أفق أولوطاش – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

تتواصل عملية "غصن الزيتون" كواحد من المنعطفات الهامة في سوريا. وفي حال سير مكافحة تركيا لحزب العمال الكردستاني وفق الخطة الموضوعة، فإنها ستؤثر على الداخل السوري وعلى المفاوضات الدولية الجارية حول سوريا.

كما أنها ستبلور ضرورة إعادة النظر في مناطق النفوذ والحدود، التي يُقال إن الأمر حُسم فيها، حيث يبرز الفاعلون الرئيسيون الولايات المتحدة وروسيا وإيران ونظام الأسد.

يظهر سير العملية حتى الآن عدم استعجال الجيش التركي، فالعملية تتقدم ببطء في ظل الظروف الحالية وضمن إطار الخطة المرسومة لها. وهذا أمر مهم لتقليل الخسائر البشرية وتحقيق التقدم.

تتقدم القوات التركية على سبع محاور في ريف عفرين، ويشهد التقدم أحيانًا انسحابات استراتيجية. وقد يرتفع عدد المحاور في الأيام القادمة، مما يشتت إمكانيات حزب العمال الكردستاني ويضعف انتباهه.

يعمل الحزب على التخفي في مناطق أكثر تحصنًا للتقليل من خسائره، في حين تضعف تركيا من قدرته على المقاومة عبر استهداف جسره اللوجستي ومستودعات ذخيرته.

من المعروف أن الحزب استعد بشكل جدي، لكنه لم يحسب حساب القوات الجوية التركية، التي تؤثر بشكل مباشر على التطورات الميدانية، بمقاتلاتها ومروحياتها وطائراتها المسيرة.

يخوض الجيش التركي كفاحًا في ظروف صعبة. وعلى الجانب الآخر، تقوم أنقرة بتحركات دبلوماسية مكثفة. من المعروف أنها توصلت لتفاهم مع روسيا، فيما يبدو أن المشكلة الأساسية ستكون على صعيد العلاقات مع الولايات المتحدة. لكن تركيا لا تملك خيار منح الأولوية للعلاقات الثنائية بسبب الخطر الداهم.

تعيش الولايات المتحدة حالة من الفوضى، وهذا ما أظهره الاتصال الأخير بين أردوغان وترامب. هناك من يريدون تسميم العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة، وهؤلاء يضعون نصًّا أمام ترامب، لكنه لا يقرأه. ثم يصرح البيت الأبيض عن قضايا لم يتناولها الزعيمان، وكأنه تم تناولها.

ومؤخرًا طرح وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون مسألة المنطقة الآمنة. السؤال الآن، هل تريد الولايات المتحدة أن تشمل هذه المنطقة الآمنة، أي المطهرة من الإرهاب، الحدود التركية السورية بأسرها؟ أم أن الاقتراح يقتصر على عفرين، بعد انطلاق عملية "غصن الزيتون"؟

لا تبدي الولايات المتحدة احترامًا لمخاوف تركيا من التهديدات الإرهابية عقب عملية غصن الزيتون، ولا تحاول حل المشاكل التي تسببت بها هي نفسها. والإدارة الأمريكية متكبرة إلى حد يعمي عينيها عن رؤية المشاكل التي سيتسبب فيها إصرارها على دعم حزب العمال، وهي تدير سياستها في سوريا من منطلق التكبر والقوة، وليس العقلانية.

وما لم تدركه واشنطن هو أن تأمين الحدود ليس خيارًا أمام أنقرة، وإنما ضرورة، وأن تركيا مستعدة للمجازفة بالكثير في سبيل أمن حدودها. من لا يدركون هذه الحقيقة يخطئون كثيرًا. 

عن الكاتب

أفق أولوطاش

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس