
علي أونال - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
قال سفير سنغافورة سيلفيراجاح في مقابلة مع صحيفة ديلي صباح إن وجود ما يقرب من 3 ملايين لاجئ في تركيا، يعكس كرم وتعاطف الشعب التركي، مشيرًا إلى أن تركيا لاعب بناء في معالجة الأزمة السورية ومشكلة اللاجئين وفي الحرب العالمية ضد الإرهاب.
وأشاد السفير سيلفيراجاح باستضافة تركيا لـ 2.7 مليون لاجئ سوري، مؤكدًا أن ذلك يعبر عن كرم وتعاطف الشعب التركي.
ووصف السفير المستوى الحالي للعلاقات الثنائية مع تركيا بالممتازة، مضيفا أن بإمكان سنغافورة وتركيا زيادة حجم التبادل التجاري والاستثمارات المتبادلة، خصوصًا بعد اتفاقية التجارة الحرة بين تركيا سنغافورة، والتي هي قيد التنفيذ. بالنظر إلى المناطق فإنه يمكن للعلاقات الاقتصادية أن تحسن قطاع الطيران، خصوصًا أن تركيا تقوم ببناء ثالث مطار في إسطنبول، وأضاف السيد سيلفيراجاح أن هناك أيضًا إمكانية لتوسيع التعاون في المجالات الثقافية والتعليمية، وزيادة عدد السياح بين البلدين.
صحيفة الصباح: كأول سفير لسنغافورة في أنقرة، كيف تقيمون المستوى الحالي للعلاقات الثنائية؟
العلاقات بين سنغافورة وتركيا دائمًا حميمة وودية. ونحن نقدر قرار تركيا إرسال أول سفير لها في سنغافورة في عام 1985. كبلد صغير، تفتقر سنغافورة إلى الموارد اللازمة لإقامة سفارات في العديد من الدول. ومع ذلك، قررنا فتح سفارة في أنقرة في عام 2012، وتعيين أول سفير في تركيا في عام 2015. وهذا دليل على الأهمية المتزايدة التي توليها سنغافورة لعلاقاتنا مع تركيا.
علاقات سنغافورة الحالية مع تركيا ذات قاعدة عريضة، وتشمل العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية القوية. ويوجد العديد من الزيارات رفيعة المستوى بين تركيا وسنغافورة في السنوات الأخيرة. حيث زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سنغافورة في عام 2014 عندما كان رئيسًا للوزراء، وزار رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو سنغافورة في عام 2013 عندما كان وزيرًا للخارجية. قام رئيس وزراء سنغافورة لي حسين لونج بزيارة ثنائية إلى إسطنبول وأنقرة في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2014، تم خلالها التوقيع على البيان المشترك على الشراكة الإستراتيجية. ونعمل حاليًا على توسيع علاقاتنا في المجالات المحددة في اتفاقية الشراكة الإستراتيجية. كما زار رئيس الوزراء لي لونج أنطاليا لحضور قمة مجموعة الـ20 في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
مع وجود سفارة في أنقرة ومكتب للمشروعات الدولية في اسطنبول، سنسعى جاهدين لتعميق وتوسيع علاقتنا. ويحدوني الأمل في أننا سنكون قادرين على البناء من خلال الإنجازات التي حققناها في العلاقات الثنائية في السنوات القليلة الماضية، وتحديد فرص ومجالات جديدة لتعاون أكبر. بالنظر إلى النمو والاقتصاد القويين في تركيا وعضويتها في مجموعة الـ20، أنا واثق من أننا سنكون قادرين على العثور على مناطق جديدة، حيث يمكن لبلدينا التعاون من أجل المنفعة المتبادلة والوصول بالعلاقات السياسية والاقتصادية بين بلدينا إلى آفاق جديدة.
صحيفة الصباح: سنغافورة وتركيا هما محاور هامة ويحتلان موقعًا استراتيجيًا على مفترق طرق في النشاط التجاري، وإن كان ذلك في مناطق مختلفة. من هذا المنظور كيف تعتقد أن الموقع يمكن أن يسهم في العلاقات الثنائية؟
الموقع هو من العوامل الهامة لإمكانات نمو بلد ما. كبلد صغير مثل سنغافورة بدون أي موارد طبيعية، لا يمكننا أن ننجح، لو لم يكن لدينا موقع جيد. نحن محظوظون بوجودنا في وسط منطقة متنامية اقتصاديًا في جنوب شرق آسيا محاطة باثنتين من الاقتصادات الكبرى: الصين في شرقنا والهند في غربنا. وبالمثل، تركيا لديها ميزة كونها تقع في منطقة إستراتيجية مع إمكانية وسهولة الوصول إلى أوروبا والبلقان وجمهوريات آسيا الوسطى والشرق الأوسط وأفريقيا. ونحن ننظر في إمكانية نمو في العلاقات بين تركيا وسنغافورة على مستويين:
على المستوى الأول، يمكن لسنغافورة وتركيا زيادة التجارة والاستثمار مع بعضهما البعض، وخصوصاً مع توقيع الاتفاقية الحالية للتجارة الحرة بين وتركيا وسنغافورة. في عام 2015، بلغت قيمة إجمالي التجارة الثنائية 1.09 مليار دولار، أي بزيادة قدرها 20.9% عن عام 2014.
على المستوى الثاني، يمكن لسنغافورة أن تكون بمثابة مركزاً للشركات التركية التي ترغب في زيادة حجم التبادل التجاري والاستثمارات في جنوب شرق آسيا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ. وأيضًا تقدم سنغافورة مثل هذا الدور للعديد من الشركات الأوروبية والأمريكية واليابانية، ويمكنها أن تفعل الشيء نفسه بالنسبة للشركات التركية. وبالمثل، يمكن لتركيا أن تكون بمثابة مركز للشركات السنغافورية التي ترغب في الاستثمار والتجارة في منطقة البلقان، وآسيا الوسطى وأفريقيا والشرق الأوسط. لدى الشركات التركية فهم جيد ومعرفة بالعمليات التجارية والأسواق والفرص الاقتصادية في هذه المناطق، ويمكن لشركات سنغافورة أن تستفيد من هذا، وتتشارك مع الشركات التركية للدخول في هذه المجالات. حيث تجد الشركات صعوبة في التوسع في المناطق البعيدة. والشريك الذي يمكنه أن يساعد في تقديم رؤى محلية هو أمر ضروري لأية إستراتيجية عمل قابلة للتطبيق للمضي قدمًا.
صحيفة الصباح: هل تعتقد أن الوضع الحالي للعلاقة هو انجاز لكلا البلدين؟ ما هي المجالات الرئيسية التي يحتاجها البلدين للتحسين؟
علينا ألا نأخذ الحالة الراهنة للعلاقة باعتبارها أقصى ما يمكننا تحقيقه. في حين أن كلا من تركيا وسنغافورة قد عملتا بجد لتحقيق العلاقات الممتازة التي اليوم نتمتع بها، وأعتقد أنه لا يزال هناك الكثير يمكننا القيام به؛ إذا توفرت الإرادة السياسية والجهد الاقتصادي. وقد تضاعف الاقتصاد التركي ما بين عامي 2003 و 2014، من 305 مليارات دولار إلى 800 مليار دولار. وبالمثل، نما اقتصاد سنغافورة خلال نفس الفترة من 124 مليارات دولار إلى 286 مليار دولار. ونظرًا للنمو الهائل عند كلا الجانبين، ومع انخراط كلا البلدين في قطاعات جديدة، أنا واثق من أنه سيكون هناك المزيد من الفرص لكلا البلدين للاستفادة من نقاط القوة الاقتصادية النسبية من أجل المصلحة المتبادلة. حققت سنغافورة استثمارات كبيرة في ميناء مرسين في تركيا مع الشركة التركية أكفين. يجب علينا الآن استكشاف مجالات أخرى مثل قطاع الطيران، خصوصا أن تركيا تقوم ببناء ثالث مطار اسطنبول، وأيضًا تقوم سنغافورة ببناء محطة خامسة في مطار شانغي. وهناك أيضا إمكانية بالنسبة لنا لتوسيع تعاوننا في المجالات الثقافية والتعليمية، وزيادة عدد السياح بين بلدينا.
