محمود القاعود - خاص ترك برس

"فِي ذلِكَ الْيَوْمِ قَطَعَ الرَّبُّ مَعَ أَبْرَامَ مِيثَاقًا قَائِلاً: «لِنَسْلِكَ أُعْطِي هذِهِ الأَرْضَ، مِنْ نَهْرِ مِصْرَ إِلَى النَّهْرِ الْكَبِيرِ، ونَهْرِ الْفُرَاتِ." (سفر التكوين الإصحاح 15: 18)

بغض النظر عن صحة هذا النص التوراتي، وبغض النظر عن الدراسات الأكاديمية التي دحضته وكشفت التلفيق والتحريف فيه، فإن هذا ما يؤمن به اليهود، وقد تُرجم إلى قناعة ترسخت مع تأسيس الكيان الصهيوني في العام 1948م: مملكة الرب من النيل إلى الفرات".

وجاء التطبيق العملي لهذا النص في 5 حزيران/ يونيو 1967م فيما يُعرف لدى اليهود بحرب الأيام الستة، وفيها احتلت إسرائيل سيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان، وكان احتلال الجولان بموجب صفقة مع الديكتاتور البائد حافظ الأسد، بموجبها انسحب من الجولان وبعدها ساعده اليهود للوصول لاعتلاء عرش سوريا في العام 1970م.

ورغم خروج القوات الصهيونية من سيناء بعد حرب أكتوبر 1973م وما أعقبها من اتفاقية "السلام" كامب ديفيد، وخروجها أيضًا من قطاع غزة عام 2005م، فإن إسرائيل بعد الفوضي التى حلت عقب الربيع العربي في 2011م، باتت أكثر شهية وتحمسا لـ"مملكة الرب" المزعومة، لا سيما بعدما أبلي الطواغيت الذين يحكمون العرب بلاء قذرا ضد شعوبهم من خلال موجات الثورات المضادة التى كان في القلب منها موظف الاستخبارات الأمريكية الديكتاتور النازي بشار الأسد.

على مدار أكثر من ست سنوات (عُمر الثورة السورية حتى الآن 2017م) كانت إسرائيل هي الداعم والمدافع عن نظام الإجرام النصيري الذي يحكم سوريا منذ نصف قرن من الزمان، بل كانت الرحلات المكوكية بين إسرائيل وأمريكا، تهدف لدعم بشار وعصابته لتحقيق الأهداف الممهدة لقيام "مملكة الرب"، فلأول مرة نشهد هذا التحالف: الأمريكي الروسي الأوروبي الإيراني الإسرائيلي، لدعم العميل السفاح بشار الأسد حتى يدمر سوريا تماما، ويقتل أكبر عدد ممكن من الشعب السوري، حتى لا يجد جنود إسرائيل أي مقاومة تُذكر لدى اجتياحهم المرتقب لدمشق وما حولها إيذانا بقيام "مملكة الرب".

لعل مؤشرات الاحتلال الإسرائيلي الوشيك لسوريا، بدأت مع ظهور الأعلام الأمريكية في شمال سوريا ودخول الدبابات الأمريكية إلى منبج والطبقة والاستعداد لاقتحام الرقة، والتعاون مع المنظمات الكردية الإرهابية التي تربطها صلات وثيقة بإسرائيل.

ستكون القواعد الأمريكية بشمال سوريا هي الداعم الرئيس لعملية الاحتلال الإسرائيلي لسوريا، وعندما تنتهي مدة صلاحية بشار كعميل صهيوني رخيص أدى مهمته القذرة، وبعد أن أشعل الصراعات في عموم سوريا ودمر جميع البنى التحتية، هنا سيتخلص الغرب من العميل بشار إما بقتله مباشرة وإما برفع الحماية عنه ليتمكن منه الثوار.. ثم تدخل إسرائيل لوضع حجر أساس "مملكة الرب" بزعم محاربة "التطرف" و"الإرهاب".

أما ماذا ستفعل تركيا إزاء هذه التطورات الخطيرة وهذا السيناريو الكارثي؟ فهذا موضوع  المقال القادم.

عن الكاتب

محمود القاعود

صحفي وروائي مصري وعضو اتحاد الصحفيين العرب


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس