ترك برس

من المعروف أن أي تحليل يعرج على تناول العلاقات التركية ـ الإيرانية، لا بد أن يؤكد بشكل عام وجود رؤى مشابهة لبعضها بعضا لدى الدولتين بخصوص الأزمة الكردية.

ولعل ما يؤكد هذه المقاربة تلك المحاولة الأخيرة التي أقدم عليها مسعود بارزاني رئيس إقليم شمال العراق، من خلال تنظيم استفتاء باطل انتهك من خلاله دستور الدولة التي يتبعها، وذلك بعد أن انتهت فترة رئاسته للإقليم قبل سنوات، وبالتالي بات لا يملك أي سلطة لاتخاذ قرارات، ولم تعد لديه صلاحية على تشغيل البرلمان المحلي لاستخدام قوات الإقليم.

ويقول الخبير والمحلل السياسي التركي "حقي أويغور"، في تحليل نشرته وكالة الأناضول الرسمية، إن ردود فعل أنقرة وطهران المشابهة لبعضها بعضا حيال هذه الأزمة، بدأت بإعلان رفضهما الاعتراف بالاستفتاء، ثم بدأ فيما بعد الحديث عن عقوبات سياسية واقتصادية متنوعة قد يتم فرضها على المنطقة.

ومع هذا فقد لوحظ التزام إيران لهجة أكثر حيطة في خطاباتها ذات الصلة بهذا الأمر، وأنها كانت حريصة على عدم رفع التوتر العرقي، وفق رأي الخبير التركي.

فعلى سبيل المثال جاء أول رد فعل إيراني على الاستفتاء من النواب الأكراد بالبرلمان، إذ طالبوا بإصدار بيان مشترك يتم فيه إعلان بطلان الاستفتاء. ومن اللافت على الجانب الآخر، هو أن ردود الفعل التركية المستمرة حتى الآن أكثر، كانت أكثر عنفا وشدة.

جدير بالذكر أن تركيا على مدار 15 عاما مضت، استطاعت إقامة علاقات طيبة مع إدارة بارزاني داخل إطار البناء الدستوري العراقي القائم حاليا، ولم تتقاعس عن تقديم كافة أشكال الدعم لها، سواء ضد تجاوزات الحكومة المركزية في بغداد أو ضد تنظيم "داعش".

وحتى وقت قريب لم تتخلف أنقرة عن تقديم الدعم المادي لبارزاني حينما وصل لوضع لم يستطع معه دفع رواتب الموظفين.

لذلك كانت مسألة إقصاء أنقرة من عملية اتخاذ قرار كهذا (في إشارة للاستفتاء)، وفرضه كسياسة أمر واقع، والاستقواء بالغرب في محاولة إيصال رسالة للحكومة المركزية، ودول الجوار مفادها أن "هناك ما يحميني"، كانت بمثابة أمور وخطوات فرّغت خطابات الأخوة والنوايا الصادقة من محتواها.

الشيء المثير للانتباه هو أنه على الرغم من كل هذه الحقائق، ما زال الدعم من تركيا متوقعا، وما زالت المطالبة باستمرار حمايتها للمنطقة قائمة. لا سيما أنه فجأة ودون سابق إنذار اكتشفت كتلة عريضة من المراقبين داخل تركيا أن مذهب بارزاني هو المذهب السني.

ليخرج علينا اليوم من كانوا حتى الأمس القريب يصنفون العراق بين شيعة وسنة وأكراد، يشددون على ضرورة تقسيم البلاد مع تأكيدهم في مقاربتهم خطورة الانتشار الشيعي الإيراني. بل ويطلبون من تركيا التزام الصمت حيال هذا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!