ترك برس

كشف النقاب مؤخرا عن وجود محادثات تركية إسرائيلية لإعادة تطبيع العلاقات بينهما كما كانت في السابق، في الثامن عشر من كانون الأول/ ديسمبر العام الماضي، وذلك من خلال مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى مُشارك في عملية التفاوض، إذ أوضح المسؤول، الذي لم يذكر اسمه، أن المسار العام للمفاوضات إيجابي، وتوصل الطرفان إلى اتفاق مبدئي، ولكن موضوع حصار غزة حال دون عقد اتفاق نهائي.

وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية أن الطرفين أحرزا تقدمًا في المحادثات، إلا أن تحفظ إسرائيل على اقتراب السفن التركية من قطاع غزة، لمدها بالكهرباء والمواد الغذائية، ومطالبتها لتركيا بإغلاق كافة مكاتب حماس في تركيا، ومنع قدوم أي من قيادي حماس إلى تركيا، وتباطؤها في قبول رفع الحصار عن غزة بشكل كامل عقد المحادثات ومد في أجلها.

وفي تعليق  له على التحفظات التي أبدتها إسرائيل خلال عملية المفاوضات، يُشير الخبير الاستراتيجي "برهان الدين ألتون" إلى أن تقييم العناد الإسرائيلي في عملية المحادثات الجارية، لا بد أن تسبقه إشارة إلى تصريحات الرئيس التركي المتعلقة بهذا الخصوص، حيث أوضح أردوغان، في أحد تصريحاته، أن هناك حقيقة إقليمية وهي حاجة إسرائيل وتركيا إلى بعضهما، للحفاظ على مصالحهما المشتركة في ظل حالة التدهور الشديدة التي تشهدها المنطقة، مبينًا أن إسرائيل تعي جيدًا مدى حاجة تركيا إليها في هذه الفترة، لا سيما في ظل خسارتها لروسيا، وخذلان الولايات المتحدة الأمريكية لها في سوريا، وانقلاب التطورات الجارية في المنطقة ضدها وضد مصالحها، لذا تحاول إبداء التعنت في بعض النقاط لقلب المحادثات لصالحها.

ويوضح ألتون أن الأنباء الواردة تؤكد أن إسرائيل التي اعتذرت لتركيا سابقا، وبذلك حققت الشرط الأول من شروط إعادة العلاقات إلى سابق عهدها، وقبلت بشرط التعويضات ولوحت بإمكانية رفع الحصار عن قطاع غزة، مضيفًا أنه على الرغم من إيجابية الأنباء الواردة إلا أن الطرفين إلى اليوم لم يتمكنا من التوصل إلى اتفاق نهائي، وهذا ما يُثير تساؤلات عن العراقيل التي تكبح انتهاء المحادثات بشكل إيجابي للطرفين.

وفي إطار محاولته للإجابة على التساؤل المطروح، يبيّن ألتون، في مقاله بصحيفة صباح "إسرائيل وتركيا؛ نحو طريق التطبيع"، أن المفاوضات لم تنتهي بعد، نتيجة لتعنت إسرائيل في نقاط أهمها:

ـ مطالبة إسرائيل تركيا بقطع علاقتها مع حماس، وعدم السماح لحماس بفتح أي مركز لها في تركيا، وطرد قياديي حماس المتواجدين داخل تركيا، ومنع قدومهم إليها.

ـ عدم رغبة إسرائيل في خسارة علاقتها الإيجابية مع نظام الانقلاب العسكري في مصر، حيث يبذل هذا النظام كل جهده للضغط على حماس وتشديد الحصار عليها، لردعها وتفكيكها، متهمًا إياها بدعم العمليات العسكرية ضد الجيش المصري، في سيناء، بالتعاون مع جماعة الإخوان المسلمين التي تربطها معها علاقة تنظيمية عضوية حسب ألتون، لذا تحاول عدم إبداء استعداد لتقديم إمكانيات واسعة لغزة.

ـ محاولة استغلال "الحرب الباردة" بين تركيا وروسيا، حيث تدرك إسرائيل أن المماطلة مع تركيا ستدفعها إلى البقاء على طاولة المفاوضات، نظرًا لحاجتها إلى عملية التوافق، لذلك فهي تغازل روسيا على حساب تركيا وتتعمد تأجيل الاتفاق، للإبقاء على فرصة التخلص من بعض عناصر حزب الله في سوريا دون معارضة روسيا لذلك.

وبدوره، ألمح نائب الرئيس الأمريكي "جو بايدن"، في تصريح لصحيفة هآرتس الإسرائيلية إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتياهو" أكّد له نيته الصادقة للتوصل إلى اتفاق نهائي مع تركيا، يُنهي حالة الجمود بين الطرفين منذ عام 2009، مبينًا أن بعض النقاط البسيطة ما زالت عالقة بين الطرفين، ولكنها غير معقدة، وسيعلن الطرفان توصلهما إلى اتفاق في القريب العاجل.

ومن جانبها، تؤكد الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط "باريل دادا أوغلو"، في مقالها بصحيفة أقشام "العلاقات التركية الإسرائيلية"، أن أي مفاوضات تجري بين الأطراف الدولية، تمر ببعض التعقيدات، ولكن إن كانت هناك حاجة متبادلة للتوافق من قبل الطرفين، فإن كل التعقيدات تُحل، وفي ظل الحاجة المتبادلة بين تركيا وإسرائيل فإن إعلان الاتفاق بينهم بات قاب قوسين أو أدنى.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!