ترك برس

بعد الإعلان الرسمي في أنقرة وموسكو عن توقيع صفقة توريد صواريخ إس 400 الروسية لتركيا التي كان كثيرون يعتقدون أنها لن تحدث أبدا، لفت المحلل السياسي الأمريكي أندرو كوريبكو إلى أن إصرار الرئيس التركي أردوغان على إتمام الصفقة يرجع إلى رغبته في حماية بلاده من تهديد وشيك تمثله القوة الجوية الكردية التي ستنشأ في إقليم شمال العراق بدعم من الولايات المتحدة وإسرائيل.

ورأى كوريبكو في مقاله بموقع "أورينتال ريفيو" أن التحركات التركية الأخيرة نحو روسيا لم تحدث عبثا؛ لأنها جاءت فور الإجراءات السريعة التي اتخذها الرئيس أردوغان منذ  محاولة الانقلاب العسكري الساقط عليه في الصيف الماضي والمدعوم من الولايات المتحدة. وفي مقدمة هذه الإجراءات تنويع اعتماد بلاده على القطب الغربي، والتوجه إلى شركاء جدد متعددي الأقطاب في الشرق مثل روسيا والصين وإيران.

وأضاف أن أنقرة منذ محاولة الانقلاب وحّدت سياساتها في الشرق الأوسط إلى حد كبير مع هذه الدول الثلاث الكبرى، ولا سيما فيما يتعلق بسوريا، وعلى الرغم من أن تركيا لم تلغ رسميا شعارها "بضرورة رحيل الأسد"، فإن من شبه الأكيد أن الرئيس أردوغان يدرك ضمنا حقيقة أن الثوار المعتدلين لن يطيحوا بالرئيس السوري.

وفيما يتعلق بالصفقة الروسية أشار المحلل الأمريكي إلى أن أردوغان يشعر بقلق أكبر إزاء التهديد الكردي المتصاعد على طول الحدود الجنوبية لبلاده، حيث يتحرك "حليفه" الأمريكي السابق قدما بتشكيل إسرائيل ثانية فعلية في سوريا والعراق. وهذا التطور يدفع تركيا أكثر من أي شيء آخر إلى التعاون على نحو أوثق مع روسيا، ومن الممكن جدا أن تسارع وتيرة بيع S-400 كان بسبب الخطر الوشيك الذي يشكله ما قد يصبح قريبا "القوات الجوية الكردية"  المدعومة من الولايات المتحدة واسرائيل وتعمل من شمال سوريا والعراق.

وأوضح كوريبكو أن الولايات المتحدة تخسر موقعها منذ عقود في الشرق الأوسط، وخاصة في أجزاء من الخليج وتركيا، ولذلك فهي بحاجة إلى استيعاب الوضع الجيوستراتيجي الجديد منذ بدء عملية روسيا لمكافحة الإرهاب في سوريا تقريبا قبل عامين.

وأضاف أنه منذ محاولة الانقلاب الساقط في العام الماضي على الرئيس أردوغان تواتر الحديث بأن الولايات المتحدة قد تنسحب من قاعدة إنجرليك في جنوب تركيا، وأن بعض الأكراد السوريين من حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني ووحدات الحماية الشعبية كانوا أكثر استعدادا لدعوتها إلى إنشاء قواعد جوية فيما ما يسمى بـ"روجافا" بدلا من ذلك.

وعلاوة على ذلك، فإن دولة المستقلة بحكم الأمر الواقع في شمال سوريا والعراق من الطبيعي أن تشجع العنف الانفصالي لحزب العمال الكردستاني في مناطق جنوب شرق تركيا المتاخمة لهذا الكيان، وإذا منحت الولايات المتحدة وإسرائيل أو باعت الطائرات للأكراد بزعم "مكافحة الإرهاب"، فمن المتوقع أن تستخدم هذه الأسلحة ضد الجيش التركي بدلا من ذلك.

ويخلص إلى أن من المستبعد أن تكون تركيا قد عرضت علاقاتها مع واشنطن للخطر بشراء الصواريخ الروسية من أجل حمايتها من التهديدات غير الموجودة من الدول المجاورة مثل جورجيا وأرمينيا وإيران والعراق وسوريا وقبرص واليونان وبلغاريا. ومن المرجح أن تختار المضي قدما في هذه الخطوة لأنها قبلت بالفعل أن علاقاتها مع الولايات المتحدة تدمر بشكل لا يمكن إصلاحه منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة المؤيدة  للولايات المتحدة، وأن حليفها الأمريكي السابق يعمل الآن بنشاط لمحو البلاد من الخريطة من خلال دعم ما يسمى بدولة إقليم شمال العراق على مستوى المنطقة.  

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!