أمبيرين زمان - المونيتور - ترجمة وتحرير ترك برس

يبدو أن جهود الولايات المتحدة لترضية تركيا نتيجة لتعاونها مع القوات الكردية السورية في انتزاع الرقة التي أعلنها تنظيم داعش عاصمة للدولة الإسلامية، قد حققت بعض التقدم في مطلع هذا الأسبوع بعد الزيارة غير المعلنة للجنرال جوزيف دانفورد، رئيس هيئة الأركان الأمريكية لأنقرة.

بعد أربع ساعات ونصف الساعة من المحادثات مع نظيره التركي، خلوصي أكار، قال دانفورد " إن التحالف سيعمل مع تركيا على إعداد خطة طويلة الأجل لتحرير الرقة والمحافظة عليها وإدارتها" ، وأكد الجنرال الأمريكي الذي وصف العلاقات التركية الأمريكية بالممتازة، "أننا نعرف أن قوات سوريا الديمقراطية لم تكن الحل للسيطرة على الرقة وإدارتها. ما نعمل عليه الآن هو إيجاد مزيج مناسب من القوات لهذه العملية".

كان دانفورد يشير إلى قوات سوريا الديمقراطية " قسد" التي لا تزال الحليف الرئيس للولايات المتحدة ضد داعش في سوريا، وقد أعلنت هذه القوات في السادس من نوفمبر/ تشرين الثاني أنها بدأت شن عملية لاستعادة السيطرة على الرقة. لكن عمليات هذه القوات ستركز على عزل المدينة، وهي عملية قد تستغرق شهورا.

تواصل تركيا التعبير عن معارضتها لهذا التوافق الأمريكي الكردي بسبب الصلات الوثيقة بين المكون الكردي لقوات سوريا الديمقراطية المعروف باسم وحدات حماية الشعب الكردي، بحزب العمال الكردستاني، وهو تنظيم كردي متمرد يقاتل من أجل الحكم الذاتي للأكراد داخل تركيا.

وأكد دانفورد أن التحالف لن يبدأ مرحلة تحرير الرقة " دون إشراك الأتراك، وإدراج وجهة نظرهم في خططنا"، وأشار إلى أن المعارضة السورية المسلحة المدعومة من تركيا قد تشارك في الاستيلاء على المدينة التي تسكنها أغلبية عربية، وقال " إن تركيا ستكون مفيدة في تحديد القوى المناسبة لعمل ذلك" . وفي إشارة أخرى إلى حسن النوايا اتفق الجانبان على أن يعمل ضابط أمريكي رفيع المستوى هو وفريقه في أنقرة مع هيئة الأركان التركية، وأن يكون نقطة اتصال لقوة المهام المشتركة ضد داعش، وقال دانفورد في هذا الصدد" نريد أن نكون شفافين تماما في هذا الموضوع مع حليفنا التركي" .

على أنه ما يزال من غير الواضح ما وعدت به واشنطون وحدات حماية الشعب الكردي في مقابل الحصول على دعمها لاستعادة الرقة التي تقع خارج كردستان سوريا. ومن المرجح أن واشنطون تسعى لجمع جميع الأطراف على مائدة واحدة وإبعادهم عن التناحر، في إطار سعيها لتحقيق هدفها المعلن " إسقاط داعش وتدميره" ، لكن على الرغم من أن دانفورد قد وضع ضمادة على نزيف العلاقات الأمريكية التركية، تزداد صعوبة التئام الجرح يوما بعد يوم.

جاءت زيارة دانفورد بعد بضعة أيام فقط من زيارة رئيس الأركان التركي أكار موسكو رفقة رئيس الاستخبارات، الرجل القوي هاكان فيدان، الأمر الذي أثار القلق بين حلفاء تركيا في حلف شمال الأطلسي من التقارب الروسي التركي المحتمل. يعتقد على نطاق واسع أن الأتراك سعوا إلى إقناع روسيا بالسماح للمعارضة المسلحة المدعومة من تركيا بالترحك نحو مدينة الباب التي تسيطر عليها داعش، وبعد عودتهما من موسكو قبل إنهما حصلا على موافقتها، لكن لا يعرف ما إذا كانت هذه الموافقة تعني التقدم فقط بالقرب من الباب وليس السيطرة الفعلية عليها لأن السيطرة عليها ستكون دموية على كل حال حيث يتوقع أن تخوض داعش معركة كبرى. والنتيجة المحتملة هي أن الروس تعهدوا بعدم السماح لوحدات حماية الشعب الكردي أيضا بالتقدم نحو الباب.

كانت مدينة الرقة التي تسكنها أغلبية عربية ويتوقع أن تحتدم فيها المشاعر السلفية، مطمعا منذ وقت طويل لوحدات حماية الشعب الكردي، لأن استيلاءها عليها سيسمح للأكراد السوريين ربط الرقعة الواسعة من الأراضي التي يسيطرون شرقي نهر الفرات بجيب عفرين الذي تقطنه أغلبية كردية ويقع غربي الفرات.

تركيا مصممة على منع وحدات حماية الشعب من السيطرة على الرقة، في حين تلعب روسيا بدهاء على هذه الحساسية من أجل زيادة نفوذها على وحدات حماية الشعب وأنقرة على حد سواء للوقيعة بين الجانبين وبين واشنطون.

في الشهر الماضي غضت روسيا الطرف عن غارات الطائرات التركية على مواقع وحدات حماية الشعب في شمال شرق حلب. لكن الهجمات التركية نفذت لمرة واحدة، وبعدها بأيام أغارت الطائرات التركية على مواقع قوات المتمردين المدعومين من تركيا في ريف حلب الشمالي بعد تحركهم ضد وحدات حماية الشعب.

أوضحت واشنطون أنها لن تسمح للمتمردين المدعومين من تركيا بالهجوم على وحدات حماية الشعب في منبج ذات الأغلبية العربية أو في تل أبيض وهي بلدة ذات أغلبية عربية أيضا تقع على الحدود التركية وقد انتزعها الأكراد السوريون من داعش في يونيو/حزيران 2015 بمساعدة أمريكية. ليس لدى الولايات المتحدة ما تفعله إزاء ما يحدث على الأرض وفي سماء شمال سوريا بعيدا عن الأهداف المعلنة لمدينة منبج التي تبرز بوصفها خطا فاصلا بين مناطق النفوذ الروسية والأمريكية. وعلى ذلك وخلافا لوجهة النظر الشائعة فإن واشنطون لا يمكنها تسليم الباب إلى الأكراد أو إلى حلفائهم الأتراك، أو على حد تعبير المعلق الكردي السوري،برزان إيدو، في مقابلة مع المونيتور عبر سكايب، إن روسيا ستبقي هذه الوجية اللذيذة معلقة دون السماح لتركيا أو للأكراد بأكلها.

عن الكاتب

أمبيرين زمان

صحفية وكاتبة في صحيفة ديلي تليغراف لوس انجلوس تايمز


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس