جلال سلمي - خاص ترك برس

سبق انفجارات أنقرة المتتالية تصريحات إعلامية تهديدية لبعض مسؤولي حزب العمال الكردستاني، على رأسهم "جميل باييك" الرئيس المشارك لاتحاد التجمعات الكردستانية، الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني "بي كي كي" وعضو اللجنة التنفيذية للحزب "دوران كالكان"، حيث أشارا إلى وجود بعض "الهدايا" التي سيهدونها لتركيا بمناسبة حلول فصل الربيع.

وبعيدًا عن التحليلات المُعقدة، على ما يبدو أن "هدايا" حزب العمال الكردستاني هي مجموعة من العمليات الإرهابية الموجهة ضد الأهداف العسكرية والمدنية في المدن الكُبرى.

وفي هذا الصدد، أفادت الباحثة السياسية "سربيل جويك جان" بأنه من الممكن جدًا أن يُستنبط من رسائل حزب العمال الكردستاني بأن هناك نية جادة له للاستمرار في مجابهة تركيا عسكريًا، مستفيدًا في ذلك من الدعم الوفير الذي تقدمه له بعض الجهات الدولية، ومبينًا أنه قادر على محاربة تركيا في كل مكان، وسيستمر في حربه ضد تركيا، حتى ينال استقلالًا ذاتيًا مشابهًا لذلك الموجود في شمالي سوريا، ومؤكّدًا أن الحل العسكري، وليس الحل السياسي، هو الحل الأمثل لتحقيق ما يرنو إليه.

واستطردت جويك جان مشيرة إلى أن حزب العمال الكردستاني يهدف من خلال توسيع عملياته لتشمل كافة أنحاء تركيا، إلى إرسال رسالة سياسية عسكرية لتركيا مفادها "كل العالم يقف إلى جانبنا، وما يُثبت ذلك هو ضربنا لنقاط حساسة جدًا تعجز منظمة مسلحة عن تحديدها واستهدافها دون مساعدة بعض الجهات الأخرى، لذا لا مفر لكم من الاعتراف بنا وإعطائنا الاستقلال الذاتي في جنوب شرقي وشرقي تركيا، وإن لم يتم ذلك فالنار والدموية ستكون من نصيبكم، فالعالم معنا!".

وبيّنت جويك جان أن هذه الرسالة هي رسالة تمثيلية تحليلية، ولكن فحواها على صلة قوية بما يدور في خلد قادة حزب العمال الكردستاني في الفترة الحالية، مشيرةً إلى أن حزب العمال الكردستاني أعلن قبل انفجار أنقرة بيوم واحد فقط، أنه توصل إلى اتفاق عسكري مع 10 منظمات عسكرية أخرى مساندة لقيام دولة كردستان، وأعقب هذا الإعلان بانفجار أنقرة، في رسالة واضحة تؤكّد أنه صار أقوى من السابق، ولن يوقف تحركه ببساطة.

وأكّدت جويك جان، في مقالها بصحيفة ملييت "انفجار أنقرة وما يخفيه"، أنه يمكن النظر إلى خطط وأفكار حزب العمال الكردستاني على أنها مثالية أكثر منها واقعية، ولكن هذه هي الأفكار التي يسير على أساسها حزب العمال الكردستاني تحت قاعدة "كل واقع يبدأ من فكرة مثالية".

ووفقًا لما تورده جويك جان في مقالها، فإن من الممكن تلخيص الرسائل والدلائل التحليلية المتعلقة بانفجار أنقرة على النحو الآتي:

ـ شبكة الإرهاب في تركيا مُعقدة وواسعة ولا تقتصر على المنظمات الإرهابية المترامية بل تشمل أجهزة استخباراتية دولية بارعة في التخطيط لمثل هذه الهجمات وتنفيذها. لا يمكن لمحلل أن يجزم بذلك، ولكن لا يمكن أيضًا لعاقل أن ينفي ذلك، في ظل الإجراءات الأمنية المشددة التي وضعتها الحكومة التركية حيز التنفيذ، عقب انفجار أنقرة الأول الذي وقع في العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر للعام الماضي.

ـ تخطيط المنظمات الإرهابية لمثل هذه الهجمات يستغرق مدة زمنية طويلة ويشمل العديد من المنظمات المدنية، وهذا ما يستدعي توسيع الحكومة التركية لمستوى الإجراءات الأمنية حتى تشمل كافة المشبوهين، بصرف النظر عن مستواهم أو موقعهم الاجتماعي أو السياسي أو الحقوقي.

ـ حرب رمزية؛ يركز حزب العمال الكردستاني على استهداف أنقرة، لكونها العاصمة السياسية المركزية لتركيا، وهذا ما يعني أنها تحمل في طياتها حرب رمزية تشير إلى أن من يصل إلى قلب العاصمة ويستهدف النقاط التي يريدها، يُعتبر قوة كبيرة لا يُستهان بها، وهذا الهدف الأساسي من استهداف حزب العمال الكردستاني للعاصمة أنقرة، وليس إسطنبول أو إزمير أو غيرها من المدن الكُبرى الأخرى.

ـ الرد بالمثل؛ يحاول حزب العمال الكردستاني جاهدًا إثبات قدرته على الرد بالمثل على الهجمات التي يتعرض لها من قبل القوات التركية المُسلحة، ففي السابع عشر من شباط/ فبراير استهدف الحزب قوات السلاح الجوي بشكل خاص لتأكيد قدرته على الانتقام من القوات التي تستهدفه عبر الجو، أما استهداف كيزيلاي الأخير فيبيّن أن استمرار القوات التركية في محاربة عناصر حزب العمال الكردستاني في بعض نواحي المدن الجنوب الشرقية والشرقية "لن يمر دون عقاب، فحزب العمال الكردستاني له القدرة على ردع القوات العسكرية التركية، من خلال استهداف النقاط المركزية في أنقرة".

ويذكر أن انفجارًا إرهابيًا استهدف وسط العاصمة أنقرة مساء الأحد، 13 مارس 2016، مخلفًا 37 قتيلًا و125 جريح.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!