حقي أوجال – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

بخمسة أسلحة مختلفة كتب عليها الإرهابي أسماء السفاحين الصرب وأشياء أخرى حتى تاريخ حصار فيينا الثاني، ومخازن طلقات مزينة بشعارات ترمي لإحياء العقلية الصليبية، نفذ المجرم مجزرة في مسجدين وصوّر العملية وبثها على الهواء مباشرة.

ثم تأتون لتنشروا هذه الكارثة في صحيفتكم تحت عنوان "كان كالملاك في طفولته، كبر وأصبح قاتلًا يمينيًّا متطرفًا". هذا ما وصفت به صحيفة ديلي ميرور السفاح عقب مجزرة نيوزيلندا.

بطبيعة الحال، حتى لو لم تكن نية الصحيفة إظهار الإرهابي بمظهر لطيف، وكبح العواطف الإنسانية في مواجهة شكل من أخطر أشكال الإسلاموفوبيا، إلا إنها فعلت ذلك من خلال نشر صورة طفل صغير ذو وجه ملائكي.

الصحيفة نفسها، قدمت النادل الذي قتل 50 شخصًا في نادٍ ليلي بأورلاندو على أنه مقاتل من تنظيم داعش. بذلت الشرطة الأمريكية جهودًا مضنية على مدى أشهر لإقناع الناس بأن القاتل ليس من داعش.

المشكلة هي الصورة في ذهن المحرر: إذا كان اسم المنفذ "عمر" فهو عضو في داعش أو القاعدة أو طالبان. أما إذا كان برينتون تارنت فهو شخص أشقر الشعر رباه أبويه كملاك، لكن بشكل ما تورط في عمل الشر، وما قام به فردي وليس عملًا منظمًا.

هناك ما يسمى بالصحافة المعنية بالمصلحة الإنسانية بين وسائل الإعلام. هذا ما يمكن أن يفسر سبب تركيز الصحف الأمريكية والبريطانية والنيوزيلندية والأسترالية منذ يومين بإصرار على كيفية تحول سفاح المسجدين إلى شخص شرير.

لكن مبادئ الصحافة الدولية تتطلب نقل مشاعر ضحايا الإرهابي وأسرهم والمجتمع المسلم في مواجهة هذه الحادثة الأليمة، قبل القضايا الفرعية من قبيل البحث عن كيفية تحول الإنسان الطيب إلى شرير.

ليس الإعلام الغربي برمته هكذا، وما تزال هناك مؤسسات تراعي المبادئ الصحفية. لكن البقية تتبع نهجًا عجيبًا يدفع جميع أصحاب الضمائر والأخلاق من أي دين أو قومية سواء من الشرق أو الغرب إلى معارضة هذا النهج. 

هل يمكن أن تتغير الحقيقة إذا لم تذكر صحيفة أو قناة تلفزيونية أو الرئيس الأمريكي أن الضحايا في المسجد مسلمون؟ 

لم يعد هذا ممكنًا في عالمنا التعددي، لكن هذا الموقف يجعل العنف والإرهاب الذي يمارسه الكثير من الأطفال ذوي الوجوه الملائكية بحق المسلمين، مقبولًا، ويدفع لظهور المزيد من أمثال برينتون تارنت.

وبعد ذلك يتساءلون "ما خطب هؤلاء الأطفال؟".

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس