ترك برس

في ظل القوة الشرائية المتنامية للأجانب بسبب تذبذب الليرة التركية، ومع صلابة القطاع العقاري وعدم تأثره بالأزمات؛ ربما يتساءل البعض عما إن كان ذلك هو الوقت المناسب للتوجه لتركيا وشراء عقار هناك.

ورد ذلك في تقرير مفصّل نشره موقع "ميدان" الشبابي التابع لشبكة الجزيرة القطرية، أعده الكاتب أشرف إبراهيم، ويتحدث عن وجود العديد من الأسباب التي تدعم توقيت دخول السوق العقاري في تركيا الآن.

واستند التقرير إلى تقارير متعددة حول وضع السوق العقاري لدى تركيا في السنوات الأخيرة، والذي شهد انطلاقة لافتة عام 2012 بتحقيق طفرة هائلة في سوق الشراء إثر تغييرات هيكلية قامت بها الحكومة بالسماح لمواطني 183 دولة بشراء عقارات بالداخل التركي لجذب المزيد من المشترين الأجانب.

وحسب التقرير، كان أثر تلك الإجراءات أن انهال الأجانب على تركيا لامتلاك العقارات، ليستحوذوا على نصيب الأسد من عمليات الشراء، ولترتفع بذلك مبيعاتهم لخمسة أضعاف في الفترة بين عامي 2012 و2015.

ويرى الكاتب أن الاقتصاد التركي الذي شهد قفزات أوصلته ليصبح رقم 18 بين اقتصاديات العالم بناتج محلي يتجاوز 900 مليار دولار يمثل فيه القطاع العقاري نسبة الخمس من إجماليه؛ يتعرض الآن لأزمة جديدة وهبوط كبير لعملته المحلية "الليرة"، إذ فقدت الليرة التركية نحو 50% من قيمتها في آخر 12 شهر فقط نتيجة لعقبات صعبة يواجهها الاقتصاد.

جعل هذا التهاوي الليرة أضعف أمام العملات الأخرى، ومنح العديد من المزايا الشرائية للأجانب، فالشخص الذي كان يمتلك دولارًا واحدًا العام الماضي كان يأخذ مقابله 3.5 ليرة، وهو نفس الشخص الذي يستطيع الحصول الآن على نحو 6.5 ليرة لذلك الدولار، حسب التقرير.

في ظل القوة الشرائية المتنامية للأجانب بسبب تذبذب الليرة، ومع صلابة القطاع العقاري وعدم تأثره بالأزمات؛ ربما يتساءل البعض عما إن كان ذلك هو الوقت المناسب للتوجه لتركيا وشراء عقار هناك رغم وجود أزمة تعصف بالاقتصاد التركي ولا يمكن التوقع بمخرجاتها بحال.

لذا، فإنه هناك العديد من الأسباب التي تدعم توقيت دخول السوق العقاري الآن، فعلاوة على عدم تأثر القطاع العقاري بالأزمات المتكررة التي تضرب الاقتصاد بين الفينة والأخرى كما تمت الإشارة منذ قليل.

فالاستثمار في السوق العقاري كعادة الاستثمارات العقارية عمومًا يتميز بكونه استثمارًا طويل الأجل، إذ تصل مدة الاستفادة من شراء العقار لبضع سنوات، في حين يجد المتابع للأزمات التي يمر بها الاقتصاد التركي أنها وعلى حدتها لا تطول فتراتها في غالب الأحايين.

تأتي القاعدة الصلبة لملاك العقارات لتعضد القطاع وتمنع أسعاره من التهاوي حتى مع انهيار الليرة، ويبدو أن الحكومة التركية قد استوعبت ذلك الأمر جيدًا، إذ تقوم بالمحافظة على علاقات جيدة مع الدول التي تتصدر قوائم المستثمرين الأجانب في شراء العقارات التركية كالعراق ودول الخليج وروسيا وإيران، لأن تعهد تلك العلاقات بالرعاية على مدار السنوات يضمن للحكومة استمرار بقاء العقارات التركية في أيدي مواطني تلك الدول مع التدفق المعتاد لمستثمريها الجدد.

ويغذي ذلك التدفق النمو العقاري على جانب الطلب، ويرجع منشأه بالأساس للاضطرابات والأزمات التي يعج بها الشرق الأوسط، وللمفارقة فإن كل عقار مباع لمستثمر أجنبي في تركيا لا يعطي ثقة للسوق الإقليمية بنهاية قريبة في الأفق لمشاكل الشرق الأوسط، وبالتالي يبقى الطلب مرتفعًا من قبل العرب ما يساهم في استمرار ديناميكية القطاع العقاري التركي باعتباره أقرب الملاذات الآمنة لرؤوس الأموال.

تفسر تلك المفارقة تحديدًا كيف تبقى أسعار العقارات في ارتفاع مستمر، ويعني ذلك الارتفاع بداهة إمكانية تحقيق الأرباح، فالمنزل الذي قام أحدهم بشرائه في مركز مدينة أنطاليا عام 2013 ويود بيعه الآن، سيقوم مالكه حتمًا بجني الكثير من الأرباح من فرق السعر بين تاريخ الشراء والبيع.

وتعزز الإحصائيات الرسمية هذا القول، فتشير الدراسات الحكومية أن شهر يونيو/حزيران الماضي شهد زيادة في مؤشر أسعار المنازل في تركيا بلغت 0.55% مقارنة بشهر مايو/أيار الذي سبقه فقط، وبالمقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي فقد زادت معدل أسعار المنازل التركية حوالي 10% تقريبًا، وبالمقارنة مع السنوات الثلاث الماضية فقد زادت النسبة بحوالي 38%، وصولًا لـ 82% عن مقارنة الأسعار قبل 8 سنوات من الآن.

إذا ما قرر شخص الاستثمار في العقار التركي، فإنه يجب أن يقوم بدراسة الأماكن الأفضل لشرائها تبعًا لعوامل لا ينتبه إليها المستثمرون العاديون في العموم، وعلى رأسها سرعة دوران رأس المال، ومستوى ارتفاع أسعار المنازل، وفرص الإيجارات المتاحة.

وفي دولة كبيرة كتركيا تقع بين الشرق والغرب، وتغطي 81 مقاطعة و8 مناطق جغرافية، وتوفر كمًا هائلًا من الواجهات أمام المشترين بدءً من المدن الرائدة وحتى القرى الصغيرة، يجد المرء على الأرجح نفسه أمام اختيارات عديدة عند تحديد المنطقة التي يود الشراء فيها، إلا أنه وبحسب الإحصاءات فهناك ثلاث مناطق تتصدر قوائم الشراء: ساحل البحر المتوسط، وساحل بحر إيجه، وإسطنبول بطبيعة الحال.

بعد تحديد مستقر الشراء، ينبغي اتخاذ العديد من التدابير التي سيتم على إثرها نجاح صفقة شراء العقار ومن ثم ضمان تحقيقه لعوائد كبيرة. ومن تلك التدابير؛ ضرورة الاستعلام لدى مديرية السجل العقاري إذا كان هناك أي قيود على العقار يمنع التصرف فيه كالدين والرهن والاختصاص وسائر الحقوق التي تمنع انتقال ملكيته، ثم الحذر من المسوقين.

فزيادة نسب الخصم على الوحدة السكنية ولو وصلت إلى 50% لا يعني أنها فرصة ثمينة، وغالبًا ما ينتهي الأمر إلى أن المشروع متعثر أو هناك ندرة في الطلب على تلك الوحدات ويعجز المالك عن التصرف فيها.

وغالبًا ما يطلب البائع عن إتمام الصفقة التسجيل بسعر أقل ليقلل قيمة الضريبة المفروضة وهي 4% التي تُدفع مناصفة؛ وهنا ينبغي الإصرار على التسجيل بالقيمة الحقيقية، وكذلك تصديق العقد من كاتب العدل حال البيع بأقساط، فرغم دفع رسوم اضافية قدرها 1% من قيمة العقار، إلا أنه يحمي حق المشتري ويتفادى أي مشاكل مستقبلية أو أي سوء تقدير.

يروي "عبدالعزيز العليان" تجربته حول شراء العقار في تركيا على موقعه الإلكتروني الشخصي، ويؤكد على بعض النقاط الهامة مثل التأكد من سعر المشروع قبل الإقدام عليه، لضمان عدم مبالغة البائع في السعر، ويمكن التأكد من السعر بعدة طرق منها الاستعانة بواحد من أشهر مواقع بيع وشراء العقارات "صاهبندن" sahibinden، ويمكن من خلاله استعراض جميع العقارات المعروضة في نفس المشروع وتتبع حركة العقار على مدار الأشهر السابقة.

ويمكن الاستعاضة بالخطوة السابقة بالقيام بإجراء يغفل عنه كثير من مشتري العقارات وهو تقييم العقار من قبل إحدى الشركات المتخصصة أو البنك حال وجود اتفاق لأخذ قرض، أما عن أسعار تلك الخدمة فيتم تقديمها من قبل شركات متخصصة بأسعار زهيدة مقارنة بالعائد منها، وتتراوح الأسعار بين 2 لـ 7 ليرة لكل ألف ليرة حسب شهرة وخبرة الشركة.

ويعطينا التقييم اشارات هامة وحيوية للمشروع، وبناء عليها يمضي المستثمر قدمًا في عملية الشراء أو يتراجع، إشارات كالسعر المناسب للعقار وأسعار المشاريع الأخرى في نفس المنطقة علاوة على مستقبل المنطقة برمتها من حيث الخدمات والمرافق واهتمام الحكومة بها، كما تزود تلك العملية الشخص بمعلومات هامة مثل سلامة الجوانب القانونية للمشروع كوجود رخصة بناء وعدم وجود مخالفات تعرقله لاحقًا.

قبيل إنهاء العقد، هناك عدة تكاليف يتم دفعها في صورة ضرائب ورسوم إما مرة واحدة أو بشكل دوري، ولابد من استيعابها قبل إتمام عملية الشراء. وتبدأ عملية الدفع مباشرة بعد خروج ما يعرف ب الطابو TAPU أو سند ملكية العقار.

فعلى سبيل المثال؛ هناك الخدمات الشهرية للعقار والتي تتراوح بين 2 إلى 7 ليرة للمتر المربع على حسب مستوى ومكان المشروع، وجدير بالذكر أن المصروفات الشهرية تلك لا تشمل تكاليف الكهرباء والمياه والغاز.

وكذا ضريبة الشراء ومقدارها 4%، وضريبة الأرباح ومقدارها 20% من صافي الربح، وضريبة البلدية السنوية البالغة 0.003% من سعر المتر المربع، وغيرها.

عند إتمام أي صفقة عقارية يبرز تساؤل غاية في الأهمية: هل من الأفضل شراء العقار بالليرة التركية المتذبذبة أم بعملة أجنبية كالدولار أو اليورو وغيرها، ولفهم الأمر يمكن افتراض مثال بصديقين اشترى كلاهما شقة بنفس القيمة وبنفس المشروع بداية من عام 2015، ولكن أحدهما اختار الدفع بالليرة والآخر بالدولار، واتفقا على الدفع بالتقسيط، وبافتراض أن قيمة الشقة 100 ألف دولار، وكان سعر الصرف أوائل عام 2015 هو 2.3 ليرة لكل دولار، فإن سعر الشقة حينها كان 230 ألف ليرة.

ثم دفع الاثنان أول دفعة مالية للشقة وتساوي 10% كدفعة أولى للمشروع، ما يعني أن المشتري الدولاري دفع 10 آلاف دولار، بينما دفع المشتري بالليرة 23 ألف ليرة، ثم جاء موعد الدفعة الثانية بداية عام 2016 والمقرر أن يدفع فيها الاثنان 40% من قيمة الشقتين، ولكن قيمة الليرة انخفضت لـ 3 ليرة لكل دولار، فقام المشتري الدولاري بدفع 40 ألف دولار، بينما قام مشتري الليرة بتحويل 30.6 ألف دولار فقط ليدفع مقدار الدفعة الثانية 92 ألف ليرة.

ثم جاء موعد الدفعة الأخيرة للشقة وكانت 50% بداية العام الماضي 2017 والذي استمرت فيه الليرة في الانخفاض لتصل إلى 3.77 ليرة لكل دولار، وهنا قام المشتري الدولاري بدفع 50 ألف دولار ليتملكها بالكامل، بينما قام صاحب الليرة بتحويل 30.5 ألف دولار فقط لـ 115 ألف ليرة بقية ثمن الشقة.

نتيجة لما سبق، فقد دفع المشتري الدولاري نظير شقته 100 ألف دولار، بينما دفع صاحب الليرة ليحصل على نفس الشقة 71.1 ألف دولار فقط، وبالتالي فقد وفر نحو 30% من قيمة الشقة.

ولا يعني ذلك أن الشراء بالليرة على طول الخط يعتبر الأفضل، فيقف الأمر على توقعات الليرة، وإذا كانت التوقعات تشير لانخفاض تدريجي في قيمتها فإننا نتبع القواعد السابقة، وحال كانت تشير إلى التحسن التدريجي؛ نعكس القواعد السابقة.

يمكن لصاحب الليرة أن يكمل مسيرة التوفير في سعر العقار إذا ما قرر الشراء في مشروع لا زال في بدايته، حيث يكون المطور في أمس الحاجة للمال لتكملة مراحل المشروع، ويمكن للشخص هنا الحصول على عروض قيمة حقًا.

يتبادر إلى الأذهان على الفور مسألة الثقة في المطور أو الشركة، إذ كيف يطمئن الشخص على أمواله في مشروع لا يزال في بدايته، ويمكن هنا التحقق من عدة أمور تكشف درجة موثوقية المطور وهي مدى تمويل البنوك للمشروع، فإذا كانت تموله فهذا مؤشر على جودة المشروع وخلوه من العقبات والمشاكل القانونية.

كما تعد شراكة "مؤسسة الإسكان التركية TOKI" دليل على استمرار المشروع لحين مرحلة التسليم لأنها تضمن للمشترين إكمال المشروع حال تعثر المطور أو المقال.

ويعتبر الطابو "سند الملكية" هو الخطوة الأخيرة لإتمام عملية شراء العقارات في تركيا. فبمجرد حصول الشخص على جميع المستندات الورقية وكان الجانبان قد نفذا التزاماتهما التعاقدية؛ سوف يتم تسجيل المنزل باسمه، وسيحصل على سند الملكية.

ورغم أن انهيار الليرة التركية يأخذ بيد مستويات ارتفاع الأسعار للأعلى، أكثر من المستويات الحالية التي تجاوزت 15%، وبالتالي تأثر على مستوى معيشة الشعب التركي، إلا أنه في الوقت ذاته يفتح آفاقًا للأجانب في الخارج يمكنهم بها من الولوج إلى تركيا والاستفادة من وفورات فرق سعر صرف العملة سواء في الإنفاق الاستهلاكي أو الإنتاجي ما يعود نفعه من جديد على نفس الأشخاص.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!