جلال سلمي - خاص ترك برس

صرح رئيس الوزراء التركي "أحمد داود أوغلو" بأن تركيا على علم تام بخطط تقسيم المنطقة التي تدرسها الدول الكبرى، كما حدث في اتفاقية سايكس بيكو، منوّهًا إلى أن تركيا تُبدي مقاومة عنيدة ضد هذه الخطط، ولن تسمح إطلاقًا بتحولها إلى واقع.

ووفقًا للكاتب والمحلل السياسي "أحمد تاش كاتيران"، المقرب من حكومة حزب العدالة والتنمية، فإن داود أوغلو صارح الصحفيين الذين كانوا برفقته أثناء رحلته إلى بروكسل الأسبوع الماضي، بالآتي:

"للأسف؛ كثير من العناصر الفاعلة على الساحة الدولية أحالت القضية السورية العادلة إلى طرق معتمة لم يكن يتوقع أحد أن تبوء إليها، حيث أصبح هناك الكثير من الألاعيب السلبية التي تُحاك ضدها وضد مصالح المنطقة ككل، بما فيها تركيا. الدول الفاعلة في سوريا تريد تقسيم المنطقة، كما قسمتها في اتفاقيتي سايكس بيكو وسان ريمو، ونحن نحاول بذل كافة جهودنا الممكنة للحيلولة دون نجاح هذه الدول من تحقيق مآربها التي تضر بالمصلحة العامة للمنطقة، ولكن يجب علينا الاعتراف بأننا لا نستطيع إجهاض هذه الخطط لوحدنا، بل نحتاج إلى دعم مادي ومعنوي وفير من إخواننا في المنطقة. حاولنا قبل الربيع العربي رفع الحدود والتأشيرات بيننا وبين جميع البلدان الشقيقة، وعندما قامت ثورات الربيع العربي قمنا بدعمها لتصل إلى ما ترنو إليه، ويصبح هناك منطقة منعمة بالديمقراطية والحرية، ولكن المتربصون ببلاد المسلمين أحبطوا كافة الجهود الرامية إلى ذلك".

وأشار تاش كاتيران، في مقاله بصحيفة ستار "سايكس بيكو جديدة تلوح في الأفق"، إلى أن داود أوغلو قبل الوصول إلى تركيا أكّد على أن "هذه الحرب هي حرب استقلال توجب على جميع الدول التي تقاسم تركيا طموح التطور والاستقلال توحيد جهودها معها لكبحها وتلقين الدول المتربصة أن المنطقة لم تعد تلك المنطقة المتلقية للأوامر، بل أمست المنطقة التي تفرض ما يوافق مصالحها دون النظر إلى أي من خطط الجهات الأجنبية".

وأضاف تاش كاتيران في مقاله أن "الجميع بات يرى بوضوح أن منطقتنا هي أكثر المناطق تعرضا للمؤامرات والفتن، لما تتمتع به من مقدرات حيوية، وفي ظل تلك المؤامرات التي تعود بنا إلى ما قبل 100 عام، حيث الاتفاقيات التقسيمية المشؤومة، لا يسعنا إلا أن ندعو أصحاب العقول الواعية إلى عدم الرضوخ إلى هذه الخطط من جديد".

وأوضح تاش كاتيران أن التأمل في حال منطقة الشرق الأوسط، لا ينتهي إلا بالتأكيد على أنها لم تنعم بالأمن والاستقرار منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الآن، مرجعًا ذلك إلى الخطط التقسيمية المشؤومة التي أقرتها الدول الاستعمارية التي أرادت إدامة استعمارها لخيرات هذه الدول من خلال تقسيمها وبث روح النزاع الدائم فيما بينها.

وفيما يتعلق بذلك، أكّد الباحث "رمضان كان"، في لقائه الصحفي مع قناة "أ خبر" التركية، أن "مئة عام مريرة مرت على الشرق الأوسط، نتيجة لمؤامرات الدول الاستعمارية التي شطرت الإخوة وأوقعت فيما بينهم، مشيرًا إلى أن نفس السيناريو يتكرر اليوم، حيث تحاول تركيا جاهدة إيقافه، وهذا ما جعلها عرضة للهجمات الإرهابية التي تدعمها الدول الاستعمارية بشكل مكشوف، الأمر الذي يؤكّد على حاجتها الماسة لمساعدة الآخرين لها في إيقاف هذه الخطط".

وبيّن كان أن مستقبل الشرق الأوسط في ظل هذه التطورات تبدو عليه علامات التقسيم والشرذمة، مؤكدًا أنه لا يمكن لأي طرف أن يعيد مظاهر الوحدة والاستقرار، سوى الدول الكبرى في منطقة الشرق الأوسط، دول كبرى سياسيًا وليس جغرافيًا، مثل تركيا والمملكة العربية السعودية وقطر وغيرها من الدول التي تحرص على إنقاذ الموقف في المنطقة.

وفي ختام لقائه، أشار كان إلى أن تركيا وغيرها من دول المنطقة ستدفع ثمنًا باهظًا، في حال أحرزت الجهات الأجنبية أهدافها الضارة بالمصالح العامة للمنطقة، موضحًا أن إبداء المقاومة الدبلوماسية والإعلامية والعسكرية الموحدة، إن احتاج الأمر، هو الأسلوب الوحيد الذي يكفل منع خطط التقسيم من التحول إلى واقع.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!