بيرجان توتار – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

يشهد العالم والشرق الأوسط إعادة توزيع للأدوار. تجاهلت الولايات المتحدة منذ مدة طويلة الحقائق الجيوسياسية لمنطقتنا، وعلى رأسها تركيا، بيد أن فقدان واشنطن قوتها على طاولة المفاوضات وفي الميدان أتاح الفرصة لتشكل توازنات عالمية جديدة.

في هذا السياق، أهم ما يميز هذه المرحلة الجديدة هو انتهاء عصر الحرب الأمريكية على الإرهاب، التي حولت العالم الإسلامي إلى موطن للعنف والآلام والفوضى، بذريعة القاعدة وداعش.

وبعد أن رفعت الراية البيضاء في أفغانستان وسوريا، تتزايد المطالب بانسحاب الولايات المتحدة من العراق أيضًا. والدور جاء على بلدان أخرى متشوقة للاستقرار والسلام كفلسطين واليمن وليبيا.

يمكن اعتبار الانتقادات الروسية للولايات المتحدة بشأن فلسطين، علاوة على الانتقادات التركية خاصة، مؤشرات مرحلة جديدة.

فوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قال إن الولايات المتحدة تشكل التهديد الأكبر على حل القضية الفلسطينية، وهذا هام جدًّا.

***

خلال الفترة القادمة سيبدأ التطبيق العملي للتفاهم الروسي التركي الإيراني في سوريا. أهم ما يميز المخرجات المستكملة في أستانة وسوتشي هو إنهاؤها للاقتتال، فإن لم يكن، هي تحد من الخلافات عبر تطويع الأزمات.

ولهذا أصبح الوجود الأمريكي في المنطقة باهتًا، فالإدارة واشنطن تتكاسل حتى في التعليق على السياسات قصيرة الأمد بشأن الشرق الأوسط، ناهيك عن التفكير بالنتائج طويلة الأمد للتحول في المنطقة.

أمامنا ولايات متحدة تصب كل تركيزها وتنفق كل طاقتها على كيفية إدارة التنافس الجيوسياسي مع روسيا والصين. .

***

ما يثير قلق مركز القوى العالمية هنا هو ارتقاء تركيا. فالتنسيق الذي تقيمه تركيا مع روسيا والصين وإيران وقطر يحبط سياسة الفوضى الأمريكية المبنية على إثارة النزاعات الطائفية والعرقية والسياسية في الشرق الأوسط.

يزيد التناغم التركي الروسي الإيراني من إمكانية استمرار السلام والاستقرار في المنطقة، ويقلل من خطر العنف، كما هو الحال في نموذج سوريا.

في هذا السياق، خرجت تركيا دفعة واحدة من ثنايا القنوط وقلة الحيلة لتصبح عنصر توازن في الشرق الأوسط. وعلاوة على ذلك، فإن تأثيرها على اللاعبين المنافسين يوفر لها مزايا إضافية.

على سبيل المثال، بخصوص سوريا التي تعتبر مسألة شائكة للغاية وأهم ميدان للحرب بالوكالة، يقول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: "نحن اللاعب الوحيد القادر على التعاون مع الولايات المتحدة وروسيا".

إذا كانت تركيا موجودة اليوم على طاولة المفاوضات فثقوا أن ذلك لخير الجميع في الشرق الأوسط، وليس لمصلحتنا نحن فحسب. هذا ما لمسناه مرة أخرى في قمة سوتشي أمس.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس