كريستينا لين - آسيا تايمز - ترجمة وتحرير ترك برس

في الأسبوع الماضي حط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الصين، في أعقاب زيارة الملك السعودي سلمان. وركزت الزيارتان على التعاون الاقتصادي الوثيق، بيد أن بكين طرحت أيضا قضية الصراع العربي الإسرائيلي. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشونينغ" إن بكين تأمل فى أن تسهم السعودية وإسرائيل في تحقيق السلام الدائم والتنمية فى الشرق الاوسط".

وما فتئت بكين، على نحو متزايد، تشير إلى تطلعها إلى القيام بدور أكبر في الشرق الأوسط، لا من حيث العلاقات الاقتصادية فحسب بل من ناحية الجانب السياسي أيضا. وقد أصبحت الصين بالفعل صاحبة مصلحة كبيرة في الأمن الإقليمي بفضل استثماراتها الاقتصادية الضخمة، والبنية التحتية، والعدد المتزايد من العمال الصينيين في الخارج.

في إسرائيل التي احتفلت بمرور 25 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية مع الصين، يبلغ  حجم التجارة الثنائية السنوية حاليا 8 مليارات دولار، وتعد الشركات الصينية المحركات الرئيسة في مشاريع البنية التحتية مثل نظام مترو تل أبيب والموانئ في حيفا وأسدود، ويعمل في هذه المشروعات 3500 عامل صيني، ويتوقع أن ينضم إليهم عشرون ألفا آخرين. ونتيجة لذلك، تحتاج الصين إلى تعزيز موقفها السياسي والأمني ​​في المنطقة للمساعدة في الحفاظ على الاستقرار وحماية مواطنيها وأصولها.

تعزيز الربط الإقليمي

يعد ميناء حيفا واحدًا من بين عدد متزايد من الموانئ المملوكة للصين في جميع أنحاء البحر المتوسط، تشمل ميناء شرشال الجزائري، ومينائي بورسعيد وميناء الإسكندرية المصريين، وميناء كومبورت التركي، ومينائي جنوا ونابولي الإيطاليين. ويتيح ذلك فرصة للصين ولدول أخرى لتعزيز التكامل الاقتصادي معا من خلال مشروع "حزام الواحد، طريق واحد" (أوبور)، وخاصة في شرق المتوسط والشرق الأوسط.

فعلى سبيل المثال، يمكن استغلال الاستثمارات الصينية المتزايدة في كل من تركيا وإسرائيل من أجل توسيع نطاق التعاون على الصعيد الإقليمي. ومن بين هذه المشاريع خط سكة حديد وادي جزريل (الحجاز) الذي تم إحياؤه بعد 65 عاما في أغسطس/ آب 2016. ويمكن نقل البضائع التي تسافر عبر البحر من تركيا إلى ميناء حيفا على خط جزريل، ونقلها إلى الأردن ومنطقة الخليج الفارسي الأوسع. أسس خط قطار وادي جزرائيل، وهو جزء من سكة حديد الحجاز التركية برعاية الإمبراطورية العثمانية في عام 1905، وظل يعمل حتى عام 1951. وبعد أن فازت الصين بمناقصة لتشغيل ميناء حيفا لمدة 25 عاما، ستسهل هذه السكك الحديدية للصين شحن البضائع من تركيا إلى الأردن، في آسيا، عبر البحر الأحمر أو الخليج العربي والعكس.

وفي إطار مشروع حزام واحد طريق واحد، ولتحقيق هدف التعاون الإقليمي الأوسع، اقترح يجآل ماؤور المدير العام لإدارة الشحن والموانئ التابعة لوزارة النقل الإسرائيلية، في شهر أيلول/ سبتمبر العام الماضي إقامة الممر الاقتصادي الإسرائيلي - الخليجي.

ويعتقد ماؤور أنه إذا استطاعت الصين الاستثمار فى هذا الممر الذى يتضمن ربط مشروعات البنية التحتية فى منطقة الخليج  بإسرائيل والأردن لنقل البضائع الصينية العابرة، فإن ذلك قد يدفع دول الخليج إلى إقامة علاقات رسمية مع إسرائيل.

وهذا بدوره يمكن أن يدفع مبادرة السلام العربية التي تتوافق مع أهداف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في عملية السلام في الشرق الأوسط، إلى جانب وجود فائدة إضافية لتعزيز التعاون الإقليمي الأوسع مع تركيا والاتحاد الأوروبي في شرق البحر المتوسط. كما أن المصالحة الإسرائيلية - التركية الأخيرة، وترميم العلاقة التي تصدعت بسبب حادثة مافي مرمرة عام 2010، يمكن أن تساعد أيضا في هذا الصدد.

ويبدو أن بجين وأنقرة تعزلان قضية الأويغور، وتسيران قدما فى التعاون الاقتصادي عبر طريق الحرير الجديد.

وبالإضافة الى حصول الصين على حصة 65 فى المائة فى محطة الحاويات كومبورت، يمول البنك الآسيوي الصيني للاستثمار في البنية التحتية مشروع خط أنابيب الغاز الطبيعى عبر الأناضول (تاناب)  الذى يوصل الغاز الآذري عبر جورجيا وتركيا إلى أوروبا. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، وقعت أنقرة وبكين مذكرة تفاهم بشأن مواءمة مبادرة جزام واحد طريق واحد الصينية مع "الممر الأوسط" التركي، استنادا إلى خط سكة حديد فائق السرعة بين كارس في شرق تركيا ومدينة أدرنة الغربية، ويربط تركيا مع الصين عبر آسيا الوسطى والقوقاز.

واستكمالا لهذا هناك الممر المتعدد الوسائط بين الصين وتركيا الذي افتتحته في ديسمبر/ كانون الثاني شركة دي إتش إل غلوبال فورواردينغ ، وهي المزود الرئيس لخدمات الشحن الجوي والبحري والبري في أوروبا وآسيا. ومن المتوقع أن ينتج ممر السكك الحديدية 2.5 تريليون دولار في التجارة السنوية خلال السنوات العشر المقبلة، وقد تم توسيعه لربط تايوان بأوروبا عبر الصين برا، وبالتالي ربط المحيطين الهادي والأطلسي بتركيا  بوصفها مركزا تجاريا رئيسا.

تعزيز السلام والاستقرار الإقليميين

وحيث إن الصين صارت صاحبة مصلحة أكبر في الشرق الأوسط والبحر المتوسط، فإن تركيا وإسرائيل ودول أخرى في المنطقة يمكن أن تستفيد من المصالح الاقتصادية المكتسبة في بكين للمساعدة في تعزيز الاستقرار الإقليمي، وربما ترى تداعيات إيجابية في المجال السياسي لحل الصراع في سوريا. تتطلع  دول الخليج، مثل الإمارات العربية المتحدة، إلى التأثير المتزايد للصين في المنطقة، حيث عقدت حلقة نقاشية  قبل ثلاثة أيام حول أفق الشراكة بين الصين والإمارات، واستكشاف الدور البناء الذي يمكن أن تلعبه بكين في حل الصراع العربي الإسرائيلي، والقضية الإيرانية، والأزمة السورية.

وكما ذكر تقرير مؤسسة راند الذى أصدره البنتاغون أخيرا، فإن واشنطون وبجين ينبغي  أن لا يكون لديهما مشكلة فى التعاون فى المنطقة، نظرا لأن لهما كثيرا من المصالح المشتركة في الاستقرار فى الشرق الاوسط.  وبالنظر إلى أن العلاقات الصينية الأمريكية تشكل دعامة أساسية لأي نظام دولي مستقبلي، فإن الشرق الأوسط قد يكون مكانا جيدا للبدء فيه. 

عن الكاتب

كريستينا لين

باحثة في مركز العلاقات عبر الأطلسي في جامعة جونز هوبكنز بواشنطون


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس