تامر كوركماز  - صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس

تحدث ممثل الاتحاد الأوروبي وكذلك المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، بتصريحات متتالية عن العملية المؤخرة التي قامت بها الحكومة التركية ضد التنظيم الموازي، متشدقين باسم الديمقراطية.

لم يتحرك الاتحاد الأوروبي، ولا وزارة الخارجية الأمريكية، إبان محاولة الانقلاب التي قام بها التنظيم الموازي بتاريخ 17 كانون أول عام 2013، وربما دعموهم أصلا في محاولتهم تلك.

بالنسبة للغرب، لم تشكل محاولة الانقلاب تلك التي قام بها التنظيم الموازي، أي خروقات وتهديدات للديمقراطية التي يدعون بالدفاع عنها، ولم تكن تلك الحادثة –بالنسبة لهم- محط قلق أو اهتمام.

نعم، هذا هو حال الديمقراطية من وجهة نظر الغرب، هكذا يريدونها، فلم يستطع الغرب أن يصف انقلاب عبد الفتاح السيسي، بأنه انقلاب عسكري، بل بالعكس، اعترفوا به رئيسا واستقبلوه رئيسا.

نحن لا نعير أي اهتمام للمتحدثين باسمهم، عندما يتحدثون عن "الديمقراطية وحرية الصحافة"، لأنهم ليسوا هم من يعلمونا هذا الأمر، ولأنهم لا يحققون ذلك أصلا في بلدانهم ولا في الأوطان التي يسيطرون عليها.

هذا التنظيم الموازي، والذي يرتبط بصورة أساسية بمعسكر الغرب، قد انتهك كل الحرمات، من التجسس، والتنصت، والتزوير، وكل تلك الأعمال المشينة والمنافية لأسس الديمقراطية والعمل الشريف، يرى فيها الغرب أمورا طبيعية وغير مخالفة لمعاييرهم.

هل توقعتم أن يسكت الغرب تجاه الحملة التي شنتها الحكومة ضد التنظيم الموازي؟ هذا التنظيم الذي أسسوه هم أصلا، وأرادوا من خلاله السيطرة على الدولة والجمهورية التركية، فهو ذراع الغرب هنا، وعندما يتم المساس به، بكل تأكيد سيدافع الغرب عنه تحت مسمياته وشعاراته المعتادة، ومع ذلك، لا يمكننا أن نسكت عن التجسس، وعن التنصت، وعن السيطرة غير الشرعية على القضاء، وغيرها من تلك الجرائم.

التنظيم الموازي، وبعد تعرضه لضربة واستجواب فيما يُعرف الآن بعملية 14 كانون أول/ديسمبر، يبحث الآن عن سادته في أوروبا وفي الولايات المتحدة الأمريكية للدفاع عنه وللوقوف إلى جانبه! وهذا دليل كاف على تورط الجماعة بمشروع غربي ضد الدولة التركية المستقرة عن الهيمنة الغربية في المنطقة.

لقد قام اردوغان بإعطاء الاتحاد الأوروبي والمتحدثين باسمه جوابا شافيا، إزاء تدخلهم وتعليقهم على استجواب عدد من صحفيي جماعة فتح الله غولن، عندما صرح تصريحات قوية ضدهم، وأخبرهم أن كلامهم لا يعنيه بشيء، عندما قال:

"هل يريد الاتحاد الأوروبي ضمنا؟ لا يهمنا هذا الأمر على الإطلاق، نحن نعلم ماذا نفعل، ولينظر الاتحاد الأوروبي لشأنه!"

تعجب "موغيريني"  ممثل الاتحاد الأوروبي بشدة من تصريحات اردوغان الأخيرة تجاه الاتحاد الأوروبي، بالرغم من التطور الذي حصل في العلاقة بين الطرفين خلال الاجتماعات التي عقدت بينه وبين رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو قبل عدة أيام، إلا أن ردة فعل اردوغان تجاه تصريحات الاتحاد الأوروبي على قضية استجواب الصحفيين، كانت قاسية وغير متوقعة.

يرى بعض المسئولين في الاتحاد الأوروبي، أن تركيا تتصرف بطريقة متناقضة تجاه الاتحاد الأوروبي، لكن التناقض الحقيقي ليس عند أنقرة، وإنما عند الاتحاد الأوروبي، الذي أعطى قبرص الجنوبية عضوية الاتحاد الاوروبي قبل عشر سنوات، فيما لا زالت تركيا تبحث عنها!

عند الحديث عن التناقض، فالاتحاد الأوروبي الذي يدعي بدفاعه عن الديمقراطية، من أوائل من اعترف بانقلاب عبد الفتاح السيسي على الديمقراطية في مصر، واستقبله كرئيس شرعي.

عند الحديث عن التناقض، فالاتحاد الأوروبي لم يدن المجزرة التي ارتكبها النظام الإسرائيلي تجاه الأبرياء في سفينة مافي مرمرة، بل لم يكتف إعلامه بذلك، وإنما وضع اللوم على الذي سمح للسفن بالإبحار إلى غزة، وعند الحديث عن التناقض، فالاتحاد الأوروبي لم يفعل أي شيء تجاه محاولة الانقلاب التي حصلت في تركيا قبل عام.

ولهذا، لم نستغرب من دعم الصحف الإسرائيلية وعلى رأسها "هآرتس"، للتنظيم الموازي، والذي يخدم الغرب، ويخدم إسرائيل، لأن أهدافهم مشتركة، ومعاييرهم مشتركة، ونظرتهم للديمقراطية وللحرية مشتركة ومحددة بما يخدم مصالحهم.

عن الكاتب

تامر كوركماز

كاتب في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس