أمين بازارجي – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

العالم بأسره مشغول في هذه الأيام بمسألة تنظيم الدولة الإسلامية. حيث تعقد الدول العظمى اجتماعات متتالية لإيجاد الحلول المناسبة من أجل التخلص من هذا الخطر. وبالتوازي مع هذه الاجتماعات، تستمر الضربات الجوية ضد مواقع تنظيم الدولة التي ربما تطول لسنوات عدة حسب ما أفاد به الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع الأمريكية.

صحيح ما يقوله هذا الناطق. لأن مشكلة تنظيم الدولة ليست وليدة اللحظة. إنما هي حصيلة سنوات طويلة تراكمت لتنفجر الآن. فالاحتلال الأمريكي و استبداد نظام الأسد في الحكم وحتى الانقلاب العسكري الذي حدث في مصر مؤخرا كان من بين الأسباب التي ولدت تنظيم الدولة الإسلامية.

رئيس الشؤون الدينية التركية "محمد غورمز" ينظر إلى هذه المشكلة من منظار أوسع، حيث قال "إن مثل هذه الحركات لا تظهر في العالم الإسلامي عندما تكون شروط الحياة مناسبة. إن مثل هذه الحركات تتشكل نتيجة الظلم والاضطهاد والعنف والجهل".

وتابع غورمز قائلا "إن تنظيمات مثل داعش وبوكو حرام وتنظيم الشباب وغيرهم لا يختلفون عن بعضهم البعض. والجانب المشترك لهذه التنظيمات، أنهم ظهروا نتيجة للظلم الذي مارسته الإمبريالية الغربية على العالم الإسلامي منذ عقود طويلة" وهذا يعني بأن الغرب قد ساهم في ظهور هذه الجماعات من خلال ممارساته القمعية.

لقد قامت تركيا بتحذير الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية من أن سياسة المالكي الطائفية في العراق وكذلك سياسة بشار الأسد القمعية في سوريا ستولدان جماعات متطرفة في هذه المنطقة. وقد طلبت من الغرب اتخاذ التدابير العاجلة من أجل منع ظهور مثل هذه الحركات. لكن أحدا لم يصغي لنداء تركيا حينها.

النتيجة كما ترون. فقد أدركوا الآن أن تركيا كانت محقّة في تحذيراتها. فهم يحاولون الآن إيجاد الحلول، لكنهم ولجهلهم بالمنطقة وحساسيتها، يواصلون ارتكاب الاخطاء.

لقد التقيت بالسيد محمد غورمز في مكة المكرمة وتباحثنا مطولا في هذا الموضوع. فقد سرد أفكارا هامة، حيث قال "لا أحد يستطيع أن ينسب أفعال هؤلاء من قتل وتقطيع للرؤوس وتشريد للسكان وحرق لأضرحة الأنبياء إلى الدين الإسلامي ولا حتى إلى أي مذهب من مذاهب الدين الإسلامي".

وتابع غورمز قائلا "لقد شهد تاريخ الإنسانية مثل هذه التأويلات الخاطئة للتعاليم الدينية من قبل. حيث تم تحريف تعاليم التوراة من قبل فئة معينة من البشر. واتخذوا من التوراة المحرفة مبررا لاغتصاب أراضي هذه المنطقة وإقامة دولتهم عليها".

أتسائل هنا. هل هناك فرق بين بين عقلية تنظيم داعش وعقلية من يدّعون بأن التورات وعد لهم هذه الأراضي؟

إن هؤلاء الذين يدّعون بأن التوراة قد وعدتهم بإقامة دولتهم فوق هذه المنطقة، لم يترددوا في استخدام كل وسائل القمع والقتل من أجل تحقيق حلمهم هذا. فقد أباحوا لانفسهم كل الطرق المؤدية إلى هذا الهدف.

وأمام هذا المشروع الدموي، ظل العالم بأسره متفرجا على المجازر التي ترتكب في هذه المنطقة ولم يحركوا ساكنا. بل وأعطوا المشروعية الكاملة لما يقوم به هؤلاء. لقد أيّد العالم بصمته حركات إرهابية مماثلة لداعش.

إن وجود تنظيمات مثل داعش وغيرها في المنطقة ما هي إلا وليدة تراكمات سنين الظلم والاضطهاد الغربي على العالم الإسلامي. وكما قال رئيس الشؤون الدينية " إن الدين الإسلامي جاء لنشر الأمن والسلام في العالم" لكن ما وصلنا إليه اليوم هو أن الدين الإسلامي أصبح يُذكَر إلى جانب العنف والإرهاب. فقد جهز الغرب البنية التحتية لهذا وجاء الذين يدّعون إنهم يعملون بتعاليم الدين الإسلامي ليزيدوا الطين بلة.

يجب على العالم الإسلامي مناقشة الأسباب التي أدت إلى ظهور تنظيمات مثل داعش وغيرها بأسرع وقت ممكن. وعلينا إيجاد الحلول وتطهير الدين الإسلامي من هؤلاء.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس