ترك برس

أجمع خبيران في الشأن التركي على عدم قدرة أحزاب المعارضة في تركيا على تقديم مرشح موحد لمواجهة رئيس البلاد رجب طيب أردوغان، في الانتخابات الرئاسية المبكّرة المقرر إجراؤها في 24 حزيران/ يونيو القادم.

الكاتب والمحلل السياسي سعيد الحاج، أرجع أسباب عدم قدرة هذه الأحزاب على تشكيل تحالف منافس لأردوغان في انتخابات الرئاسة، لكونها "تختلف بشكل كبير في أيدلوجيّاتها وخلفياتها وبرامجها وبشكل متناقض، فمن الصعب لأيدولوجياتها الاجتماع على شخص واحد"، بحسب صحيفة "عربي21" الإلكترونية.

ودلل الحاج على ذلك، بالجدل الذي حدث عندما أرادوا الإجتماع على شخص الرئيس التركي السابق "عبد الله غول"، رفض حزب الشعب الجمهوري فكرة تقديم مرشح محافظ كـ"غول"، وفضلت رئيسة "حزب الخير"، على تقديم نفسها والدخول في الانتخابات، ما جعل غول يفضل الانسحاب من فكرة الترشح.

رأى أن أحزاب المعارضة تدرك أن شخصية الرئيس التركي أردوغان "شخصية قوية، ولديه كاريزما خاصة، ورئيس حزب حاكم منذ عام 2002، فضلا عن انجازاتِه وأنه كوّن له حاضنة شعبية متماسكة إلى حد كبير وبالتالي ترى هذه الأحزاب أنه من الصعب منافسته حتى ولو بشخصية قوية مقابلة له".

ولفت إلى أن أحزاب المعارضة تستشعر أن أردوغان سيكون الرئيس القادم "بعد فشلها في الاتفاق على مرشح يقودها في سباق الرئاسة، فحولت تلك الأحزاب تركيزها على البرلمان".

وحول التفاف الأحزاب على البرلمان، قال الحاج: "إن أحزاب المعارضة تريد من خلال البرلمان محاولة تحقيق أغلبية ولو بأغلبية نسبية في محاولة إيجاد توازن بين مؤسستي الرئاسة والبرلمان، بحيث يصبح البرلمان يعمل بشكل مواز لدور أردوغان في مؤسسة الرئاسة، التي من الواضح أنها محسومة لصالحه".

من جهته اتفق الأكاديمي السياسي التركي محمد خيري كرباش أوغلو، مع الحاج، مبينًا أن أحزاب المعارضة لا يمكن لها الإتفاق على مرشح واحد للرئاسة بسبب الاختلاف في الأفكار والأيدلوجيات فيما بينها، وقد يقود ذلك لانشقاقات داخل تلك الأحزاب.

ورأى كرباش أوغلو، أن أهمية البرلمان لدى أحزاب المعارضة أكثر من اهتمامهم بالرئاسة.

وعلّل ذلك بقوله "إن الرئيس لا يمكن له اتخاذ قرارات أو التصرف كيفما يشاء ضد قرارات الأكثرية في البرلمان، لذلك فأحزَاب المعارضة فضلت كأولوية الفوز بالأكثرية، على تقديم رئيس مرشح للجميع"، منوها إلى أنه "إن لم يحصل الحزب الحاكم على أغلبية البرلمان، فلا يمكن له إحداث تغييرات دستورية كما يريد".

وتابع كرباش أوغلو بأن الأحزاب المعارضة إن حصلت على أغلبية برلمانية ستسعى إلى العودة للنظام البرلماني، وتعديل الدستور، مستدركا بأن "النظام الجديد قد يخدم أيضا أحزاب المعارضة فيما بعد".

ولفت الحاج إلى أنه بالرغم من تحالف المعارضة مع بعضها، إلا أن الصعوبة تكمن بتماسُكها كتحالُف، فبالرغم من التوافقات بين قياداتها إلا أن هذا لا ينسحب بالضرورة على كوادرها وحاضنتها الشعبية.

واستدرك، بأن ما يجمع المعارضة في تحالفها هو "قوة أردوغان ومواجهته والسعي لإسقاطه،حيث يصعب عليهم فرادى القدرة على ذلك ، وبالتالي اتجهوا للتحالف بالرغم من اختلاف برامجهم ومشاريعهم".

ولفت بأن ما يميز "تحالف الشعب" الذي أسسه العدالة والتنمية أن فيه انسجامًا وتناغمًا إلى حد كبير جدا، يجمع ما بين تيارات محافظة وقومية، ما يعطيه قوة وزخما في مواجهة التحالف الآخر لأحزاب المعارضة.

وأوضح  أنه "بالرغم من ذلك، توجد منافسة حقيقية بعد تشكيل التحالفات"، مضيفا أن تشكيلها وفق قانون الانتخابات الذي يفترض أن يتعدى حاجز 10% ( للتحالف الانتخابي )، يعني أنه على الاقل سنشهد 8 أحزاب في البرلمان، ومن الممكن أن تكون 9 أحزاب، إذا دخل حزب الشعوب الديمقراطي، وبالتالي قد تتغير خارطة البرلمان.

ورجح الحاج، أن تكون النتائج "إما أغلبية نسبية لصالح العدالة والتنمية وتحالفه، أو أغلبية نسبية وبسيطة لتحالف المعارضة، ومن سيحسم الأمر، هو حزب الشعوب الديمقراطي في حال دخل للبرلمان ونسق مع التحالف المعارض"، ما يعني أنه سيزيد فرص المعارضة للحصول على الأغلبية.

واتفق كرباش أوغلو على ما ذهب إليه الحاج، أن احتمالات فوز أردوغان بالانتخابات الرئاسية عالية، إلا أنه يرى من الصعوبة حصول تحالف العدالة والتنمية على أغلبية برلمانية، مشيرا إلى وجود خلاف داخل حزب العدالة والتنمية حول النظام الجديد.

وذهب كرباش أوغلو، إلى أن الأكراد سيشكّلون إشكالية لأردوغان، بسبب اعتقال رئيس حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرتاش، إلا أنه توقع أن يقوم الرئيس التركي بالإفراج عن دميرتاش سعيا لاستمالة الأكراد، والحصول على أصوات جزء منهم.

وحول عدم مشاركة حزب الشعوب الديمقراطي، في تحالف المعارضة، قال كرباش أوغلو بأن الحزب لم يرفض المشاركة، ولكن تحالف المعارضة طلب منه الإعلان بشكل صريح عن عدم وقوفهم بجانب الممارسات العنفية.

ولفت إلى وجود انقسام داخل حزب الشعوب الديمقراطي ما بين التيار الشيوعي العلماني داخل الحركة الكردية، والتيار المحافظ المتدين، مرجحا أن حزب الشعوب الديمقراطي قد يحسم أمره بالتنسيق مع  التحالف المعارض بعيد الانتخابات البرلمانية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!