ترك برس

بدأت حالة مستحدثة برسم الشكل الجديد لشرق المتوسط على أساس المنافسة الجيوسياسية للطاقة من قبل الدول الساحلية، يضاف إليها عودة البحرية الروسية إلى المنطقة، والحرب السورية المستمرة.

فقد طغى عدد من السمات على أجندة الشرق في العقد الأول من القرن الـ21، وهي: النشاط المتزايد للغواصات، وتحديث القطع البحرية لتصبح أكثر حسما، والمهمات القتالية. وقد حذت أنقرة الحذو نفسه من خلال تعزيز قدراتها البحرية، وفقًا لتقرير صادر عن "مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية" التركي.

ويقول التقرير التركي إن تحديث القوة الدفاعية لتركيا في العقد الأول من القرن العشرين يُظهر فهمها  الجيوسياسي، فأنقرة بدأت بتحويل قواتها الساحلية إلى قوات لديها قدرات استكشافية عبر المياه العميقة.

وإن أهم سمات الموقف الاستراتيجي للبحرية التركية في العشرينيات القادمة ستكون منصة هبوط طائرات الهليكوبتر  "أل أتش دي/Landing Helicopter Dock - LHD"، تحت مسمى "تي جي غي أناضولو/ TCG Anadolu".

وخلال مراسم إطلاق السفينة البحرية "تي جي غي كينالي أضه/ TGG Kınalıada"، وهي السفينة الرابعة من مجموعة طرادات من طراز "ميلغم/MİlGEM" الأصلية في تركيا، صرّح الرئيس رجب طيب أردوغان بأن البحرية التركية ستشغّل قريبا حاملة طائرات.

وأشارت الأنباء الأخيرة بخصوص مشروع منصة هبوط طائرات الهليكوبتر في تركيا إلى أن أنقرة  تخطط لبناء مدرج تصاعدي "ski-jump" لمنصتها القادمة، الأمر الذي سيمكّنها من إنجاز عمليات إقلاع قصيرة للطائرات من طراز "أف 35 بي/ F-35B"، وعمليات هبوط عمودي "Short Takeoff / Vertical Landing-STOVL" للمقاتلات متعددة المهام.

ويرى التقرير أن مثل هذا القرار الذي يرمي إلى تشغيل هذه السفينة  المستقبلية الرائدة كمنصة هجوم برمائية أو حاملة طائرات خفيفة سوف يحدد الموقف الاستراتيجي للبحرية التركية في العشرينيات القادمة وما بعدها.

منصة هبوط طائرات الهليكوبتر من طراز "خوان كارلوس واحد"

استنادا إلى تصميم السفينة الإسبانية من طراز "خوان كارلوس واحد التي أنتجتها "نافانتيا/Navantia"، صممت السفينة المستقبلية الرائدة للبحرية التركية لتحمل على متنها وحدة بحرية بمستوى كتيبة ودبّابات ومدرعات، بالإضافة إلى جناح جوي مكون من أنواع مختلفة من طائرات الهليكوبتر.

إن تَحويل المنصة التركية القادمة "أل أتش دي" إلى حاملة طائرات خفيفة لن يكون "ببساطة" متعلقًا بنشر عدد قليل من طائرات "ستوفل أف-35 بي/F-35B STOVL"، على المنصة قبل أن تبحر. بل تحديد ما إذا كانت "تي جي غي أناضولو" ستكون بمثابة مورد برمائي أو منصة عمليات حاملة للطّائرات هو قرار كبير ليس من شأنه تحديد الدور الرئيسي للسفينة فقط ولكن أيضا تحديد المهام الأساسية للقوات البحرية، وكذلك آفاق الاقتصاد الدفاعي التركي.

وعلى الرغم من أن البحرية الإسبانية تستخدم هذا الطراز كبديل لحاملات الطائرات الخفيفة، أبقت البحرية الأسترالية السفينة محدودة بدورين: العمل البرمائي واستعراض القوة. فلم يتم بناء سفن الهجوم البرمائي من طراز خوان كارلوس واحد للعمل بفعالية كحاملاتٍ للطائرات الخفيفة.

ليس سبب ذلك الأمر هو وزن السفينة الذي يبلغ 27.500 طن ( 27.5 مليون كغ ) فقط، وهو وزن أقل بكثير من أوزان حاملات الطائرات الأمريكية العملاق، ولكن الأمر متعلقٌ أيضا بتصميمها وخصائصها. فحاملاتُ الطائرات الخفيفة لديها مكونات مراقبة للحركةِ الجوية، بِالأضافة إلى الذخائر ومرافق تخزين الوقود، وأسطح معدلة للإقلاع من أجل تشغيل طائرات "ستوفل/STOVL".

فعلى سبيل المثال، بينما تلبي سفينة البحرية الفرنسية "شارل ديجول/Charle Gaulle" التي تزن 42 ألف طن ( 42 مليون كغ) أو سفينة البحرية الإيطالية "كافور/Cavour" التي تزن ألف 30 طن (30 مليون كغ)، متطلبات عمليات حاملات الطائرات الخفيفة، فإن العديد من السفن البرمائية الأخرى التي تتمتع بأوزان مماثلة غير قادرة على القيام بمهام حاملة طائرات بكفاءة.

وتدعو المصادر الإسبانية سفينة "خوان كارلوس واحد" بـ"سفينة الاستعراض الاستراتيجية"، فهي تمثل أكبر سفينة حربية بنيت في إسبانيا. وكان السبب الكامن وراء بناء "خوان كارلوس واحد" مرتبطا بمهام "بيترسبيرج/Petersberg" - في ذلك الوقت- المدرجة ضمن سياسة الأمن والدفاع الأوروبية "European Security and Defense Policy - ESDP"، والتي تم تحويلها بعد ذلك إلى سياسة الأمن والدفاع المشتركة للاتحاد الأوروبي.

فقد تم تصميم السفينة للإسهام في المساعدة الإنسانية، وحفظ  السلام، والواجبات القتالية في أوقات الأزمات. ويشير الخبراء الإسبان إلى أن هذا الطراز بإمكانه القيام بمهام حمل الطائرات الخفيفة ومهام الهجمات البرمائية. وكان الهدف الأولي منها الجمع بين خصائص حاملات الطائرات من طراز "برينسيبي دي أستورياس/Principe de Asturias"،  والسفن البرمائية من طراز "غاليسيا/Galicia" التي كانت جزءا من أسطول "أرمادا/Armada" الإسبانية في ذلك الوقت.   

ووفقا للتقييمات، تم تصميم خوان كارلوس واحد لأداء أربع مهمات محددة لصالح الأرمادا الإسبانية، هي: العمليات البرمائية، ونشر وحدات الجيش (أفادت الأنباء أنه يمكن للسفينة أن تحمل على متنها منصات كبيرة من ترسانات الجيش، مثل دبابات القتال الرئيسية "ليوبارد-2 أو Leopard2" وطائرات الهليكوبتر الجوية من طراز "سي أتش-47 شينوكCH-47 Chinook")، فضلًا عن عمليات الاستعراض المتكاملة مع الأسطول/استبدال أو دعم ناقلات الطائرات الخفيفة، وعمليات المساعدة الإنسانية.

وإضافة إلى الواجبات المذكورة أعلاه، والمخصصة للأرمادا الإسبانية، تشير التقارير إلى أن "خوان كارلوس واحد" قادرة إجراء جميع المهمات المنوطة بالسّفن البرمائية الكبيرة المعاصرة.

-----------------------------------------------------------------------------------------------------------

التقرير (Turkey’s Forward-Basing Posture) الذي أعدّه الدكتور "جان كسب أوغلو"، وهو حاصل على درجة الدكتوراه من "معهد الأبحاث الاستراتيجية" في "الكلية العسكرية التركية"، تمت ترجمته من اللغة الإنكليزية من قبل "مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!