ترك برس

تقع تركيا في الممرّ الأوسط لمشروع الحزام والطريق الذي تزيد تكلفته عن ترليون دولار، وقد شهدت تركيا طفرة كبيرة في استثمارات الطاقة من الصين، وخاصة في قطاع الطاقة المتجددة.

وسّعت مبادرة الحزام والطريق الاستثمارات الصينية في الخارج، وشهدت تركيا، التي تقع في الممرّ الأوسط للمشروع، طفرة في حجم رأس المال الذي تستمده من الصين خلال السنوات الخمس الماضية. وفي حين تعمل أكثر من ألف شركة صينية في قطاعات الخدمات اللوجستية والإلكترونية والطاقة والسياحة والتمويل والعقارات في تركيا، فإن توقعات استثمارات الطاقة المتجدّدة من الصين في ارتفاعٍ أيضًا.

يعتقد الخبراءُ أن مصادر الطاقة المتجدّدة ستكون واحدةً من القطاعات الرئيسية التي ستتلقى الاستثمارات الصينية في الفترة المقبلة. وليست الشركات الصينية غريبةً عن صناعة الطاقة التركية لأنها استثمرت في محطات الطاقة الحرارية في تركيا. على سبيل المثال، أسّست الشركةُ التركية والصينية "إمبا لإنتاج الكهرباء (Emba Elektrik Üretim A.Ş) في عام 2017، والتي ستقوم بتشغيل محطة لتوليد الطاقة الحرارية من فحم اللجنيت (الفحم البني) في ولاية أضنة جنوب تركيا.

وفي محاولةٍ لتوسيع التعاون في مجال الطاقة، تتفاوض تركيا والصين على بناء محطة طاقة نووية ثالثة في تركيا. وخلال فترة تولّيه منصب وزير الطاقة والموارد الطبيعية، ناقش بيراءت البيرق وممثّلو قطاع الطاقة الصيني مشروع ثالث محطة للطاقة النووية في تركيا خلال الزيارة السابقة لبكين في أوائل أيّار/ مايو الماضي. وقام البيرق بزيارةٍ لمؤسسة استثمار الطاقة الحكومية الصينية، حيث التقى برئيس مجلس إدارة الشركة منغ تشنغ بينغ ورئيس مجلس إدارة الشركة الحكومية لتكنولوجيا الطاقة النووية (SNPTC) وانغ فنغ شوي.

وفي الفترة ما بين 25 و27 من شهر نيسان/ أبريل، وبحضور وفد تركي، سيُحدّد منتدى التعاون الدولي الثاني لمشروع الحزام والطريق الذي ينظّمه معهد "BRI" استراتيجياتٍ جديدةً للاستثمار الصيني بما يتماشى مع تغيّر المناخ. ستكون "الاستثمارات الخضراء" وجودة استثمارات مشروع الحزام والطريق هي محور المنتدى الذي يستمرّ لثلاثة أيام.

تشكّل مشاريع الطاقة الجزء الأكبر من استثمارات الصين في الخارج، فقد بلغ إجمالي استثمارات مصرفين صينيين حكوميين في مشاريع الطاقة في جميع الدول التي تشملها المبادرة من 2013 إلى 2018 قرابة 186.3 مليار دولار. وذهب نصيب الأسد من هذه الاستثمارات إلى مشاريع الطاقة الحرارية باستخدام طاقة الفحم.

ويتوقّع أن تقود الصين عملية مواءمة لاستثمارات الطاقة في البلدان التي يشملها المشروع مع أهداف تغير المناخ والتنمية المستدامة، بالنظر إلى أن هذه البلدان لديها أكبر سعة من الطاقة المتجددة في العالم مع 728 غيغاواط من الطاقة.

ووفقًا لبنك مورغان ستانلي الاستثماري الأمريكي، من المتوقع أن تصل استثمارات الصين كجزء من مشاريع الحزام والطريق إلى 1.3 تريليون دولار، وسيتم تخصيص جزء مهم من هذه الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة.

استثمارات الصين في مصادر الطاقة المتجددة التركية بقيمة 600 مليون دولار

في الفترة المقبلة، ستوفّر الصين مبلغًا كبيرًا من التمويل لمشروعات الطاقة المتجددة في بلدان الحزام والطريق من أجل تحقيق هدف إزالة الكربون عن الاستثمارات في هذه البلدان. وحتى الآن، استثمرت الصين 600 مليون دولار في قطاع الطاقة المتجددة في تركيا، ومن المتوقع أن تزيد الاستثماراتُ في هذا القطاع في الفترة المقبلة.

وقد صرّحت بينغيسو أوزانتش من قسم الاقتصاد في جامعة بيلكنت لوكالة الأناضول بأنه على الرغم من اعتباره مشروع بنية تحتية لوجستية، فإن الحزام والطريق هو مشروع تحويلي سيصنع تكاملًا بين البلدان المرتبطة به في النظام العالمي.

وقالت أوزانتش: "بما أن مشاريع البنية التحتية لها تأثير كبير على البيئة، فإننا نرى أن جميع الاستثمارات المتعلقة بهذه المبادرة ستؤثر على استدامة البلدان في الفترة المقبلة. ولهذا السبب نحن بالفعل في مشروع عالمي جديّ".

وأشارت إلى أن الصين تحتلُّ موقع الصدارة في استثمارات الطاقة المتجددة، مشيرةً إلى تأثير مبادرة الحزام والطريق والتحوّل الصيني في هذا المجال، وأن تركيا تهدف إلى إنتاج منتجات عالية التقنية من معدات الطاقة المتجدّدة توفّر فرصًا جادّةً لتركيا وللقطاع بأكمله، وفي هذا السياق "يمكن أن تستخدم الصين تركيا كقاعدة مهمة، فهي تتمتع بخبرة كبيرة في الإنتاج الصناعي، وتوفّر فرصة مهمة للصين. هناك تبادل معتبر بين تركيا والصين، خاصة في مجال معدّات الطاقة الشمسية، ولكن هذه العلاقة تحتاج إلى تعاونٍ صناعيّ".

من جهته، ذكر لي شيولان الباحثٌ في معهد مشروع الحزام والطريق في مركز الأبحاث "Greenovation Hub" ومقرّه الصين، أنه كجزء من البروتوكول الذي تمّ توقيعه بين تركيا والصين في عام 2015، اتّفق البلدان على تقديم دعمٍ سياسيٍّ بشأن البنية التحتية والطاقة وتغيّر المناخ والنقل والتعاون الثقافي.

وأضاف شيولان أنه تمّ عقد محادثاتٍ رفيعة المستوى لوضع استراتيجية تعاون وخريطة طريق بعد توقيع البروتوكول وأنه تمّ عقد أول منتدى للتعاون الدولي في مشروع الحزام والطرق منذ عامين مع الرئيس التركي كمتحدّث، حيث تركّزت المحادثاتُ بين الرئيسين التركي والصيني في عام 2018 على تعزيز التعاون المتبادل وربط الحزام والطريق بمبادرة الممرّ الأوسط (MC)، ويتوقع أن يساهم المنتدى الثاني في تعزيز تعاون تركيا مع الصين.

وأكّد أن التوافق مع أهداف اتفاقية باريس للمناخ موجودة في صميم استراتيجيات مبادرة الحزام والطريق الصينية، وأن المنظمات غير الحكومية فى الصين لعبت أيضًا دورًا في الاستثمارات الصينية الخارجية، تماشيًا مع اتفاقية باريس وأهداف التنمية المستدامة.

ولإعطاء جانبٍ رسميٍّ للتعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق، تمّ توقيعُ مذكّرة تفاهم بشأن محاذاة طريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين ومبادرة الممرّ الأوسط بين جمهوريتي تركيا والصين الشعبية في 14 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 في أنطاليا خلال قمة مجموعة العشرين.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!