ترك برس

بثّت قناة الجزيرة القطرية، الجزء الأول من سلسلة أفلام وثائقية بعنوان "خطوط على الرمال.. مئة عام على سايكس بيكو"، في ذكرى حلول مئة عام على اتفاقية سايكس بيكو التي تقاسمت فيها بريطانيا وفرنسا أملاك الدولة العثمانية.

مع بداية القرن الـ 18 الميلادي، تصاعدت قوة الإمبراطورية الروسية والنمسا وفرنسا وبريطانيا، وباتت الإمبراطورية العثمانية فريسة للأطماع والتطلعات الأجنبية، وخلال فترة الحرب العالمية الأولى، عقدت فرنسا وروسيا وبريطانيا "اتفاقية القسطنطينية" التي نصت على منح روسيا الأراضي التركية ومهدت "لاتفاقية سايكس بيكو".

ويسلط الفيلم، الذي نشرته الجزيرة يوم الخميس (19/5/2016)، الضوء على الأوضاع السياسية التي شهدتها الدولة العثمانية في الفترة من القرن الـ 18 وحتى توقيع الاتفاقية في القرن الـ 19، وكذلك الأطماع الروسية والبريطانية والفرنسية في تركة الدولة العثمانية.

ويقول أستاذ التاريخ في جامعة مرمرة جنكيس طومال "مع حلول القرن الـ 18 بدأت هزائم الدولة العثمانية، وظهر أن هناك خللا فيها لم تستطع معه مواكبة الثورة الصناعية في أوروبا"، حسبما أوردت الجزيرة.

ويروي الفيلم بداية انحسار الدولة العثمانية، حيث فقدت الجزائر عام 1830، وبعدها خرجت مصر من عباءتها، وأصبحت تدريجيا تحت النفوذ البريطاني، الذي امتد لمناطق في شبه الجزيرة العربية، في حين بقي العرب في ولايات العراق وسوريا الكبرى والحجاز مواطنين في الدولة العثمانية يعيشون ديمقراطية وليدة، كما شهدت تلك الفترة دخول الحداثة والأفكار الأوروبية والديمقراطية إلى الدولة العثمانية.

ويشير الفيلم إلى أن الهزيمة القاسية التي منيت بها الدولة العثمانية عام 1912 على يد تحالف بلغاريا واليونان وصربيا والجبل الأسود في حرب البلقان الأولى، طوقت التوتر بين النخب العربية ومقر الحكم العثماني. وفي شهر يوليو/تموز 1914، اندلعت الحرب العالمية الأولى بين دول الحلفاء، في مقدمتها بريطانيا وفرنسا وروسيا القيصرية، في مواجهة ألمانيا والنمسا، قبل أن تقرر الدولة العثمانية الانضمام إلى ألمانيا بعد مدة وجيزة.

وبحسب المؤرخ بشير نافع، فقد كان الخيار العثماني الأول الاصطفاف إلى جانب فرنسا وبريطانيا وروسيا، لكن الروس بشكل أساسي كانت لهم أهداف توسعية في منطقة المضايق، ولم يكونوا حريصين على أن يكون الطرف العثماني شريكا لهم.

ويروي الخبير الروسي في تاريخ البلدان العربية أندريه ستيبانوف أن روسيا خاضت 12 حربا ضد الأتراك على مدى ثلاثة قرون، واستولت على القرم، وأزاحت السيطرة العثمانية عن مناطق القوقاز والبلقان، وكانت المصالح الروسية تتطلب السيطرة على منطقة المضايق المائية لسهولة الحركة من البحر الأسود إلى البحر الأبيض المتوسط وأوروبا.

وفي فبراير/شباط 1915، قادت بريطانيا حملة عسكرية على الدولة العثمانية عبر مضيق الدردنيل في محاولة للوصول إلى إسطنبول، الأمر الذي أقلق الروس على مطامعهم في الممرات المائية العثمانية، وهو ما دفعهم لانتزاع تعهد من باريس ولندن في "اتفاقية القسطنطينية" تمنح الروس أرضا وممرات مائية عثمانية عند انتهاء الحرب بانتصارهم.

ويشير الفيلم إلى أن بريطانيا شكلت لجنة "دوبنسون"، وكانت مهمتها البحث في الخيارات المتاحة أمام بريطانيا لتكون مستعدة بشأن ما تريد الحصول عليه عندما يحين موعد التفاوض مع فرنسا.

وعملت اللجنة في ضوء الاعتقاد السائد بلندن في ذلك الوقت بأن الفرنسيين يريدون سوريا الكبرى، بينما كان البريطانيون منشغلين بإحكام سيطرتهم على منطقة الخليج العربي، وتأمين سيطرتهم على قناة السويس بمصر.

واستطاع سايكس أن يقنع اللجنة والحكومة البريطانية بخطته لعقد اتفاقية مع الفرنسيين لتقسيم المنطقة العربية إلى منطقة نفوذ بريطانية فرنسية مشتركة، على أن يمتد النفوذ البريطاني من ساحل المتوسط إلى التخوم المطلة على الأراضي الإيرانية، ومنع أي قوة من الوصول إلى الخليج العربي والبحر الأحمر.

وبعد هزيمة الفرنسيين والبريطانيين أمام العثمانيين في معركة الدردين، تحول تفكير الحلفاء إلى إجبار العثمانيين على خوض معارك داخلية، فتوجهوا إلى أشراف مكة الذين أبدوا مسبقا للبريطانيين رغبتهم في تشكيل تحالف معهم ضد العثمانيين، كما أذكى إعدام الوالي العثماني بسوريا جمال باشا عددا من السوريين بتهمة التخطيط للانفصال عن الدولة العثمانية فكرة إنشاء دولة عربية.

وفي يوليو/تموز 1915، أرسل الشريف حسين بن علي أول رسالة إلى المعتمد البريطاني في مصر هنري مكماهون يعرض فيها دعمه للندن في حربها ضد العثمانيين مقابل دعم بريطانيا لقيام مملكة مستقلة تجمع الولايات العربية في آسيا، ويكون الهاشميون على رأسها.

وفي الشهر نفسه الذي وعد فيه مكماهون الشريف حسين بقيام مملكة عربية تضم أجزاء من سوريا، أكد البريطانيون لفرنسا أن أي اتفاق مع العرب لن يتم إلا بموافقتهم، فأرسلت فرنسا جورج بيكو للتوصل لاتفاق مع البريطانيين، بينما اختار البريطانيون مارك سايكس ممثلا لهم، وتوصل الطرفان لاتفاق يقسم المنطقة العربية إلى مناطق تخضع لسيطرة فرنسا وأخرى لبريطانيا، ووضعت فلسطين تحت الوصاية الدولية، ومنحت أراض أخرى لمملكة الشريف حسين.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!