ترك برس

لم تعد الشعبية الكبيرة التي تتمتع بها الدراما التركية قاصرة على منطقة العالم العربي وأفريقيا وأوروبا فقط، فقد نشرت محطة بي بي البريطانية تقريرا موسعا حاولت فيه معرفة سر إقبال شعوب أمريكا الجنوبية على مشاهدة المسلسلات التليفزيونية التركية.

وقال التقرير إن مسلسل "ما ذنب فاطمة" الذي دُبلج إلى اللغتين الإسبانية والبرتغالية حقق نجاحا ساحقا في جميع أنحاء أمريكا الجنوبية خلال العام الماضي، ففي الأرجنتين وحدها تابع حلقات المسلسل أكثر من 12 مليون مشاهد. وكان مسلسل ألف ليلة وليلة، المعروف في العالم العربي باسم ويبقى الحب، الأكثر مشاهدة في شيلي في عام 2014.

وعن سر شعبية المسلسلات التركية في القارة البعيدة، تقول مارسيلا ميرا، وهي مواطنة تشيلية تعيش في العاصمة سنتياحو إن الدراما التركية أكثر ارتباطا بها من نظيرتها الأمريكية، وإنها تحب الطريقة التي تركز بها المسلسلات التركية على نمط الرومانسية القديمة بدلا من إفراط هوليود في مشاهد الجنس.

وتضيف مارسيلا على الرغم من أن تركيا بعيدة عنا تماما، فقد وجدتُ أن ثقافاتنا متشابهة تماما، كما أن الأعمال التركية تتمتع بجودة فنية عالية، وليس فيها العبارات المبتذلة والقوالب النمطية الموجودة في أعمال هوليود. عندما بدأت مشاهدة المسلسلات التركية أدركت كم أرهقتني مشاهد العنف والجنس في المسلسلات الأمريكية.

ومن العاصمة البيروفية ليما تقول إيفيت سانشيز، وهي طالبة جامعية في ال23 من عمرها ومغرمة بالمسلسلات التركية: "ألتقي أصدقائي بانتظام لمشاهدة المسلسلات التركية. تتمتع الدراما التركية بحبكات ذكية، وبإنتاج ممتاز، كما أن الممثلين يتمتعون بوسامة كبيرة".

وذكر التقرير أن شعبية المسلسلات التركية في أمريكا الجنوبية تأتي في إطار ازدهار صادرات تركيا من هذه الصناعة، ففي العام الماضي حققت تركيا أرباحا وصلت إلى 250 مليون دولار من مبيعات المسلسلات في الخارج، وفقا لبيانات جمعية المصدرين التركية، مقابل 10 ملايين دولار فقط في عام 2004، كما يشاهد الدراما التركية أكثر من 400 مليون شخص حول العالم. ويتوقع بدر أرسلان الأمين العام لجمعية المصدرين الأتراك أن تصل صادرات الدراما التركية إلى مليار دولار بحلول عام 2023.

ويقول برهان غون رئيس نقابة منتجي التليفزيون والسينما التركية إن هناك عددا من الأسباب لإقبال شعوب القارة الأمريكية على الدراما التركية، أولها أن الشعب التركي يشبه إلى حد كبير كثيرا من شعوب القارة. ولأن تركيا هي بلد متنوع الثقافات، فإن هناك ممثلين من خلفيات عرقية مختلفة.

وأضاف جون أن الأعمال الدرامية التركية تستكشف التغييرات الاجتماعية التي يتردد صداها في أمريكا الجنوبية، وفي أجزاء أخرى من العالم، فعلى سبيل المثال هناك مسلسلات تركية كثيرة تعرض لموضوع الهجرة من الريف إلى المدن، وتحديات المدنية الحديثة. وهذا موضوع مهم في كثير من البلدان النامية، لكن الأعمال الغربية لم تبحثه بعد.

ويضيف الباحث عمر الغازي، أستاذ الصحافة في جامعة شيفيلد الذي كتب عددا من الأبحاث الأكاديمية عن الثقافة الشعبية التركية ،إلى الأسباب السابقة لشعبية الدراما التركية أن المسلسلات التليفزيونة التركية تقدم العصرية الجذابة.

ويوضح أن الدراما التركية تطرح أفكارا رائجة وقابلة للبيع عن حياة الطبقة المتوسطة المريحة التي يمكن الوصول إليها، والمرتبطة ثقافيا بكثير من الناس. 

ويشير التقرير إلى أن النجاح المستمر للمسلسلات التركية في الخارج يلقى ترحيبا من الرئيس رجب طيب أردوغان، لأنه يعزز صورة بلاده وسمعتها الدولية، ومع ذلك فإن صناعة الدراما التركية مستقلة تماما، ولا تحصل على أي دعم مادي حكومي. لكن شركات الإنتاج التليفزيوني تتعرض أحيانا لانتقادات الرئيس أردوغان مثلما حدث في عام 2012 عندما أبدى الرئيس عدم رضاه عن مسلسل حريم السلطان بسبب تصويره للخليفة العثماني سليمان القانوني شاربا للخمر وزيرا للنساء.

وعن تأثير الدراما التركية في تعزيز مكانة تركيا في العالم يقول رجل الأعمال التركي المقيم في تشيلي ألبير أكوسمان، إنه بفضل المسلسلات التليفزيونية التركية يبدي كثير من المواطنيين التشيليين مزيدا من الاهتمام ببلاده.

ويضيف كوسمان أنه ذهب أخيرا إلى حفل خيري لجمع التبرعات، وكان موضوع الحفل الأعمال الدرامية التركية. كانت الأعلام و الطعام والموسيقى التركية في كل مكان في الحفل. وظل الناس يسألونني هل أملك وسيلة للاتصال بالممثلين الأتراك لكي يرسلوا لهم رسالة. لقد حققت المسلسلات التليفزيونية شيئا لا يمكن أن تحققه معظم التكتيكات الدبلوماسية. إنه أمر لا يصدق.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!