صحيفة الصباح: فيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية، أي القطاعات لديها إمكانية أكبر لمزيد من التعاون؟
في نهاية المطاف، بالنسبة لرجال الأعمال الأتراك والسنغافوريين عليهم تحديد المجالات حيث يمكننا تعزيز العلاقات الاقتصادية. ونرى فرصة مهمة للتعاون بين تركيا وسنغافورة في قطاع الرعاية الصحية. فسنغافورة مركزًا طبيًا في آسيا، وبالمقابل تطمح تركيا إلى أن تصبح مركزًا طبيًا لمنطقتها بما يتماشى مع رؤية عام 2023. حيث يمكن لسنغافورة أن تتشارك بخبراتها وقدراتها لمساعدة تركيا في تحقيق هذا الهدف. نحن متحمسون فيما يخص برنامج الرعاية الصحية في تركيا، والاستثمارات في مجال الرعاية الصحية من قبل اللاعبي الخاصين والعامين. وأيضاً سنغافورة مهتمة في تطوير الطاقة الشمسية، وهناك معهد أبحاث للطاقة الشمسية في سنغافورة. لذلك يمكن أن يكون ذلك أحد المجالات التي يمكن لكلا البلدين التعاون فيه.
تركيا هي الشركة الرائدة عالمياً في البناء والتشييد. وأنا أتوقع أن الطلب على مشاريع البنية التحتية في سنغافورة ودول أخرى سيزداد بشكل كبير في السنوات المقبلة، بينما اقتصادات هذه البلدان في نمو وتطور، الطلب على النقل والإسكان وغيرها من البنى التحتية يتطور. يمكن للشركات التركية أن تقديم عروض لهذه المشاريع في منطقة رابطة دول جنوب شرق آسيا (ASEAN).
وعلاوة على ذلك، تركيا هي واحدة من أكبر الوجهات السياحية في العالم. وقد كانت سنغافورة أيضًا قادرة بنجاح على زيادة وفود السياح إليها في السنوات القليلة الماضية. وتساعد السياحة اليومية بواسطة الرحلات الجوية بين تركيا وسنغافورة على تعزيز التعاون الاقتصادي. ولدى الخطوط الجوية السنغافورية رحلات يومية بين سنغافورة واسطنبول في أشهر الصيف، وخمس رحلات أسبوعياً خلال أشهر الشتاء. مثل هذه الاتصالات تسمح لمزيد من التدفقات السياحية وتساعد على خلق فهم أفضل لثقافات البلدين.
صحيفة الصباح: تم توقيع اتفاقية التجارة الحرة (FTA) بين تركيا وسنغافورة المتوقع دخولها حيز التنفيذ في الأشهر المقبلة، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 أثناء زيارة رئيس الوزراء لي لتركيا بمناسبة قمة قادة مجموعة الـ20. كيف تعتقد أن تتأثر العلاقات التجارية من خلال اتفاقية التجارة الحرة؟
اتفاقية التجارة الحرة هي اتفاقية تاريخية بين سنغافورة وتركيا. حيث تم إكمالها في وقت قياسي، وهي اتفاقية التجارة الحرة الشاملة للجيل الجديد. بعد أن تم التصديق على اتفاقية التجارة الحرة من قبل البرلمان التركي، ستدخل حيز التنفيذ في كلا البلدين. وأعتقد أن اتفاقية التجارة الحرة لديها إمكانات هائلة لنمو العلاقات الاقتصادية بين سنغافورة وتركيا.
قللت الاتفاقية من الحواجز أمام التجارة والاستثمار بين سنغافورة وتركيا، وعززت الوصول إلى قطاعات الخدمات والأسواق والمشتريات، فضلاً عن تعزيز المزيد من التواصل بين الشركات والناس. سيتم تخفيض الرسوم الجمركية على صادرات سنغافورة إلى تركيا بنسبة 80% فور نفاذ اتفاقية التجارة الحرة على مدى 10 أعوام. كما يستفيد المستوردون والمستهلكون الأتراك، بما في ذلك في مجال الالكترونيات، والمستحضرات الصيدلانية والمواد الكيميائية والمنتجات الغذائية المصنعة من إلغاء الرسوم الجمركية التركية بموجب شروط المنشأ.
