حقي أوجال - صحيفة ملليت - ترجمة وتحرير ترك برس
تحول المؤسسات الإعلامية في العالم، وليس في تركيا فحسب، مستجدات السياسة الخارجية إلى مواد مكثفة ومثيرة لجذب القراء، وتنشرها. وليس من السهل، على سبيل المثال في بريطانيا، كما هو الحال في تركيا معرفة مدى الوضع العصيب للرئيس الأمريكي دونالد ترامب. أما من يتابعون بانتباه فيلاحظون أن ترامب يقترب يومًا بعد يوم وبشكل سريع من مصير مشابه لنيكسون.
وعوضًا عن الادعاءات بأن الانتخابات التي فاز بها ترامب تلاعبت روسيا بها، نجح تحالف الليبراليين واليساريين والديمقراطيين والمحافظين المبغضين لترامب في فتح تحقيق جديد حول ادعاء بانتهاك الرئيس للدستور.
وككل سياسي يعيش وضعًا عصيبًا على صعيد السياسة الداخلية، يعمل ترامب على تحويل الانتباه إلى الخارج وإلى الحروب والاشتباكات. ونتيجة التحريضات التي أثارها خلال جولته الشرق أوسطية جعل دولًا في المنطقة تعلن ما يشبه الحرب على قطر في 5 يونيو/ حزيران. ومع أن تغريداته على تويتر بأنه "يجني ثمرات مباحثاته"، كشفت عبثية الأزمة نوعًا ما، إلا أن الفتيل كان قد اشتعل.
بيد أن هذا الحريق لم يكن في صالح الولايات المتحدة، وحتى السعودية، ولا تركيا ولا إيران ولا البلدان والأطراف الساعية لإخماد الحريق السوري. فتركيا رفعت حجم وجودها العسكري في قطر، وحالت بذلك دون تحول الأزمة إلى حرب. كما أن المؤسسات الأمريكية وعالم البورصة والاستثمارات والقوات المسلحة والدبلوماسية، جميعها شمرت عن سواعدها من أجل تلافي الخسائر التي سببها الرئيس.
يمكنكم القول إن "الولايات المتحدة باعت أسلحة لقطر بكذا مليون دولار، وبالتالي فقد اختارت تخفيف الأزمة"، لكن هذا التطور لم يكن أمرًا بسيطًا في الحقيقة. ولا يمكن تعليل انطلاق مناورات مشتركة بين القوات البحرية الأمريكية والأسطول القطري "بأن واشنطن حصلت على المال من قطر".
قائمة "الطلبات" التي قدمتها السعودية وأعلنت أن العقوبات ستطبق إلى أن يتم تحقيقها، تغيرت في نهاية الأسبوع الماضي إلى قائمة من "الشكاوي". استخدام كلمة شكاوي عوضًا عن طلبات تشير إلى أن الدولة العميقة في أمريكا نقلت رغبتها بإنهاء الأزمة، عقب الموقفين التركي والإيراني، إلى السعودية.
عدل وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون عن زيارة المكسيك لإخماد حريق آخر في السياسة الخارجية أشعله ترامب، وأشار إلى أن سبب بقائه في واشنطن هو الأزمة القطرية.
من جانبه، أجرى وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو الأسبوع الفائت جولات دبلوماسية مكوكية معظمها في بلدان المنطقة، بينما يواصل الرئيس رجب طيب أردوغان اتصالاته مع زعماء الدول.
ويبدو أن الثقب الذي أحدثه ترامب سيتم سده قبل أن تغرق السفينة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس