ترك برس

قال المحلل العسكري العقيد أحمد حمادة إن الولايات المتحدة هي المشغل لجميع الأطراف على الأرض في منطقتي "منبج" و"الباب" بريف حلب الشرقي، وهي من تقوم بهندسة الصراع هناك الذي بات معقدا.

وأضاف العقيد في حديث لشبكة "الجزيرة" أن الولايات المتحدة باتت تنتظر أعلى فاتورة من جميع الأطراف هناك، فهي تريد فاتورة عالية من الأتراك من خلال منعها الجيش الحر من التقدم إلى مدينة منبج.

وأكّد العقيد حمادة أن الجميع الآن ينتظر التصور الأميركي لما يجب أن يصل إليه الحال في منطقة منبج ومحيطها، وهوية الأطراف التي ستشارك بمعارك السيطرة على الرقة أحد أهم معاقل تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.

وأشار إلى أن الجيش السوري الحر بات مضيقا عليه في المنطقة الممتدة من جرابلس شرقا إلى إعزاز غربا وبعمق خمسين كيلومترا وصولا إلى الباب جنوبا، وهذا الحال لن يرضيه ولا الأتراك الداعمين له أيضا.

ويتوقع المتحدث أن بإمكان الجيش الحر التفكير في التوجه لعملية عسكرية تؤدي في نهاية المطاف لوصل ريف حلب الشمالي -حيث يتواجد حاليا- بمناطق سيطرة المعارضة في الريف الغربي، وذلك من خلال السيطرة على "تل رفعت" و"دير جمال" باتجاه "كفر ياقد" وصولا لـ "كفر حمرة".

وكانت الولايات المتحدة أقرب لدعم قوات سوريا الديمقراطية لأن الأخيرة منحتها قواعد عسكرية في مناطقها وتعمل على حمايتها من قبيل قاعدة "خراب عشق" جنوب "عين العرب" (كوباني) بريف حلب، وقاعدة معمل لافارج في محيط مدينة "منبج"، وقاعدتي "المبروكة" و"الرميلان" بريف الحسكة.

و من جهته، يرى المحلل السياسي التركي بكير أتاجان أن تركيا لن ترضى ببقاء الخريطة العسكرية في منطقة منبج بريف حلب على حالها، حيث سترفض بقاء الجيش الحر أشبه بالمحاصر في المنطقة الآمنة التي تم إنشاؤها.

وقال أتاجان "علينا انتظار ما سيسفر عنه اللقاء بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين عشية يوم الجمعة القادم".

ويعتقد أتاجان أن تركيا تحتفظ بعدد من الخيارات أمام الواقع الحالي، وقد حددت منذ إطلاقها عملية درع الفرات أهدافها بمحاربة تنظيم الدولة وإبعاد قوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي إلى شرق الفرات.

وأكد أتاجان أن "تلك الخيارات يمكن أن تكون بدخول الجيش الحر من تل أبيض، وهي مدينة في ريف الرقة الشمالي ذات أغلبية عربية وتركمانية، وجميع أهلها يتململون من الهيمنة الكردية، أو من خلال دخول القامشلي أو الحسكة أو حتى عفرين في ريف حلب لمنع قيام الكيان الانفصالي على الحدود التركية"، مشيرا إلى أن التفاهمات الدولية لا تزال قائمة، وتركيا لن تقبل بأي حل لا يحفظ أمنها القومي.

وأعلن مجلس منبج العسكري التابع لما تسمى قوات سوريا الديمقراطية -التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية عمودها الفقري- عن تسليمه عددا من القرى والبلدات غرب مدينة منبج بريف حلب الشرقي لقوات النظام.

وذكر ذلك المجلس في بيان رسمي له أن هذه الخطوة تأتي في سياق حماية المدنيين، وترافقت مع انتشار قوات عسكرية أميركية على طول نهر الساجور شمال منبج.

وبذلك باتت المدينة عصية على الجيش السوري الحر المدعوم من تركيا، حيث أغلقت أمامه جميع المنافذ من أجل السيطرة عليها.

وبات الوضع في ريف حلب الشرقي معقدا، حيث أصبحت المنطقة تضم قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الأميركيين والروس، وقوات النظام بالمنطقة لأول مرة بدعم روسي منذ بداية الثورة السورية.

ويطرح هذا الوضع تحديات أمام الجيش الحر الذي يحارب كل تلك الأطراف بدعم تركي، حيث بات شبه محاصر في منطقة طولها تسعون كلم وعرضها خمسون كلم، مما يطرح سؤالا عن خياراته الممكنة أمام هذه المعادلة الجديدة، خاصة في ظل عدم تحقق الهدف التركي بإبعاد القوات الكردية إلى شرق الفرات، وصعوبة مشاركته في معركة الرقة بعد أن قطع النظام الطريق عليه.

تعد مدينة منبج من المدن الكبرى بريف حلب، وتقع شرق مدينة حلب على بعد 80 كلم قرب نهر الفرات من جهة الغرب. ومنذ التحول إلى الصراع المسلح تبدلت هوية الأطراف التي سيطرت على المدينة، وبدأت في عام 2012 مع انتزاع الجيش السوري الحر المدينة من قبضة قوات النظام.

وفي عام 2014 تمدد تنظيم الدولة الإسلامية إلى المدينة، لتخضع مجددا بعد عامين لسيطرة الوحدات الكردية بدعم من التحالف الدولي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!