عبد القادر سلفي – صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس
بذلت أجهزة الاستخبارات الأمريكية منذ عام تقريبا منذ عام تقريبا جهدها لإنقاذ الصحفيين جيمس فولي و ستيفن سوتلوف الذين وقعا أسيرين في يد تنظيم الدولة الإسلامية. حيث أنها نفذت عدة عمليات من أجل إنقاذهما، ولكن محاولات الأمريكيين باءت بالفشل إلى أن قام تنظيم داعش بقتلهما ذبحا.
من جانب أخر لم تستطع إنكلترا أن تنقذ عامل الإغاثة ديفيد هاينس الذي وقع هو الأخر أسيرا بيد التنظيم حتى انتهت حياته ذبحا على يد عناصر التنظيم.
وبالعودة إلى الماضي نجد أن الولايات المتحدة الأمريكية فشلت أيضا في إنقاذ اثنين وخمسين من موظفيها الذين كانوا يعملون في القنصلية الأمريكية في إيران والذين تم اختطافهم بعيد الثورة الإيرانية التي قادها علي خامينيئي. حيث نفذت الولايات المتحدة عدة عمليات من أجل إنقاذ المختطفين، وكان من نتيجة ذلك أن اصطدمت مروحية أمريكية بطائرة حربية أمريكية أيضا في منطقة صحراوية. حيث أدت هذه الحادثة إلى سخرية الأوساط الدولية من القدرات العسكرية للأمريكيين. وبعد مرور 444 يوما قامت السلطات الإيرانية بتسليم الرهائن طواعية إلى الولايات المتحدة.
أما بالنسبة لروسيا، فقد هاجمت جماعة شيشانية بقيادة باسايف في 1 أيلول/ سبتمبر عام 2004 إحدى المدارس في ولاية بيسلان. وبعد مرور ثلاثة أيام على هذه الهجمة، قررت الاستخبارات الروسية بالاشتراك مع قواتها المسلحة تخليص الرهائن من يد الشيشانيين. فكان من نتيجة ذلك أن حدثت مجزرة أودت بحياة 200 شخص وجرح ما يزيد على 642 شخصا.
أما بالنسبة للاستخبارات التركية.
ففي 23 تشرين الأول/ أكتوبر تم إنقاذ الطيارين التركيين مراد أقبينار و مراد أغجا بعد 71 يوما من اختطافهم من قبل جماعة مجهولة في لبنان.
وفي 5 كانون الثاني/ يناير عام 2014 تم تحرير الصحفي المصور بنيامين أيغون المختطف في سوريا والذي كان يعمل في صحيفة ملييت.
10 حزيران/ يونيو عام 2014 تم تخليص 31 سائق شاحنات تركية كان تنظيم داعش قد اختطفهم قبل 23 يوما من هذا التاريخ.
20 أيلول/ سبتمبر عام 2014 تمت استعادة رهائن القنصلية الـ 49 المحتجزين منذ 102 يوما لدى تنظيم الدولة إثر عملية نوعية أذهلت العالم بأسره.
لقد تم تحرير الرهائن وتمّ معها فك الأغلال التي كانت تكبّل أقدامنا. إلا أن نقاشاً جديداً بدأ بعيد عملية التحرير هذه.
1 – على اعتبار أن المختطفين قد تم إنقاذهم. هل سيكون هناك تغيير ملحوظ في سياسة تركيا تجاه تنظيم داعش؟
2 – مقابل ماذا تم تحرير الرهائن؟ وعلى ماذا تم الاتفاق حتى استطاعت الاستخبارات التركية أن تنقذ الرهائن؟
مهما كان نوع هذا الاتفاق أو هذه المساومة، فلا يوجد شيء أغلى من شعر أو ظفر الطفلة الصغير "ألا".
لقد تم الوصول إلى النهاية السعيدة بعد 102 يوما من الكفاح والعمل السري. والآن أنا متشوق لمعرفة ردود أفعال الأحزاب المعارضة التي رفضت التوقيع على المادة الرابعة من المذكرة التي خولت الاستخبارات التركية إجراء عمليات خارج الحدود التركية.
ربما يتعرض العاملون في أجهزة الاستخبارات إلى المساءلة القانونية من قبل عناصر الكيان الموازي الذين لا يزالون يحافظون على وجودهم داخل بنية الجهاز القضائي. فكلنا نذكر كيف أن قضاة الكيان الموازي قاموا بمحاكمة أفراد الجهاز الاستخباراتي الذين قاموا بالتفاوض مع قيادات تنظيم "بي كي كي" من أجل تخليص البلاد من خطر إرهابهم. وأوقفوا شاحنات الاستخبارات التي كانت تقل المواد الإغاثية لتركمان سوريا.
هل كانت أجهزة الاستخبارات تتجرؤ على الإقدام على مثل هذه الخطوة لولا الغطاء الشرعي والقانوني لهذه العملية. لا سيما أن الكيان الموازي كانت على وشك اعتقال "هاكان فيدان" رئيس الإستخبارات التركية في 7 شباط/ فبراير الماضي.
أنتظر بفارغ الصبر تعليق حزب الشعب الجمهوري الذي قدم طلبا للمحكمة الدستورية العليا من أجل إلغاء المادة الرابعة لقانون الاستخبارات التي تنص على تفويض أجهزة الاستخبارات للقيام بعمليات خارج البلاد.
إن تصريحات الرئيس رجب طيب أردوغان بخصوص بعض التساؤلات عما إذا حصلت اتفاقية سرية بين تنظيم داعش وتركيا، أثارت فضول البعض، لأن أردوغان لم يعطِ جوابا قطعيا لهذه الاستفسارات. حيث اكتفى بقول "ولو كانت هناك اتفاقية".
لقد أثارت تصريحات أردوغان فضولي حول هذا الموضوع، فقمت بالإستفسار عن هذه الاتفاقية السرية. وعلمت أن أجهزة الاستخبارات قامت بتقديم بعض الأسماء إلى تنظيم داعش مقابل الإفراج عن الرهائن الأتراك. من الطبيعي أن تقوم الاستخبارات بمثل هذه الإجراءات وإلا كيف لنا أن ننقذ هؤلاء الأسرى من دون أن تلحق بهم أية أذية وهم بيد تنظيم مثل داعش.
وبعد أن أنقذنا الرهائن الآن، هل ستتغير سياسة تركيا بعد ذلك تجاه تنظيم الدولة الإسلامية؟ وهل ستنضم تركيا إلى التحالف ضد داعش؟
الكل يعلم أن تركيا أدرجت تنظيم الدولة الإسلامية على قائمة المنظمات الإرهابية منذ 10 تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي. وهي من أكثر الدول التي تلقى ضررا تنيجة ممارسات هذا التنظيم. فبالأمس دخل أكثر من 70 ألف لاجئ إلى أراضينا هربا من هذا التنظيم.
الولايات المتحدة الأمريكية التي لم تقدم أي مساعدات إنسانية للاجئين، تعتزم الأن قيادة الحملة العسكرية لضرب مواقع تنظيم الدولة. ولا أحد يستغرب أن تتعاون الولايات المتحدة الأمريكية - التي ولّدت هذا التنظيم بفعل سياساتها في الشرق الأوسط - مع هذا التنظيم في المستقبل.
لا بد للولايات المتحدة أن ترحل من هذه البقعة الجغرافية عاجلا أم أجلا. وسنبقى نحن نعيش هنا.
ترغب تركيا في إقامة مناطق عازلة داخل الأراضي السورية، ولكنها لن تسمح باستخدام قاعدة "إنجيرليك" لتنفيذ عمليات التحالف ضد داعش.
إن المشاركة في أي اعتداء عسكري ضد أي دولة إسلامية يعني انهيار الروية المستقبلية التركية للشرق الأوسط.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس