جلال سلمي - خاص ترك برس

بإلغاء ألمانيا المهرجان الانتخابي الخاص بوزراء الحكومة التركية الذين كانوا في طريقهم لألمانيا بصدد الترويج للنظام الرئاسي، نشب توترٌ جديد بين الدولتين اللتين عاشتا على وقع ما يقارب 10 محطات للتوتر الدبلوماسي والإعلامي خلال أقل من عام.

ظهرت ملامح التوتر الأخير بين البلدين، من خلال استدعاء أنقرة السفير الألماني "مارتين أردمان" للتعبير عن امتعاضها على قرار بلاده، وبات أردمان في العام الأخير، وكأنه الضيف الدائم لوزارة الخارجية التركية، فقد تم استدعاؤه منذ آذار/ مارس الماضي وحتى يومنا هذا 6 مرات.

واكتملت ملامح التوتر باستدعاء وزارة الخارجية الألمانية السفير التركي "علي كمال أيدين" لتسجيل انزعاجها على خلفية اعتقال مراسل صحيفة ديا ويلت الألمانية في تركيا "دانيز يوجال" المتهم بتسريب الرسائل الإلكترونية لوزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي.

وخلال العام الأخير، رصد موقع الجزيرة ترك وقائع الصدام الدبلوماسي والإعلامي بين البلدين، والتي بلغ مجموعها 10، على النحو التالي:

1ـ نشر فيديو مسيء لأردوغان في إحدى القنوات الألمانية:

نشرت قناة "أن دي أر" الألمانية في 17 مارس 2016، في إحدى برامجها الكوميدية، فيديو مسيء لشخصية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث احتوى الفيديو على انتقادات شديدة وألفاظ خارجة عن نطاق الأدب ضده، وعلى إثر ذلك استدعت وزارة الخارجية التركية السفير الألماني وعبرت عن انزعاج بلادها من ذلك، وانتهى التوتر بإلغاء بث البرنامج.

2ـ حضور السفير الألماني جلسة محاكمة الصحفي المعارض رئيس تحرير جريدة جمهوريت "جان دوندار":

تم اعتقال دوندار على خلفية نشر صحيفته لصور نقل جهاز الاستخبارات التركية بعض من الأسلحة إلى المعارضة السورية. اعتبرت الحكومة التركية هذا الخبر انتهاكًا لمصلحة الأمن القومي التركي، وطالبت بمعاقبته وممثل الصحيفة في أنقرة "أردام غول" بعقوبة قانونية رادعة.

وبعد إجراء التحقيقات الخاصة بالقضية، عُقدت المحاكمة في 25 مارس، وحضرها السفير الألماني. قيّمت الحكومة التركية حضور السفير الألماني للمحاكمة "بالتدخل الخارجي الذي يؤثر سلبًا في عمل القضاء التركي"، وفي الأسبوع الذي أعقب المحاكمة، تم استدعاء السفير الألماني لوزارة الخارجية التركية للتعبير عن احتجاج الحكومة التركية.

وهاجم الرئيس أردوغان حينها السفير الألماني بكلمات لاذعة مصرحًا بأن "للدبلوماسية قوانين وقواعد يجب احترامها. هنا بلدنا وليس بلدك، هنا تركيا. يمكنك التحرك بحرية داخل بناء السفارة أو القنصلية، ولكن خارج حدودهما أنت مطالب بالاستئذان من السلطات التركية."

ولم يقف التوتر الناتج عن محاكمة دوندار على ذلك، بل زادت وتيرته بعد هروب دوندار إلى ألمانيا في أيار/ مايو 2016، إذ أصدرت المحكمة المطلعة حكمًا بحقه تمثل بالسجن 5 سنوات و10 أشهر، ولكنه هرب إلى ألمانيا بينما كانت المحكمة العليا تنظر في الحكم. وعلى إثر هروب دوندار إلى الخارج، أصدرت المحكمة العليا قرار القبض عليه، ومنذ تلك الفترة وحتى يومنا هذا ودوندار في ألمانيا.

وتمادت ألمانيا، بحسب الحكومة التركية، في رفع وتيرة التوتر، بعد دعوة الرئيس الألماني "يواخيم غاوك" دوندار إلى القصر، ومن ثم تم منحه فرصة للحديث في إحدى الاجتماعات رفيعة المستوى الخاصة بوزارة العدل، وللتعبير عن امتعاضها الشديد استدعت وزارة الخارجية التركية القنصل الألماني وذكرته بوجود قرار قضائي تركي ضد دوندار.

لم تُعِر الحكومة الألمانية القرار التركي أي اهتمام، ومنحت دوندار فرصة إدارة أحد المواقع الإخبارية.

3ـ اعتبار البرلمان الألماني أحداث 1915 "إبادة جماعية" ضد الأرمن:

في 1 حزيران/ يونيو 2016، صوت البرلمان الألماني لصالح مسودة اعتبار أحداث 1915 "إبادة جماعية" ليس بحق الأرمن فقط بل بحق كافة الأقليات المسيحية التي كانت مقيمة تحت لواء السلطة العثمانية. وفور صدور القرار استدعت وزارة الخارجية التركية السفير الألماني، ولعدم وجود الأخير حضر القنصل، وأعربت الوزارة عن انزعاجها الشديد من القرار الذي وصفته "بالمُخزي".

ولتخفيف حدة الخلاف الدبلوماسي، أكّد المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل" أن بلادها حريصة على الحفاظ على علاقاتها الدبلوماسية المتينة مع تركيا مهما كان هناك خلافات في وجهات النظر".

4ـ رفض زيارة الضباط الألمان لقاعدة إنجيرليك العسكرية:

ردًا على مسودة القرار البرلماني الذي يصنف أحداث 1915 على أنها "إبادة جماعية"، رفضت الحكومة التركية طلب الضباط والنواب الألمان الخاص بزيارة قاعدة إنجيرليك العسكرية. ولتخفيف حدة التوتر زارت وزيرة الدفاع الألمانية "أورسولا فون دار ليان" قاعدة إنجيرليك ملتقيةً ببعض الضباط الألمان، وصرحت عقب زيارتها بأن زيارة النواب ستكون ممكنة في تشرين الأول/ أكتوبر القادم.

وتعبيرًا عن عزم ألمانيا تخفيف حدة التوتر، صرح وزير الخارجية الألماني "فرانك فالتر شتاينماير" بأن قرار البرلمان خاص بالبرلمان، وليس ملزمًا للحكومة. وبعد هذه التصريحات عادت العلاقات إلى سابق عهدها، وأجرى النواب زيارتهم في 5 أكتوبر.

5ـ منع أردوغان من توجيه خطابه للمواطنين الأتراك عبر الهاتف:

بعد محاولة الانقلاب التي حدثت في 15تموز/ يوليو، خططت بعض الجمعيات التركية لقيام بمهرجان داعم للديمقراطية في 31 يوليو 2016، وبالرغم من إصدار المحكمة الألمانية الدستورية قرارًا بمنح أردوغان إذنًا للحديث مع المواطنين عبر الهاتف، ألغت الشرطة الألمانية الإذن بذريعة الاحترازات الأمنية.

وردًا على القرار، استدعت وزارة الخارجية التركية القنصل الألماني، وعبرت عن انزعاجها، ولعدم تمديد التوتر سمحت الحكومة الألمانية لرئيس الوزراء التركي "بن علي يلدرم" بالمشاركة في المهرجان المُقام في 18 فبراير والداعم للتعديلات الدستورية.

6ـ رفض ألمانيا تسليم بعض عناصر جماعة "غولن":

تطالب تركيا منذ محاولة انقلاب 15 يوليو الفاشلة، الحكومة الألمانية بتسليمها بعض عناصر جماعة "غولن" المقيمين على أرضها، وتعاظم التوتر بين البلدين على خلفية ذلك الرفض، بعد تصريح وزارة العدل الألمانية، في 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، بأن ألمانيا لن تسلم العناصر الموجودة على أرضها إلا بعد التأكد من ضلوعهم في جرائم فساد، وفي حال لم يتم تثبيت هذه الحالة، فلن تسلم ألمانيا أي أجنبي يقيم على أرضها نتيجة القرارات "التعسفية" لحكومته.

7ـ التصريحات الألمانية الشديدة ضد اعتقال نواب عن حزب الشعوب الديمقراطي:

عقب اعتقال بعض نواب حزب الشعوب الديمقراطي التركي المعارض، استدعت الخارجية الألمانية، في 4 نوفمبر 2016، السفير التركي وعبرت عن تخوفها من حالة التدهور التي تشهدها تركيا فيما يتعلق بالمعايير الديمقراطية، وفي إطار التضامن الألماني مع نواب الشعوب الديمقراطي حضرت وزيرة الدولة "ماريا بوهمار" اجتماعًا له.

وردًا على التصريحات تلك، أشار وزير الخارجية التركي "مولود جاويش أوغلو" إلى أنه "لا يحق لمن يدعم الإرهاب بإلقاء الدروس حول الديمقراطية والعمل القضائي".

8ـ إيقاف نائب عن حزب العدالة والتنمية في مطار كولن:

في مطلع كانون الأول/ ديسمبر 2016، تم إيقاف النائبة عن حزب العدالة والتنمية ورئيسة الكتلة البرلمانية للحزب "عائشة نور باهتشا كابيلي" في مطار كولن الألماني لساعات طويلة، بدعوى عدم وجود ختم دخول على جواز سفرها الذي اضطرت لاستخراجه خلال زيارتها في ألمانيا بعد تعرض جواز سفرها القديم للسرقة.

وفي إطار تعليقه على هذا الحدث، طالب الرئيس أردوغان باتخاذ قرار الرد بالمثل. واستدعت وزارة الخارجية التركية السفير الألماني للتعبير عن انزعاجها.

وردًا على ذلك، أوردت وكالة الأناضول أن 4 دبلوماسيين ألمان اضطروا، في 8 ديسمبر، إلى تأجيل رحلتهم بعد انتظارهم طويلًا في نقاط التفتيش.

9ـ اقتحام بيوت أئمة أتراك في ألمانيا:

أصدرت المحكمة الألمانية الفيدرالية قرارًا باعتقال عدد من الأئمة الأتراك التابعين لرئاسة الشؤون الدينية التركية العاملين في ألمانيا، بتهمة "التجسس" بعد تزويدهم للحكومة التركية بأسماء بعض الأئمة المتعاونين مع جماعة "غولن" المصنفة على أنها "منظمة إرهابية" من قبل الحكومة التركية.

10ـ الحدث الأخير المتمثل بمنع وزيرين تركيين من زيارة ألمانيا بهدف الترويج للنظام الرئاسي:

وبالرغم من تأكيد المستشارة الألمانية على أن القرار محلي وصادر على نطاق البلديات، إلا أن التوتر بين الطرفين ما زال حاضرًا. 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!