بيرجان توتار – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

وضعت الحرب الداخلية في سوريا أوزراها.

الأنظار متجهة الآن إلى المشاريع الجديدة للقوى العالمية والإقليمية.

وبينما أصبح بعض الفاعلين، الذين تعاونوا حتى الأمس ضد داعش، في معسكرات متواجهة، بدأ المتنافسون يتقاربون من بعضهم بسرعة.

في هذه المرحلة سيتلاشى من الساحة الوكلاء الذين انتهت مدة صلاحيتهم كتنظيمات داعش وتحرير الشام ووحدات حماية الشعب.

لأن اللاعبين الأساسيين جلسوا بهوياتهم الحقيقة إلى الطاولة.

وإذا كان لنا أن نوجز السيناريوهات المحتملة، فإن روسيا والولايات المتحدة وتركيا وإيران وإسرائيل تأتي في طليعة الدول صاحبة الكلمة في مستقبل سوريا.

"سوريا المستقبل" ستتشكل بموجب اتفاق الدول المذكورة. وسوريا حاليًّا مقسمة إلى مناطق نفوذ مختلفة. فبينما تسيطر الولايات المتحدة على شرق الفرات، يخضع غرب النهر لسيطرة روسيا.

من الموجود حاليًّا في سوريا، وماذا يريد، وما مدى قوته على الأرض؟

الهدف الأهم بالنسبة للولايات المتحدة هو إقامة حزام إرهابي لتقييد حركة تركيا والحزام الشيعي وكبح جماح إيران. تسعى واشنطن لمنع وصول إيران إلى حلفائها في لبنان عن طريق تأسيس حزام شيعي يمر من طهران إلى الموصل ثم الرقة وحلب.

في لفتة كريمة تجاه روسيا أوقفت الولايات المتحدة برنامج تسليح وتدريب المعارضة السورية في 19 يوليو، وهي تصيغ سياستها حاليًّا بهدف قطع الدعم الروسي عن إيران. ولهذا تسعى إلى منح القوات المناوئة لإيران الرقة ودير الزور بعد الاستيلاء عليهما من داعش.

بدورها، تسير إسرائيل في خط مواز للولايات المتحدة، وتعمل على إقناع روسيا بأن التهديد الحقيقي في سوريا من الآن فصاعدًا هو إيران.

لكن التحالف الروسي التركي الإيراني سيلعب دورًا أكبر من الولايات المتحدة وإسرائيل في سوريا الجديدة. لأن الإدارة الأمريكية، باستثناء بعض الحملات الشكلية، لا تملك طاقة كافية ولا استراتيجية متماسكة من أجل إعادة تشكيل سوريا.

أما تركيا، فإن تأثيرها يتزايد تدريجيًّا في سوريا المقسمة إلى مناطق نفوذ. بدأت المرحلة الأولى من عملية درع الفرات في 24 أغسطس 2016 وانتهت في 29 مارس 2017. والأنظار متجهة الآن إلى إدلب وعفرين وتل رفعت بانتظار المرحلتين الثانية والثالثة للعملية.

تعارض موسكو إدخال واشنطن وحدات حماية الشعب إلى إدلب بسبب قربها من اللاذقية، حيث توجد القواعد الروسية. تعتزم تركيا، بدعم من روسيا، إقامة ثلاث نقاط سيطرة في إدلب، بهدف قطع الطريق، عبر خط اعزاز- مارع، أمام وصول وحدات حماية الشعب من كوباني ومنبج إلى عفرين.

ولهذا فإن التعزيزات العسكرية التركية المتجهة إلى ريف اعزاز، حيث من الممكن رؤية عفرين بالعين المجردة، تشير إلى ما هو أكبر من عملية تستهدف إدلب.

تقف وحدات حماية الشعب متأهبة أمام احتمال إطلاق موسكو وطهران ودمشق الضوء الأخضر لتركيا من أجل عملية إدلب وتل رفعت وعفرين. وأعداد من ينظرون بريب في وحدات حماية الشعب إلى الولايات المتحدة آخذة في التزايد.

لا تغرنكم شاحنات الأسلحة الأمريكية المرسلة إلى وحدات حماية الشعب، فليست الغاية إنشاء دولة لها. الهدف الأصلي للولايات المتحدة هو تعزيز مصالحها، ورفع سقف مساومتها في المعادلة السورية. وهذا ما يدل على أن واشنطن ستستخدم الأكراد الداعمين لوحدات حماية الشعب، ثم سترميهم بعد انتهاء مهمتهم.

كما أن النظام السوري، الذي تزايدت قوته قليلًا، سيهاجم بعد داعش "روجاوه" الخاضعة لسيطرة وحدات حماية الشعب. هذا أمر لا ريب فيه.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس