كليتش بوغرا كانات - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

كتبت عدة مرات في هذا العمود أن الصراع الدائر في سوريا، وما فيه من مآسي ومجازر وانتهاكات للأعراف الإنسانية، سيكون البعد الأكثر أهمية في إرث السياسة الخارجية لإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما.

بالنسبة لكثير من المراقبين والمحللين، فإن سياسة الإدارة الأمريكية في سوريا بعد خمس سنوات من الصراع في هذا البلد لا تزال ملغزة.  وهذا توصيف صحيح خاصة أنه بعد سنوات من ارتكاب كثير من الأخطاء الخطيرة في العراق عندما كان جورج بوش رئيسا، كان الجميع يتوقعون ساسية أكثر شمولا من إدارة أوباما. ومع ذلك ففي نهاية المطاف صار واضحا أن الدرس الوحيد الذي تعلمه أوباما وأعضاء إدارته من هذه الفترة كان سياسة عدم التدخل، وجرى تنفيذ هذه السياسة للأسف وسط حالة تتطلب تدخلا جديا من القوى العظمى في العالم أكثر من أي بلد آخر. وقد وجه كثير من المسؤولين في الإدارة السابقة انتقادات خطيرة لتعامل الإدارة الأمريكية مع الوضع في سوريا. ومن هؤلاء وزيرا الدفاع السابقان ليون بانيتا وتشاك هاجل، ووزيرة الخارجية السابقة والمرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة هيلاري كلينتون، والسفيران السابقان روبرت فورد وفريد هوف اللذين تطرقا إلى سياسة الولايات المتحدة في سوريا، وأعضاء سابقون في مجلس الأمن القومي مثل فيل غوردون. كتب كثير من المحللين والمراقبين لسياسات الشرق الأوسط عن غياب حس التوجيه والاستراتيجة في سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا.

مساء يوم الخميس ظهرت مجموعة جديدة من المنشقين على سياسة إدارة أوباما في سوريا، حيث ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن عشرات الدبلوماسيين الأمريكيين الذين يعملون حاليا في وزارة الخارجية والمعنيين بسياسات الشرق الأوسط كتبوا مذكرة داخلية حول الوضع الحالي لسياسة الولايات المتحدة بشأن الصراع في سوريا.

ووفقا لتقرير الصحيفة، فقد وقع على المذكرة الداخلية أكثر من 50 دبلوماسيا أمريكيا، وتضمنت المذكرة انتقادا حادا لإدارة أوباما. كما حثت المذكرة الولايات المتحدة على القيام بعمل عسكري ضد نظام بشار الأسد من أجل التعامل مع انتهاكه لاتفاقيات وقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد. وبحسب نيويورك تايمز، أوصت المذكرة أيضا الإدارة الأمريكية بالاستخدام المدروس للأسلحة بعيدة المدى وأسلحة جوية ستدعم وتوجه العملية الدبلوماسية العنيدة التي تقودها الولايات المتحدة.

وعلى الرغم من أن مذكرة المنشقين ليست  أمرا استثنائيا في السياسة الأمريكية، فقد أبرز التقرير أن عدد الموقعين عليها كبير للغاية، إن لم يكن غير مسبوق.

تكشف المذكرة عن أحدث مجموعة من الناس لا تشعر بارتياح بل تشعر بالإحباط من طريقة تعامل إدارة أوباما مع الحرب الأهلية في سوريا. وعلى الرغم من وصف بعض المسؤولين لتصميم إدارة أوباما على عدم استخدام القوة العسكرية الأمريكية بأنه نجاح وإنجاز، فإن الحقيقة أن عدم التدخل وعدم التحرك كان تكتيك الإدارة الوحيد الذي قيد من خياراتها إلى حد كبير.

وبعد خط أوباما الأحمر لكيمياوي الأسد مضى الوضع ليثبت تراجع قوة الردع الأمريكية بشكل ملحوظ. فمن ناحية أعطى تراجع أوباما عن الخط الأحمر الضوء الأخضر لنظام الأسد لمواصلة القتل بالأسلحة التقليدية، ومن ناحية أخرى قلص من نفوذ الولايات المتحدة على الساحة الدولية. وبناء على ذلك تراجع الضغط الدبلوماسي والسياسي الذي كان بمقدور الولايات المتحدة أن تمارسه على نظام بشار الأسد وحلفائه في المحافل الدولية.

عند هذه النقطة يزداد المعارضون لسياسة أوباما وإدارته في سوريا من خلال مساهمة الفاعلين والمراقبين في عملية صناعة القرار. ويبدو أن هذا التوجه سيستمر، وستتسع الشكوى من سياسة إدارة أوباما في سوريا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس