حسين يايمان – صحيفة وطن – ترجمة وتحرير ترك برس

قبل عامٍ من الأن، لو قلت بأنّ العداء بين الحكومة التركية وجماعة فتح الله غولن سيصل إلى هذا الحد، لماكان أحد يصدّق ما تقوله. ولو قلت بأنّ الحكومة سوف تطرق أبواب الانتربول للبحث عن فتح الله غولن لإحضاره إلى تركيا، لقالوا عنك بأنّك مختلّ عقلياً. لكنّنا رأينا خلال عامٍ واحدٍ فقط كيف أنّه تحقّق ما كنّا لا نتوقّع حدوثه.

فالعلاقة بين الحكومة التركيّة وجماعة فتح الله غولن كانت لا بأس بها حتّى أحداث 17 أكتوبر من العام الماضي. ومع محاولة عناصر هذه الجماعة الانقلاب على الحكومة الشّرعيّة في 17 أكتوبر، إنقلبت الأمور رأساً على عقب. حيث تحوّلت العلاقات إلى صراعٍ محتدم بين الطّرفين. والنّقطة التي توصّلنا إليها الأن هو تفوّق الحكومة التركيّة على هذه الجماعة من خلال حصولها على تأييد الجهاز العسكري والاستخباراتي  ورئاسة الجمهوريّة والأهمّ من ذلك كلّه هو حصول الحكومة على دعم غالبيّة الشّعب التركي في حربه ضدّ جماعة غولن.

فعندما بدأ الصّراع بين الحكومة التركيّة وجماعة فتح الله غولن، سارعت الأوساط الإعلاميّة التي تكيد للحكومة التركيّة وبدأت تطلق تحريضاتها بأنّ حكومة العدالة والتنمية أوشكت على السّقوط وأنّ جماعة فتح الله غولن ستنتصر لا محال.

الخطأ الأكبر الذي إرتكبته جماعة فتح الله غولن خلال فترة العام المنصر، أنّهم لم يستطيعوا قراءة الواقع الاجتماعي والسياسي جيّداً. فإنّهم لم يستطيعوا أن يواجهوا الواقع الذي يؤكّد صلابة حكومة العدالة والتنمية. فما زالوا إلى الأن يحاولون إقناع أنفسهم بأنّهم يستطيعون إسقاط حكومة حزب العدالة والتنمية ويكسبون هذا الصّراع. لكنّهم لا يدركون أنّ الشّعب بات ينظر إلى هذا الصّراع على أنّها أصبحت بمثابة الأمن القومي لبلدهم.

جماعة فتح الله غولن كانت مصدر تهديدٍ للأمن القومي التركي منذ اليوم الأول من تأسيسه. لكن مع وصول رجب طيب أردوغان إلى سُدّة الحكم في البلاد وتغاضيه بعض الشيئ عن فعاليات هذه الجماعة، بدأت هذه الجماعة بتكوين الحاضنة الشّعبيّة لها على مرّ عشرة سنوات. بمعنى آخر إنّ أردوغان ساهم في اشتداد عود الجماعة من دون أن يدري ذلك.

الأزمة بين جماعة فتح الله غولن والحكومة التركية لم تعد صراعاً بين غولن وأردوغان. فقد بات هذا الصّراع عبارة عن حربٍ بين الجمهوريّة التركيّة والكيان الموازي المتمثّل بجماعة فتح الله غولن.

إذاً في نهاية المطاف. ما الذي حصل الأن؟

إنّ الذين دعموا فتح الله غولن على متابعة الصّراع بدل التّفاوض مع الحكومة التركيّة قد خسروا اللعبة. فإذا وصل الأمر إلى التّفكير في جلب فتح الله غولن عن طريق الانتربول الدّولي من مقر إقامته في الولايات المتّحدة الأمريكية، فلا داعي للتّفكير فيمن ربح هذه المعركة. والأهمّ من هذا كلّه أنّ فتح الله غولن إنكشف على حقيقته أمام الشّعب التركي وتضعضعت مؤسّسته التي أطلق عليها اسم مؤسّسة الخدمة. كما أنّ فتح الله غولن أضاع ما بناه خلال أربعين عاماً.

بإختصار لو حاولنا أن نلخّص مجريات الأحداث خلال العام الماضي، يمكننا تبويبها في عشرة أبواب.

1 – أدرك الجميع بأنّ الحصانة التي كان يتمتّع بها فتح الله غولن، كانت صادرة من أردوغان.

2 – مع بداية الصراع بين الحكومة والجماعة، كانوا يقولون أنّ أردوغان سيهرب إلى ماليزيا بعد سقوط حكمه. إلّا انّنا اليوم نراه في القصر الرئاسي.

3 – بعد أحداث 17 / 25 أكتوبر الماضي. قالوا بأنّ حزب العدالة والتنمية لا يستطيع أن يحصد 30 بالمئة من أصوات النّاخبين بعد اليوم. إلّا أنّنا شاهدنا كيف أنّ حزب العدالة والتنمية نجح في استحقاقين انتخابيّين متتاليين وذلك بمضاعفة نسبته في كل استحقاقٍ انتخابي حتى وصلت هذه النّسبة إلى 52 بالمئة. أي بدأ أكثر من نصف الشّعب التركي يقف بصفّ العدالة والتنمية.

4 – خلال فترة عامٍ واحد، أضاع فتح الله غولن هويّته الدّينية.

5 – أجهزة الاستخبارات الأجنبيّة التي اخترقت جماعة فتح الله غولن، أجبرت الجماعة من الخروج عن الاهداف التي تأسّست من أجلها.

6 – إتّضح للجميع أنّ جماعة غولن تدعوا للحوار في جميع أنحاء العالم، بينما تدعوا للصّراع داخل تركيا.

7 – لقد حوّلت الجهات الدّاعمة لفتح الله غولن هذه الجماعة إلى آلة تستخدم للأغراض السياسيّة.

8 – مؤيّدوا جماعة فتح الله غولن بدؤوا يميلون إلى الأحزاب اليساريّة في تركيا.

9 – إتّضح أن صراع فتح الله غولن مع الحكومة ليس بداعي العدل والدّيمقراطيّة، إنّما من أجل الحصول على السّلطة في البلاد.

10 – إنّ غالبيّة الشّعب التركي بات لا يقيم وزناً لجماعة فتح الله غولن.

عن الكاتب

حسين يايمان

كاتب في صحيفة وطن


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس