أسعد مصطفى - خاص ترك برس

يتبارى المتنافسون في الدول الديمقراطية في الترويج لبرامجهم ورؤاهم لمستقبل بلدانهم وقضاياها الكبرى، وكثيرا ما تكون هذه البرامج صياغات أعيدت كتابتها وينتهي دورها مع وصول أصحابها إلى السلطة.

في تركيا الأمور مختلفة، بين من يجري صفقات صغيرة ووعود خبرها الشعب التركي منذ الحرب العالمية الأولى يوم قيام الجمهورية التركية، بهدف عرقلة مشاريع منافسيهم ولو كانت لمصلحة الوطن. وفريق يعرض حصاد حفنة سنين، خمسة عشر عاما فقط، تقدم تركيا الحديثة  نفسها، باقتصادها المتنوع وصناعتها وإنتاجها الحربي وقوتها المجتمعية، وتجذر الإجماع الشعبي حول أمن الوطن واستقلاله، فريق انتقلت معه تركيا من مثيل دولة أفريقية فقيرة إلى دولة تتربع بين العشرين الكبار في العالم وينافس معدل نمو اقتصادها على المركز الأول.

تركيا بقيت على حالها مئة عام، لم ينهض أحد لإطلاق قواها الحية واستثمار ثرواتها،  حتى يوم أدهش رئيس بلدية إسطنبول تركيا في التسعينيات يوم احتشد العلمانيون وبيوتات المال والتجار والكوادر العلمية ومجتمع العاصمة الاقتصادية مع راعي إسطنبول الحديثة الطيب أردوغان، ليلتف بعدها الشعب التركي حوله ويحمله الأمانة مع حزب العدالة والتنمية لقيادة تركيا.

خمسة عشر عاما، تبدلت تركيا من دولة تنوء بديون صندوق النقد الدولي إلى دولة تقرضه، وتغيرت مستويات عيش الشعب التركي ليحل في الصفوف الأمامية مع شعوب أوروبا وأمريكا، أصبحت تركيا   الدولة 15 من حيث ناتجها المحلي الإجمالي، وهي جزء من الاتحاد الجمركي الأوروبي، تتقدم على دول عظمى باقتصادها الثري المتنوع بلا نفط ولا غاز،  تمثل الصناعة 27% من ناتجها المحلي،  مقارنة بعشرة بالمئة في فرنسا، ولا يزيد الدين العام في تركيا عام 2017 عن  26%  من الناتج المحلي مقارنة بنحو و85% في ألمانيا و90% في فرنسا و103% في بريطانيا.

ومن المفارقات أن تستعرض بعض هذه الدول عضلاتها على حدود تركيا، في وقت تسعى فيه تركيا لمؤاخاتها كعضو في الاتحاد الأوروبي.

محاولات يائسة وبائسة، حاولت عرقلة نهضة تركيا في كل محطاتها التنموية من مظاهرات ميدان تقسيم، إلى انقلاب 15 تموز/ يوليو الفاشل، إلى دعم أدوات انفصالية إرهابية تستهدف أمن المواطنين كلهم، إلى التلاعب المفضوح بالليرة التركية الذي يتناقض جذريا مع كل مؤشرات قوة الاقتصاد التركي. محاولات سيكون نتيجتها تحصين اقتصاد تركيا وأمنها وقوة الليرة التركية إلى الأبد.

انتخابات تركيا موسم  تعلو فيه صروح البناء على ساحة وطن فتحت قيادته آفاق الإبداع فولجها من جميع أبوابها.

انتخابات تركيا اليوم استفتاء على دور تركيا وريادتها الاقتصادية وموقعها بين الكبار واستكمال البناء السياسي الديمقراطي الذي لا بد منه  لإطلاق الطاقات ومكامن الإبداع للشعب التركي بملايينه الثمانين.

ستنجح تركيا، والمؤشرات يراها العالم،  تغيرت مواقف دول كبرى من ألمانيا إلى الولايات المتحدة لتلاقي تركيا، بسبب مواجهة الحقيقة ورسوخ وأخلاقية الدور التركي تجاه قضايا المنطقة والعالم.

لنرفض جميعا التدخل في الشأن التركي، ليقف الجميع مع الشعب التركي في دعم اقتصاده وحماية استقراره، وليبادر كل الذين احتضنتهم تركيا إلى أخذ دورهم في حماية أمن تركيا ونهضتها والمشاركة في حماية الليرة التركية وتعزيز السياحة، وكشف زيف الحملات الإعلامية مدفوعة الثمن. ونجاح تركيا في إنجاز مشروعها الوطني ضرورة لاستقرار المنطقة كلها.

لو كنت مواطنا تركيا من أي اتجاه سياسي لوقفت مع الذين حققوا مصالح كل الشعب التركي وطموحاته في الأمن والعيش الكريم.

لو كنت من أنصار أتاتورك، علمانيا أو متدينا إسلاميا أو مسيحيا أو يهوديا لانتخبت القيادة التي نقلت تركيا من زمن إلى زمن آخر، ووضعت تركيا في مواقع الكبار.

تركيا ستنتصر ولا يمكن إعادتها إلى الوراء، نهضة تركيا عميقة الجذور، تضافرت فيها قيم العدالة والحريات والوطنية التي حملها  الشعب التركي وضحى في سبيلها عبر مسيرة طويلة مع قادة كبار من مندريس إلى أوزال إلى أربكان إلى ديميريل إلى حزب العدالة والتنمية والرئيس الطيب أردوغان.

عن الكاتب

أسعد مصطفى

وزيرالدفاع السابق في الحكومة السورية المؤقتة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس