أمين بازارجي - أكشام - ترجمة وتحرير ترك برس

عاشت إسطنبول هجمات مماثلة لما حصل في بروكسل وباريس، وتألمنا على وقع هجوم حدث في ليلة رأس السنة، لكن منفذ ذلك الهجوم لم يستطع الفرار، وألقي القبض عليه، لأنّ تركيا ليست العراق ولا سوريا ولا أفغانستان.

نعم، الإرهاب يصيبنا كثيرا ويوجعنا، ولكنه في المقابل يدفع الثمن أيضا، ولا تزال الدولة قائمة على قدميها برغم كل محاولات إسقاطها، ولم تستطع القوى الخفية تحقيق أهدافها، ولا الوصول الى النتائج التي تريدها، وتصطدم بالحائط في كل مرة، والأهم من كل ذلك أنّ محاولاتهم لخداع الرأي العام تبوء دوما بالفشل.

استطاعت عملية درع الفرات بتقليل قابلية داعش لتنفيذ هجمات في تركيا، واستطاعت تركيا إفشال العديد من العمليات الانتحارية والهجمات الإرهابية التي كانت داعش تخطط لها، ونفد من بينها هجوم رينا، ومع ذلك لم يستطع منفذ الهجوم الهرب، برغم انه يعرف أربع لغات، ومعه 200 ألف دولار، ويحظى بدعم وتنسيق عشرات الأشخاص، ليكون مصيرهم جميعا في السجن، وألقي القبض عليهم أحياء، وهذا أمر نادر في مكافحة عناصر داعش.

وبعد ذلك ستتكشف ارتباطاته، وستتكشف الكثير من الخلايا الأخرى، وهذه خطوة جديدة على طريق مكافحة التنظيم الإرهابي، ويجب ان لا نستهين بها، لأنّ ما جرى هو نجاح هام جدا.

والأمر لا يختلف في مواجهة حزب العمال الكردستاني، حيث تعرض لضربات قاتلة من قبل تركيا، وفقد الآلاف من عناصره، وبرغم أنّ هذه المنظمات لا تزال تستطيع سفك الدماء، إلا أنّ قدراتها أصبحت محدودة تماما، ولم تعد كما كانت عليه في السابق، وانظروا الى ما كانت عليه الأمور خلال عامي 2010 و2011، وكيف كانت تصريحات الحزب وسقف مطالبهم المرتفع، ويتحدثون بكل ثقة، لكنهم اليوم خسروا، ولم ينجحوا أبدا، وفقدوا حاضنة شعبية ضعيفة كانت لديهم.

ماذا حدث لأحلامهم المتعلقة "بحُكم ذاتي"؟ خسرت وبال أمرها، ودُفنوا في الخنادق التي حفروها.

الأقوى من هذين الاثنين هي جماعة غولن، التي عملت على التسرب داخل أجهزة الدولة على مدار 40 عاما، من أجل السيطرة عليها، بل وحظيت بدعم لا شك فيه من وكالة الاستخبارات الأمريكية "سي آي إيه"، فماذا حصل؟

نعم، لقد أثرت علينا، وقامت بالكثير من الأحداث، وأضرت تركيا كثيرا، ولكنها في كل مرة كانت تتعرض لضربات قاسمة، واصطدمت في الحائط بصورة شديدة يوم 15 تموز/يوليو، واليوم أصبحت الجماعة منتهية، بعدما عرف الشعب حقيقتها، ودعم الدولة في استئصالها والقضاء عليها.

ليقل كل شخص ما يشاء، إلا أنّ الراسخ والثابت هو أنّ تركيا تجاوزت الإرهاب، ونجحت في محاربته بصورة فعالة، وهذا يجب التركيز عليه وتسليط الضوء عليه.

اليوم الدولة التركية ليست كما كانت في الماضي، فهي اليوم صاحبة إرادة وعزيمة وقوة، وتضرب الإرهاب ضربات قاتلة مهما كان مصدره وشكله، وتتجاوزه، برغم ما حصلت عليه التنظيمات من دعم خارجي، وصل إلى درجة الدعم العلني، ومع ذلك استطاعت تركيا تجاوز كل الصعاب، وضربت مخططات تلك القوى الظلامية عرض الحائط.

لم تهتز تركيا، ولم تنهر، برغم أنها محاطة بدول تعمها الفوضى والخراب، وبرغم انها تعرضت للكثير من الهجمات المدعومة من أجهزة استخبارات خارجية، إلا أنّ تركيا لم تلين ولم تيأس ولم تتراجع خطوة إلى الوراء، بل على العكس من ذلك، تتقدم كل يوم خطوات إلى الأمام، وتُصبح أكثر قوة وأكثر تجربة.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس