ترك برس

تحرص تركيا على لعب دور وساطة لتخفيف حدة التوتر الجديد الذي اندلع بين روسيا وأوكرانيا، خوفا من تحوله إلى حرب شاملة في البحر الأسود من شأنها أن تعرض مصالحها في هذه المنطقة للخطر.

اندلعت التوترات الجديدة في أواخر تشرين الأول/ أكتوبر عندما فتح حرس الحدود الروس النار على ثلاث سفن أوكرانية بالقرب من شبه جزيرة القرم أثناء محاولتها المرور عبر مضيق كيرتش في طريقهم إلى بحر آزوف. ثم استولى الروس على السفن الثلاثة واحتجزتها وطاقمها المكون من 24 فردا. وتبادل البلدان الاتهامات بالعدوان وانتهاك المياه الإقليمية.

استمرت المواجهة في أوائل كانون الأول/ ديسمبر، حين تبادل البلدان الاتهامات بالعدوان وانتهاك المياه الإقليمية.

وتخشى تركيا وهي قوة رئيسية في حلف شمال الأطلسي في المنطقة ودولة مطلة على البحر الأسود، أن تتصاعد الأزمة الجديدة بين البلدين إلى صراع عسكري. وفي اليوم التالي للحادث، أصدرت أنقرة بيانا يدعو إلى التسوية السلمية للأزمة. وعرض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وساطة بلاده لتخفيف حدة التوتر. وقبل أيام كرر وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو رغبة بلاده في التوسط بين روسيا وأوكرانيا وإنهاء التوتر.

وينقسم الخبراء حول الدور الذي يمكن أن تلعبه تركيا في هذه الأزمة الجديدة. ويرى طُغرُل إسماعيل أستاذ العلاقات الدولية من جامعة كهرمان مرعش، أن روسيا وأوكرانيا تحتاجان إلى دور الوساطة الذي يمكن أن تلعبه تركيا، حيث إن تركيا تعرض تهدئة الوضع بين الدولتين المتنازعتين.

وقال إسماعيل الخبير في الشؤون الروسية في حديث لوكالة شينخوا الصينية، إن تركيا التي تتمتع بعلاقات سياسية وتجارية جيدة مع كل من موسكو وكييف، هي الدولة المثالية للاضطلاع بدور الوساطة في هذا الوضع المعقد.

وأضاف أنه إذا قبلت روسيا وأوكرانيا أن تضطلع تركيا بدور الوسيط ونجحت في تخفيف حدة التوتر فان هذا سيكون عاملا مهما في تعزيز النفوذ والهيبة الدبلوماسية لتركيا وكذلك الاستقرار الإقليمي.

ويرى الخبير التركي أن الأزمة لن تتحول إلى حرب كاملة، الأمر الذي من شأنه أن يثير أزمة كبيرة ويضرب المصالح الإقليمية لتركيا.

ومنذ المصالحة التركية الروسية في منتصف عام 2016 بعد أزمة إسقاط المقاتلة الروسية "سو 24" داخل الأراضي التركية، بدأ ازدهار كبير في التعاون بين البلدين، حيث تعمل تركيا بشكل وثيق مع روسيا بشأن تسوية الصراع السوري، وعقدت صفقة مع موسكو لشراء أنظمة دفاع جوي روسية متطورة من طراز S-400.

وعلى الرغم من كونها داعما صريحا لوحدة أراضي أوكرانيا، ولا تعترف بموقف روسيا من شبه جزيرة القرم وتعارض السياسة الروسية فيها، فإن تركيا لم تفرض عقوبات على روسيا بسبب أزمة ضم القرم مثلما فعلت دول أوروبية أخرى.

ومن ناحية أخرى سعى الرئيس أردوغان دوما إلى التأكيد على أهمية علاقات تركيا القوية التقليدية مع أوكرانيا، حتى رغم الخلاف بين موسكو وكييف. ويعتقد طُغرُل إسماعيل أنه إذا اتخذت تركيا بالفعل خطوة للوساطة في الأزمة الروسية - الأوكرانية، فإنها يمكن أن تعزز صورة أردوغان في الداخل والخارج في وقت تستعد فيه تركيا لخوض انتخابات محلية مهمة في نهاية آذار/ مارس 2019.

ويرى بعض المحللين أن تركيا ليست في وضع يمكنها من العمل كصانع سلام في الأزمة الروسية الأوكرانية بسبب المصالح المتضاربة بين أنقرة وموسكو.

وقال سلتشوك تشولاك أوغلو، أستاذ العلاقات الدولية، ومدير مركز آسيا والمحيط الهادئ في أنقرة إن نفوذ تركيا في في البحر الأسود تناقص بسبب السياسة الروسية هناك منذ الأزمة الجورجية، حيث ضغطت موسكو على تركيا في أعقاب هذه الأزمة.

واستبعد تشولاك أوغلو أن تسعى تركيا عمليا للعب دور الوساطة في هذا الصراع، مضيفا أنه بينما تتعامل تركيا مع روسيا كشريك، فإن روسيا من جانبها تنظر إلى تركيا بوصفها منافسا إقليميا.

وأضاف الخبير أنه يتعين على تركيا بدلاً من ذلك التركيز على إقامة "شراكة صحية" مع روسيا وجعل هذه الدولة القوية تنتبه إلى الخطوط الحمراء للأمن القومي التركي، مثل المستقبل الاستراتيجي للبحر الأسود.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!