كما تعزز اتفاقية التجارة الحرة الاستثمار بين تركيا وسنغافورة، وتفتح المزيد من فرص العمل عبر مجموعة متنوعة من القطاعات لكل من سنغافورة والشركات التركية. ومع ذلك، الأمر متروك لكلا رجال الأعمال الأتراك وسنغافورة للاستفادة من هذا الاتفاقية للبحث عن المزيد من فرص العمل. ولذلك فمن المهم بناء الوعي باتفاقية التجارة الحرة في أوساط الأعمال لدينا بحيث تجني فوائدها المرجوة.
صحيفة الصباح: كيف لإمكانية إشراك تركيا في المبادرات الإقليمية مثل التعاون الاقتصادي آسيا في المحيط الهادئ (APEC) ورابطة دول جنوب شرق آسيا (ASEAN) أن تساهم في العلاقات مع سنغافورة والجهات الفاعلة الإقليمية الأخرى؟
أفهم أن تركيا تبحث في أن تصبح شريكاً في رابطة دول جنوب شرق آسيا. وبالمقابل ترحب سنغافورة باهتمام تركيا في وجود شكل من أشكال العلاقة المؤسسية مع رابطة دول جنوب شرق آسيا. أن تصبح شريكاً في الحوار القطاعي هي بداية جيدة لأن ذلك سيعزز علاقات تركيا مع بلدان رابطة دول جنوب شرق آسيا على المستوى الثنائي والجماعي. هناك سبع سفارات لرابطة دول جنوب شرق آسيا في أنقرة. ونحن سعداء لمعرفة أن تركيا لديها سفارات في تسع بلدان في رابطة دول جنوب شرق آسيا، وسيفتح قريبًا سفارة في البلد المتبقي من بلدان رابطة دول جنوب شرق آسيا.
رابطة دول جنوب شرق آسيا آخذ في الارتفاع. معا، وتشكل الدول العشرة الأعضاء في الرابطة سابع أكبر اقتصاد في العالم، ويبلغ عدد سكانها 622 مليون نسمة والناتج المحلي الإجمالي 2.6 تريليون دولار في إجمالي التجارة لعام 2014. وكان إجمالي التجارة في عام 2014 لرابطة دول جنوب شرق آسيا تريليون دولار، وشكلت تجارة رابطة دول جنوب شرق آسيا 24% من إجمالي تجارة رابطة دول جنوب شرق آسيا في 2014. من الشركات متعددة الجنسيات في العالم، 227 شركة لها حضور في رابطة دول جنوب شرق آسيا، مع ما مجموعه 1.068 تريليون دولار في الإيرادات. مع تأسيس مجموعة رابطة دول جنوب شرق آسيا الاقتصادية (AEC) في ديسمبر/ كانون الأول عام 2015، سيكون هناك فرص وفيرة للشركات التركية للاستثمار والتجارة في سوق تلك الرابطة. ستتوقع رابطة دول جنوب شرق آسيا نمواً بنسبة 100% في حجم التجارة إذا تم تحقيق إصلاحات في مجموعة رابطة دول جنوب شرق آسيا الاقتصادية (AEC)، منها 25% ستشكل التجارة الداخلية في رابطة دول جنوب شرق آسيا، وستشكل 75% تجارة رابطة دول جنوب شرق آسيا مع بقية العالم.
صحيفة الصباح: هل هناك أي شيء تود إضافته؟
تقع تركيا في منطقة إستراتيجية جداً من العالم. وقد لعبت تركيا دورًا هامًا في مواجهة التحديات المعقدة التي تواجهها في هذه المنطقة. فاستضافة تركيا لـ 2.7 مليون لاجئ سوري تعكس كرم وتعاطف الشعب التركي. وقد أخذت تركيا على عاتقها هذا العبء أكثر من أي بلد آخر. وتركيا لاعب بناء في معالجة مشكلة اللاجئين جنبًا إلى جنب مع الاتحاد الأوروبي، وفي الحرب العالمية ضد الإرهاب. نأمل مع مساهمة تركيا والهامة والمجتمع الدولي ستكون قادرة على التصدي لهذه التحديات على نحو فعال وتحقيق السلام والاستقرار والازدهار في هذا الجزء من العالم. هذا هو شرط هام للتنمية الاقتصادية والنمو، ونحن جميعًا بحاجة إلى تحسين رفاه ومستوى معيشة شعوبنا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!