محمد قدو أفندي أوغلو - خاص ترك برس

على أثر السقوط المدوي للمحافظات العراقية والهزيمة المنكرة لقوات الجيش العراقي استغلت إيران والتي تنفذ مخططات خارجية تتقاطع معها مصالحها هذه الفرصة الذهبية فعمدت إلى الإيعاز للقيادات الشيعية المرتبطة بها ارتباطا وثيقا بتكوين فصائل الحشد الشعبي من المكون الشيعي حصرا بذريعة محاربة داعش ظاهريا والتقليل من مكانة الجيش العراقي والذي يضم مختلف أطياف الشعب العراقي.

هذه المؤسسة الرسمية وحسب الاستحقاقات الدستورية والتوافقات الطائفية فإن هذه المؤسسة تتبع لوزير منتخب من المكون السني ورغم هذه التفاهمات فإن رئيس الوزراء السابق قد أشغر متعمدا هذه الحقيبة الوزارية طيلة سنوات حكمه وجعلها تحت وصايته خوفا من حصول شخصية سنية مقتدرة على هذا المنصب السيادي في الدولة العراقية.

بعد تشكيل حيدر العبادي لوزارته الائتلافية تسلم منصب وزير الدفاع العسكري خالد العبيدي والذي دأب منذ الأيام الأولى لاستلامه الوزارة إلى إعادة بناء قدرات الجيش وجعلها بالمكانة اللائقة بها، وشاركت قطعاتها بالكثير من المعارك ضد التنظيمات المسلحة وعلى أثرها تقلصت مهام فصائل الحشد الشعبي بل أصبحت في نظر المراقبين هذه الفصائل باتت قريبة من أن تحل نفسها بنفسها، وخوفا من هذا الأمر عمدت القيادات الشيعية إلى المناداة بدمجها في القوات المسلحة من خلال تشريع قانون تحت قبة البرلمان من قبل النواب - لكن هذا الأمر لم يلقَ أذنًا صاغية من معظم الجهات السياسية.

بفشل خطة دمج ميلشيات الحشد الشعبي سعت إيران وبالتواطؤ مع نواب القائمة الشيعية والأيادي الخفية لرئيس الوزراء السابق المالكي إلى الحد من نمو قدرات الجيش وهذه المرة بعزل دينمو المؤسسة العسكرية إن صح التعبير خالد العبيدي عن منصبه كوزير للدفاع، وأوكلت مهام وزارة الدفاع إلى رئيس الوزراء حيدر العبادي كما كانت أيام وزارة المالكي، وربما ستكون هذه الوزارة شاغرة لحين انتهاء مهام القوات المسلحة والحشد الشعبي، مما يؤثر بصورة مباشرة في جاهزية القطعات العسكرية، الأمر الذي يؤدي إلى اتساع رقعة سيطرة ميلشيات الحشد الشعبي من جديد.

مع بداية التحضيرات لمعركة الموصل أعلنت قيادات فصائل الحشد الشعبي عن عزمها على المشاركة في معركة تحرير الموصل دون طلب الإذن من أية جهة داخلية أو خارجية، والجدير بالذكر أن زعماء هذه الفصائل يتلقون التعليمات والتوجيهات المباشرة لتحركات فصائلهم من قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني والذي يتواجد في الأراضي العراقية وحيث ما وجدت هذه المليشيات.

بعد سلسلة من الضغوطات التركية وإصرارها وبإيعاز من جهات أمريكية أعلنت الحكومة العراقية عن عدم مشاركة هذه الميليشيات في معركة الموصل ولكن الإدارة التركية اشترطت أيضا منع فصائل بي كي كي والمنظمات الإرهابية الأخرى بهذه المعركة خوفا من حدوث مجازر عرقية للمواطنيين في الموصل والبلدات التابعة لها مثل تلعفر وغيرها.

لكن إيران لم تيأس من محاولاتها الرامية إلى إيجاد منفذ لها داخل الأراضي العراقية حتى الوصول إلى الأراضي السورية فعدلت نهائيا عن مشروعها بدخول الفصائل والميلشيات الشيعية داخل مدينة الموصل بل جمعت معظم فصائل الحشد الشعبي في الجنوب الغربي من المحافظة بغية دخولها إلى مدن تلعفر وسنجار وبعاج وهي المدن المتاخمة للحدود السورية بالتواطؤ مع البي كي كي الذي يتواجد في سنجار وشمالها - لتكون تلك حلقة الوصل البديلة عن الموصل وناحية ربيعة، وبانتظار الأيام القادمة ستظهر مدى صلابة الموقفين الإيراني مع العراقي بمقابل الضغوطات التركية في عدم دخول الحشد الشعبي لهذه المناطق.

تسعى إيران من خلال السيطرة على وكلائها المحليين في العراق إلى فتح خط مساند ميسر لها في هذا الشريط الحدودي للوصول إلى سوريا وهذا ما أعلنه رئيس الوزراء السابق المالكي عندما قال إن شعار قادمون يا نينوى يعني قادمون يا رقّة وقادمون يا حلب.

وبسيطرة إيران والحلفاء العراقيين على هذا المسار يتم فصل تركيا عن محيطها العربي في الجنوب وخصوصا مع السعودية ودول الخليج العربي الساعين إلى إقامة علاقات استراتيجية بينهما وهذا ما لا ترغبه إيران ودول أوروبا وربما روسيا وأمريكا أيضا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس