نهال بينغيسو كراجا – صحيفة خبر تركيا – ترجمة وتحرير ترك برس

تحركت القوات التركية في الحدود الجنوبية وتقدمت نحو جرابلس وفرضت السيطرة عليها مع أنباء زيارة المبعوث الأمريكي جو بايدن، هذه السيطرة لن تكون ذات فائدة حقيقية إلا إذا فرضت عنصر الاستمرارية، فعملية التدخل في الملف السوري هي في الحقيقة أمر سهل، لكن الصعب في الأمر هو وجود حلول واقعية تُرضي كافة الأطراف وتستطيع أن تصمد وتجلب الاستقرار للمنطقة، فالتدخل من أجل إبعاد داعش عن الحدود حتى وإن تمت معارضته في البداية من قبل الدول القوية، لكن الإرادة التركية استطاعت أن تحققه بعد تجاوز أزمة الانقلاب الأخير وكشف بعض الأوراق الخفية التي كانت تهدد بتوسيع مستنقع الإرهاب من سوريا إلى داخل الحدود التركية عبر مختلف التنظيمات الإرهابية كتنظيم فتح الله غولن.

بعد فرض المعادلة الصعبة على تركيا واتهمها بكل باطل بأنها تدعم وتحرك تنظيم داعش بعمليات استخبارية وإعلامية قذرة، كما حصل في مؤامرة اتهام المخابرات بتسريب السلاح عبر خطوط نقل المساعدات التركية، وغيرها من الحملات الواسعة والمنظمة لبروباغاندا استهدفت شخص أردوغان، كقولهم "كل التفجيرات التي تحصل في تركيا إنما هي من فعل أردوغان" وقولهم "لقد وضع أردوغان يده بيد تنظيم داعش"، وقولهم "إن تركيا لا تريد حرب داعش". في مقابل كل ذلك البهتان والضلال منعوا تركيا من تقديم أي دعم نوعي للمعارضة؛ فانتفش تنظيم داعش في الفراغ الحاصل، وبرز نجمه ليغطي بجرائمه على فظائع الأسد السابقة واللاحقة، مما دفع بالأمريكان حتى يقولوا ويقرروا بأن دور الأسد سيكون بعد القضاء على داعش، فانطلوا من بعدها فرحين بحليفهم الكردي الجديد، فرفعوه وجعلوا منه البطل الجسور الذي قضى وسيقضي على داعش.

تحدث الرئيس أردوغان في قمة العشرين مع كل من الرئيس الأمريكي ونظيره الروسي في مسألة تأمين الشريط الحدودي من جرابلس وحتى إعزاز، بعدها دخلت روسيا المعركة وتصرفت ضد الإرادة التركية بضربها للتركمان والمعارضة وتجاهلها لكل النداءات، فردت أنقرة بإسقاط الطائرة؛ الأمر الذي أدى إلى تدهور العلاقات بين الاثنين حتى أيام قليلة ماضية. عادت المياه إلى مجاريها مع روسيا بعد جهود مضنية للوسطاء، لكن وفي لحظة الصفر كنا مع هجوم إرهابي جديد لداعش في مطار أتاتورك، فاستغل حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي وتنظيم غولن هذا الحدث كما في كل مرة للترويج بأن كل هذا الإرهاب إنما هو من فعل الطاغية أردوغان. على حين غرة من التنظيم الموازي وفي لحظة الحقيقة كُشف اللثام عن تنظيم غولن بعد انقلابهم الفاشل، فانقلبت الموازين وتغيرت مسارات اللعبة.

بعدما قُلب للتنظيم الموازي ظهر المجن وتطورت عداوة واسعة له ولأمريكا التي تحميه وتحمي حزب العمال الكردستاني، تم تغيير قيادات كثيرة في الجيش التركي، تبعت ذلك ردّات فعل سياسية إيجابية من روسيا وإيران سهلت المهمة التركية، ثم قوبل كل ذلك بشيء من إعادة الحسابات في أروقة البيت الأبيض من أجل "منع فقدان الحليف التركي"، ومع التوضيحات المستمرة لمطالب تركيا في حماية نفسها وأمنها وشعبها ومصالحها؛ تم فرض "الشرعية" على كل ردّات تركيا المتوقعة في المدى القصير.

عن الكاتب

نهال بينغيسو كراجا

كاتبة في موقع خبر ترك


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس