سينيم جينغيز - آراب نيوز - ترجمة وتحرير ترك برس

ذكر مسؤولون أتراك أنهم تحدثوا مع نظرائهم الإيرانيين أخيرا حول هجوم عسكري ضد حزب العمال الكردستاني المحظور في منطقة قنديل شمالي العراق حيث تنتشر مجموعات من الحزب. ولقي عرض التعاون ردا إيجابيا من طهران.

وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في 13 حزيران/ يونيو: "نحن على اتصال بإيران، لأن البي كي كي يشكل تهديداً لهم أيضاً. ومنطقة قنديل قريبة جداً من الحدود الإيرانية... سنطور التعاون مع إيران.

وقبل ذلك بيومين، أعلن الرئيس، رجب طيب أردوغان، أن تركيا شنت عمليات عسكرية لطرد مقاتلي البي كي كي، مستهدفة مقره في منطقة جبل قنديل وفي محافظة سنجار بالعراق، وأن 20 طائرة مقاتلة دمرت 14 هدفاً لحزب في المنطقة. بدأت أنقرة الاستعدادات في أوائل آذار/ مارس للقيام بعملية واسعة النطاق ضد الإرهابيين المنتشرين في المنطقة، مع نشر قوات خاصة وعشرات من القوات على الأراضي الوعرة لإقامة قواعد إقليمية. لدى تركيا الآن 11 قاعدة وأكثر من 2000 جندي في شمال العراق الذي يسيطر عليه الأكراد لتنفيذ هجوم ضد المجموعة الإرهابية.

خاضت تركيا حربا دموية في الداخل ضد البي كي كي وفروعه في سوريا، حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) وجناحه المسلح، وحدات حماية الشعب (YPG). ومن ناحية أخرى، وفي العام الماضي، شن حزب الحياة الحرة الكردستاني (PJAK)، وهو فرع للبي كي كي في شمال غرب إيران، هجوما على حرس الحدود الإيرانيين بالقرب من مدينة أورمية، مما أسفر عن مقتل اثنين وإصابة سبعة. تشعر إيران بالقلق من أن حزب الحياة الحرة يشكل تهديدًا ليس فقط للسلامة الإقليمية والأمن القومي يالإيراني، مثلما يشكل البي كي كي تهديدًا لتركيا، بل أيضًا للعراق وسوريا. وتدرك كل من تركيا وإيران أن الحملات الانفصالية ازدادت في هذه الأوقات المتقلبة، وتشعران بالقلق من أن الاضطرابات الإقليمية الاستثنائية يمكن أن تغذي أحلام الأكراد بالاستقلال.  

تعاونت أنقرة وطهران في بناء جدار طوله 144 كيلومتراً، مزود بأبراج وأسوار حديدية، على طول الحدود التركية الإيرانية لشل حركة مقاتلي البي كي كي المتمركزين في جبال قنديل العراقية المتاخمة لإيران وتركيا، ومنع  تهريب السلاح بين حزب العمال وحزب الحياة الحرة. وعلاوة على ذلك، قام عملاء الاستخبارات الأتراك والإيرانيون، إلى جانب نظرائهم العراقيين، باتخاذ إجراءات مشتركة ضد حزب العمال الكردستاني في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، واستهدفوا مواقع له في شمال العراق.

ألمحت أنقرة إلى أن العراق وإيران أعطيا الضوء الأخضر للعمليات التركية وأنهما على استعداد لتقديم الدعم للقوات التركية، وإن كان الدعم الإيراني أكثر أهمية من العراقي من ناحية الدعم الاستخباراتي. إيران هي إحدى الدول الرئيسية في الشرق الأوسط التي تشارك في الحروب بالوكالة وجمع المعلومات الاستخباراتية لخدمة تطلعاتها الإقليمية. وليس سرا أن المستشارين العسكريين الإيرانيين قاموا بدور حيوي في هزيمة الجماعات السورية التي تقاتل ضد نظام بشار الأسد في سوريا، وفي دعم حزب الله في لبنان، مما يثبت أن إيران يمكن أن تقدم دعمها لحلفائها الإقليميين والتدهل في الصراعات الإقليمية.

على أن نوع من الدعم الذي ستقدمه إيران لتركيا لم يتضح بعد. فمن الناحية التاريخية، وعلى الرغم من تعرض إيران لتهديد حزب الحياة الحرة، فإنها  لم تتردد في دعم عدوان البي كي كي على تركيا للحد من نفوذ أنقرة في المنطقة.

ومثلما قال روبرت كابلان، الكاتب السياسي الأمريكي المتخصص في الشؤون الخارجية، "فإن العلاقة التركية - الإيرانية هي من بين أعقد المنافسات الحضارية". ولذا فهما ليسا حليفين أو عدوين صريحين، وكان أفضل وصف للعلاقة بينهما خلال العقود الأخيرة "الصديق العدو المرير"، على أساس التعاون المؤقت والتوترات الضمنية.

بيد أنه لن يكون من الخطأ القول إننا نشهد حقبة أصبح فيها التعاون التركي - الإيراني في المنطقة أكبر من أي وقت مضى، إذ تعزز أنقرة وطهران العلاقات بوتيرة متزايدة في سوريا، حيث كان البلدان جزءا من عملية السلام في أستانا، مع روسيا  منذ أوائل عام 2017، وفي مؤتمر الحوار الوطني السوري، كما يجتمع رئيسا البلدين أكثر من مرة في السنة، كعلامة على التعاون المتزايد.

وفي حين تعمل إيران وروسيا مع تركيا في عملية أستانا لإيجاد حل للمشكلات السورية، وخاصة القضايا الإنسانية وإقامة مناطق وقف التصعيد، أعلن البي كي كي موقفه الواضح وذلك بالتحالف الوثيق مع أعداء إيران، وتحديدا  الولايات المتحدة وإسرائيل. تشعر أنقرة وطهران بالغضب من تسليح الولايات المتحدة لحزب الاتحاد الديمقراطي الذي تعتبره واشنطن شريكا في سوريا، كما اجتذب الحزب إلى صفوفه الأكراد الإيرانيين، وهو أمر تراقبه طهران عن كثب.

ونظرا لأن أنقرة تدرك جميع التوازنات في المنطقة، فقد أكدت ضمنا أن إيران يجب أن تفعل المزيد لدعم تركيا لأن حزب العمال الكردستاني وجناحيه يشكلان تهديدًا وجوديًا لهما.

وغني عن القول إن الجيوبوليتيك التركي الإقليمي وتعاونها مع إيران سيكون لهما تأثير كبيرفي الحركة الانفصالية الكردية. تحتاج كل من تركيا وإيران إلى تعاون أمني جماعي لهزيمة الإرهاب في المنطقة. ولن يكون هذا ممكنا إلا إذا اتخذت إيران خطوات صادقة بوصفها جارا لتركيا، وليس فقط عندما تكون مهددة، من أجل استقرار وأمن جيرانها - العراق وتركيا وسوريا - والمنطقة الأوسع.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس