه الميدانية من خلال لقاء بعض عناصر المنظمات الإرهابية في سريلانكا والعراق وتركيا، أنه على الرغم من الاختلاف الأيديولوجي الشديد للمنظمات الإرهابية المتنوعة، إلا أن معظم عناصر المنظمات الإرهابية الإسلامية والشيوعية وغيرهما ترى أن الوصول إلى قمة السعادة يتم من خلال المشاركة في أعمال العنف الإرهابية التي تحدث اهتزازًا في الرأي العام لصالح منظماتهم، حتى ولو كلفهم ذلك حياتهم.

ووفقًا لما يبيّنه أجيك غوز، فإن ثمة عناصر سياسية اجتماعية تدفع الفتيان والفتيات للانضمام إلى المنظمات الإرهابية، مثل:

ـ انعدام المساواة الاجتماعية: قد تنعدم المساواة الاجتماعية على صعيد اقتصادي أو حقوقي، وكلا الحالتين تُشعران المتعرض لهما بحاجته الشديدة إلى واسطة تأخذ بيده لتغيير الواقع المرير الذي تنعدم فيه المساواة الاجتماعية، ويشترك في هذا العنصر الفتيان والفتيات، والمتدينون والشيوعيون.

ـ المستوى التعليمي: الجهل مرض ينقل المصاب به، بعيدًا عن انتمائه السياسي، إلى الظلمات. وليس احتقارًا لأهالي الريف، ولكن يُلاحظ أن نسبة الأمية والانفتاح الذهني في مناطق القرى منخفضة جدًا مقارنة بالمدن، وهذا يشكل منبعًا حيويًا للمنظمات الإرهابية التي تجد سهولة في إقناع أهل الأرياف بالانضمام إليها للدفاع عن حقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي حُرموا منها، حيث تجد المنظمات الإرهابية تفاعلًا قويًا من أهالي الأرياف في الدول النامية، للمعاناة الفعلية التي تواجهها المناطق الريفية على عدة أصعدة. وقد أظهرت أصول الإرهابيين الذين نفذوا العمليات الإرهابية باسم حزب جبهة التحرير الثوري، أن الحزب يعتمد بشكل كبير على المناطق الريفية وخاصة مناطق العلويين، لانتقاء عناصره، من خلال الترويج لنفسه على أنه منظمة تعمل لنصرة المظلومين أينما كانوا ومهما كان سبب ظلمهم، وتحريض العلويين على الدولة، بدعوى محاربتها للنظام العلوي الوحيد في العالم "نظام الأسد"، وممارسة سياسة الإقصاء ضد العلويين على صعيد سياسي واجتماعي، وعدم إلمام المواطنين ذوي الأصول العلوية القاطنين في الأرياف، بالحقيقة يدفعهم إلى الانجرار وراء أكاذيب هذه  الحركات.

ـ البيئة المحيطة: ينشأ البعض في بيئة تغرس به الفكر الأيديولوجي في الصغر، وهذا ما ينتج عناصر متعصبة بشدة لجماعة ما، ويمكن القول إن من المستحيل تغيير هذه العقول، لأنّها ترعرعت وسط بيئة أيدولوجية لقنتها بعض الأمور كمسلمات قطعية لا تحتمل الخطأ.

وفي ختام مقاله، يشير أجيك غوز إلى أن هذه هي الأسباب الأساسية في دفع البعض إلى الالتحاق بالجماعات الإرهابية في جميع أنحاء العالم، ولكن المستوى التعليمي وتجنيد أهالي الأرياف، احتلتا المرتبة الأولى بين السمات الأساسية لعناصر المنظمات الإرهابية الشيوعية المتشددة في تركيا، وهذا ما يوجب على الحكومة اتخاذ التدابير اللازمة لكبح هذه الأنشطة في كافة أنحاء تركيا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!