أوميت بيكتاش - صحيفة الإندبندنت - ترجمة وتحرير ترك برس

عندما يحل المساء في شانلي أورفا جنوب شرق تركيا، تخلو معظم أزقة البازار القديم في المدينة باستثناء زقاق واحد. يخمد صخب التداول في النهار، لكن في هذا الزقاق ترى زمرا من الرجال يحملون صناديق من الورق المقوى مليئة بالحمام، ويتجهون بها إلى ثلاثة مقاهي، حيث يبيعون الطيور في مزاد شانلي أورفا الشهير والمخصص لعشاق اقتناء الحمام ومربيه،وهي هواية ازدهرت لمئات السنين في أنحاء المنطقة، وعبر الحدود السورية التي مزقتها الحرب.

في بلد يبلغ فيه الحد الأدنى للأجور قرابة 1400 ليرة في الشهر أي ما يعادل 298 جنيها استرلينيا ينفق عشاق الحمام بسهولة مئات الدولارات لشراء حمامة واحدة. يقول مام ديلداش أحد البائعين في المزاد" اقتناء الحمام عشق وهواية لا يمكنك التخلي عنها. عرفت بين الناس لأنني بعت ثلاجتي وأساور زوجتي الذهب لأدفع ثمن الحمام".

تقع شانلي أورفا على بعد 50 كيلو مترا فقط من سوريا، وقد تعرضت المحافظة الجنوبية الشرقية لصمة جراء الاشتباكات بين القوات الحكومية والمتمردين الأكراد، لكن تجارة الحمام تعاملت بهدوء مع هذا الاضطرابات واستمرت كما هي. في الأيام الأولى للصراع في سوريا المجاورة كانت هناك وفرة من الحمام في السوق، حيث فر كثير من مقتني الحمام من شمال سوريا وتوجهوا إلى تركيا ونقلوا معهم ما يقتنونه من حمام.

يقول إسماعيل أوزبك 23 عاما أحد مربي الحمام " انخفضت الأسعار بسبب زيادة المعروض، لكن مع تفاقم الصراع، وتوقف ما يرد من سوريا من حمام، عاودت الأسعار ارتفاعها، وأضاف أنه يحتفظ في بقرابة 200 حمامة تصل قيمتها إلى 50 ألف ليرة تركية في الغرفة العلوية المزودة بأجهزة إنذار، وكاميرات تليفزيونية مغلقة". يجلس الرجال في المزاد وهم يحتسون الشاي ويدخنون السجائر بينما يختار ديداش حمامة ويعرضها على الجمهور، ويطرح سعرا ويصيح المشترون بعروضهم.

تتراوح الأسعار من 30 إلى 3500 ليرة . وتزين بعض الطيور بالفضة على ريشها وأرجلها لزيادة قيمتها. باع ديلداش في نهاية المزاد حماما يصل ثمنه إلى 13 ألف ليرة ، وتبلغ عمولته 10 من المائة . في غير أيام السوق يتوجه معظم هواة الحمام إلى أسطح المنازل عند غروب الشمس، ويطلقون الحمام ليطير ويملأ عنان السماء في مشهد مألوف في المدينة.

يقول رشيد جوزال أحد المولعين باقتناء الحمام والبالغ من العمر 55 عاما إنه يقدم لطيوره السبعين التي يمكلها أفضل الطعام والفيتامينات بانتظام، وهو ما يكلفه خمس ليرات فقط يوميا، وهو مبلغ ليس بالكبير. ويقول" حتى لو كلفتني أكثر من ذلك فأنا لا أمانع أن أنفق المزيد. لقد كان اقتناء الحمام هوايتي في السنوات الأربعين الماضية، ولا يمكن أن تفهم معنى ذلك إلا إذا اقتنيت الحمام".

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مواضيع أخرى للكاتب

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس