نظير الكندوري - خاص ترك برس

جاء إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، انسحاب بلاده من الاتفاق النووي مع إيران، قبل أربعة إيام من موعد الانتخابات النيابية العراقية، ليشكل تأثيراً بالغًا على مزاج الناخب العراقي بشكل عام ومزاج الناخب الشيعي بشكل خاص المتوجه لصناديق الاقتراع يوم 12 من الشهر الجاري، مما سيعكس تأثيرًا مباشرًا على نتائج تلك الانتخابات.

كما وأن إعلان الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي مع إيران، جاء بعد يومين من ظهور نتيجة الانتخابات النيابية اللبنانية، والتي مثلت نتائجها صفعة إيرانية بوجه الجهود الامريكية -السعودية لتحجيم النفوذ الإيراني في دول المنطقة، وكان لبنان إحدى تلك الدول. هذا الامر وغيره من الأمور، جعل ترامب يتعمد تقديم موعد إعلان الموقف الأمريكي من الاتفاق النووي، من 12 أيار/ مايو الجاري إلى الثامن من نفس الشهر، لكي يستبق موعد توجه الناخبين العراقيين للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات النيابية العراقية، بنيَّة التأثير على نتائج الانتخابات والحيلولة دون تكرار ما حصل في لبنان ليتم في العراق.

لقد أصاب جموع الشعب العراقي الرافض للنفوذ الإيراني في العراق، الإحباط بسبب النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات النيابية اللبنانية، فالبلدان يشتركان في أمور كثيرة أهمها، التواجد الإيراني القوي فيهما، واستثمار المليشيات في البلدين لصالح إيران.

لقد كانت نتائج الانتخابات النيابية اللبنانية والتي جاءت بما يوافق الهوى الإيراني، سببًا لتسلل الإحباط الى نفوس المعارضين للنفوذ الإيراني من العراقيين، ومَثُلَتْ أمامهم حقيقة أن الجهود الموجهة ضد الإيرانيين ونفوذهم الممتد بدول المنطقة، هي جهود عبثية، غير قادرة على تحقيق تلك الأهداف. لكن إعلان ترامب عن انسحاب بلاده من الاتفاق النووي، جاء ليخلط الأوراق ويعيد رسم المعادلات السياسية بالمنطقة، ويدخل النظام الإيراني في حالة حصار خانق، سيحُد من قدراته لدعم كل المليشيات المنتشرة في العراق، أو في سوريا واليمن ولبنان، وسيحتم عليه "اضطراراً لا اختياراً "،الانكفاء على نفسه والاهتمام بشؤونه، للتخفيف من وطأة الحصار الاقتصادي الذي سيفرض عليه.

كل هذه الأمور سترفع من معنويات المناوئين للنفوذ الإيراني بالعراق، وسيجعلهم يتجرؤون على التصويت لصالح الأحزاب البعيدة عن إيران في العراق، أو على الأقل الأحزاب التي لا تستجيب لكل مطالبها.

مع هذا فإن الأنظار تتجه الى الناخب العراقي الشيعي، لأنه هو وحده من يستطيع أن يحجّم من نفوذ الأحزاب الموالية لإيران. ومع علمنا بأن الفرد الشيعي العراقي الآن، يختلف بواقع حاله وبشدة عما كان عليه قبل سنوات، بعد ما تبين له ما للتأثير الإيراني من دور تخريبي على بلاده، وقد رفض أي تواجد لإيران في بلاده، وعبر عن ذلك بمناسبات عديدة. فالفرصة مؤاتية الآن للتعبير عن ذلك الرفض، وعدم الخشية من إيران وأتباعها في العراق، بسبب محدودية التصرف الإيراني لإنقاذ أتباعها في العراق.

من المتوقع أن تسفر نتائج الانتخابات العراقية القادمة بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي، عن تفوق كبير لأنصار رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي المحسوب على النفوذ الأمريكي، على حساب منافسيه من أنصار هادي العامري ونوري المالكي. كما ومن المتوقع أن يزيد أنصار العبادي بعد الانتخابات، وستبدي العديد من الكتل السياسية استعدادها للتحالف مع العبادي لتشكيل الحكومة العراقية القادمة.

بالمقابل، إذا حاول النظام الإيراني تدارك الموضوع والعمل على أن تكون نتائج الانتخابات وفق ما يريد، فإن المتوقع وبشدة أن يتدخل للتأثير على الانتخابات العراقية عن طريق التزوير، واستعمال أساليب الترغيب والترهيب في الوقت الضائع المتبقي قبل إجراء الانتخابات، لكن الولايات المتحدة بهذه الحالة ستتهم إيران بالتأثير على نتائج الانتخابات، ومن الممكن أن تطعن بشرعيتها، الأمر الذي يمكن لأمريكا أن توفر الإجماع الدولي لعدم الاعتراف بنتائج الانتخابات، ويترتب على هذا السيناريو الذي لا تريد ايران مجرد التفكير به، تشكيل حكومة طوارئ بقيادة العبادي لمدة ليست بالقصيرة تحضيرا لانتخابات جديدة، سوف لن تكون فيها المعادلات السياسية في العراق كما هي حاليًا.

إن العراق على أعتاب فرصة كبيرة يمكنه استغلالها خلال الانتخابات بعد 3 أيام للحد من النفوذ الإيراني ومن يمثل هذا النفوذ بالعراق. والوضع الدولي الآن، سوف يكون داعماً لأي خيار مضاد لإيران سواء في العراق أو في أي دولة أخرى من دول المنطقة.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس