نهاد علي أوزجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

هناك سلسلة من المشاكل بين الولايات المتحدة وتركيا يتوجب إدارتها/ حلها. تحتل علاقة واشنطن مع تنظيم "ب ي د" صدارة القائمة، وهي مسألة تستحق الوقوف عندها.

تتمتع العلاقة المذكورة وتطورات الأحداث بإمكانية نقل مكافحة تركيا لتنظيم "بي كي كي" الإرهابي، المستمرة منذ 40 عامًا، إلى أرضية مختلفة.

من الواضح أن الكيان الذي تنشئه الولايات المتحدة في شرق الفرات له أدوار مختلفة ومعقدة ومتناقضة مع بعضها البعض. وعلاوة على ذلك، من المعروف أن هناك اختلافات سياسية داخل الإدارة الأمريكية.

نظرت الولايات المتحدة، في مقاربتها التي تركز على تركيا، إلى المشاكل بين أنقرة وتنظيم "بي كي كي/ ب ي د"، من منظور "منع الاقتتال". ستشكل هذه المقاربة المرحلة الأولى والأرضية بالنسبة لـ"سلام دائم" على المدى المتوسط.

بعد ذلك، سيحمل "بي كي كي/ ب ي د" الولايات المتحدة إلى طاولة المفاوضات عقب انتهاء الحرب السورية، بصفته عنصر محلي.

وفي نهاية المطاف، سيصبح "بي كي كي/ ب ي د"، شريكًا في الحكومة السورية الجديدة. ستستخدم واشنطن هذا الشريك للتحفظ على سياسات تركيا وروسيا وإيران بخصوص الأسد، ويكون "يدًا خفية" لإسرائيل في سوريا.

من جهة أخرى، تريد واشنطن لتنظيم "بي كي كي/ ب ي د" أن يلعب دورًا نسبيًّا في السياسات تجاه إيران. بينما يسهم في سياسة محاصرة إيران بفضل الأراضي الخاضعة لسيطرته، يشكل حاجزًا إيديولوجيًّا وسياسيًّا وعسكريًّا أمام تمددها.

بيد أن التجارب التاريخية تقول إن التنظيمات الإرهابية مثل "بي كي كي" يمكن أن تتعاون مع الدول، لكن أجندة وخارطة طريق الدول لا تحدد كل شيء.

لأن التنظيم ذو القدرات الضعيفة، والذي يعيش تحت التهديد والقلق سيقرأ التطورات الإقليمية بطريقة تختلف عن "حليفته" الدولة القوية. في هذا السياق، سيكون لـ"بي كي كي" مقاربته الخاصة إزاء سياسات الولايات المتحدة في سوريا.

ولا شك أن "بي كي كي" سيرى من منظوره الخاص مقاربة "منع الاقتتال"، التي تسعى الولايات المتحدة لإقامتها بينه وبين تركيا. حتى لو لم يتحرك في سوريا فهو سينشط في المناطق الأخرى.

كان طرح تركيا منذ البداية التطورات في شرق الفرات على أنها "أمن الحدود" أمرًا مريحًا للولايات المتحدة. استغلت واشنطن الفجوة في هذا الخطاب فعزلت المخاوف الأمنية التركية عن الماضي والسياق السياسي والمحتوى. واختزلت الأمر بمشكلة أمنية يمكن حلها بسرعة من خلال "شريط من الأرض بعمق 5 كيلومترات".

صمت "بي كي كي" بخصوص سوريا يعني أنه يرى فرصًا جديدة. فالهدوء الذي سيخيم على سوريا يوفر خيارات كثيرة منها ادخار القوة، ونقل إمكانية استخدام القدرة التقنية المتطورة والدعاية من حدود العراق إلى تركيا، ومنها إلى العواصم الغربية.

عن الكاتب

نهاد علي أوزجان

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس