ترك برس

أشار المحلل السياسي، مدير قناة "العرب" السعودية جمال خاشقجي، إلى وجود أمرين أساسيين وراء نجاح واستمرار الحركة الإسلامية في تركيا، بقيادة الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان.

وقال خاشقجي في مقال له بعنوان "الإسلاميون: جمهور عريض بلا قائد حصيف"، نشرته صحيفة "حياة"، إنه "بغض النظر عن صواب وخطأ الإسلام السياسي وما إذا كانت تحتاج إليه المجتمعات العربية الحائرة، فإن ثمة جمهوراً عريضاً يريده، يؤمن برسالته، ويراه المنقذ، ومستعد أن يعطيه صوته في كل فرصة انتخابية تأتي، ولكن قدره (في بعض البلاد العربية) أن يكون تحت رحمة قيادة لا تحسن السياسة، فتجرّه من أزمة إلى أخرى لا تضر الجماعة وحدها، وإنما كل الوطن، ولكنه على رغم كل ذلك يبقى تياراً عريضاً، لا يمكن إقصاؤه وتجاهله حتى لو دخل المعتقل، أو حوصر أو ختم عليه بالشمع الأحمر".

وأضاف خاشقجي، "بالطبع هناك استثناءات تثبت القاعدة، هي تركيا أردوغان، وتونس الغنوشي، ومغرب بن كيران، ورسم هذه الاستثناءات على خريطة ذهنية، ومقارنتها بالنماذج المتعثرة سيكشف أن ثمة علاقة طردية بين تحسن الأداء السياسي للقيادة ومقدار ابتعادها عن مدرسة الإخوان المسلمين في صيغتها التقليدية، التي لم تسمح لها حياة المعتقلات والإقصاء ولا قيادات الرعيل الأول بالتطور، فلماذا يبدع الإسلامي خارج الإخوان ويتكلس داخلها؟".

وأشار خاشقجي إلى أن في تركيا أمران ساهما في نجاح الحركة الإسلامية فيها، أولهما اتفاق نخبها السياسية، إسلامية كانت أم علمانية، على مدنية الدولة والديموقراطية، فسعوا إليها وتوافقوا على تحريرها بتدرج من تغوّل الجيش عليها، ومن هنا وجدت الحركة الإسلامية، حتى في زمن مؤسسها نجم الدين أربكان المرتبط أكثر بمنهج "الإخوان"، ساحة سياسية يناور فيها، فيشكل حزباً ليحل، فيعيد تشكيله ثانية باسم آخر، ويعيد صياغته ليتفق مع السياسة السائدة وظروفها، ليحل فيكرر ثالثة، وهكذا.

وبيّن أنه "يضاف إلى ذلك أن الديموقراطية امتدت إلى القواعد المحلية، والبلديات، والمختارين، وهناك وجدت كوادر الحركة فرصتها للممارسة السياسية واكتساب خبرة من الواقع والظهور أيضاً، ومن هؤلاء رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، الذي صنع مجده السياسي بصفته رئيساً لبلدية إسطنبول، ولم يكن وحده، وإنما معظم كوادر حزبه برزوا أولاً في مدنهم وقراهم بوصفهم رؤساء بلديات ومختارين، الأمر الثاني أنهم أصبحوا وأحزابهم محترفي سياسة وليس وعاظاً ودعاة، ساسة يتعاملون مع موازنات ومشاريع، وهو ما عجزت دعوة الإخوان عن التحرر منه على رغم أنها شكلت أحزاباً سياسية تابعة لها، ولكنها ظلت دوماً تابعة لها".

وذهب الكاتب السعودي إلى أن "هذه المساحة الحرة أعطت أردوغان أيضاً الفرصة للظهور بمثابة زعيم وطني لا زعيم جماعة، ما مكنه أن يتجاوز حتى شيخه أربكان، وشكل حزباً ينافسه ويخرجه من حلبة الصراع السياسي".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!