عبد القادر سلفي - يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

هكذا يكون دعم فتح الله غولن على ما يبدو، فحتى في بيانه الداعم لأكمل الدين إحسان أوغلو أمطر الناس بالدعاء عليهم. أتعرفون دعائه المشهور الذي قال فيه: "فلتحرق النيران بيوتهم"؟ لقد دعا به مجدداً. من الواضح أنه لا يستطيع القيام بمهمته دون الدعاء على الآخرين.

نحن لا ندعو على الآخرين، بل ندعو للآخرين. لأن رسولنا لم يكن يدعو على الناس، بل كان يدعو لهم، لذلك كان محبوباً وكان حبيب المحبين. فحتى عندما رُمي بالحجارة وهو ذاهب للطائف لتبليغ الدعوة، لم يطلب هلاك الطائف لأنه كان رسول رحمة للعالمين. وهذا بديع الزمان سعيد النورسي خلال مكوثه في سجن أسكي شهير عندما شاهد أطفال المدعي العام الذي ظلمه جداً، ترك الدعاء عليه حتى لا يتضرر أطفاله الأبرياء.

"فلتُحرق بيوتهم بالنار"، لا يا شيخي، أتمنى أن لا تحرق بيوتنا ولا بيوتكم بالنار، ففي تلك البيوت أطفال أبرياء. لماذا الدعاء على المسلمين فقط؟ إذا كنتم تريدون أن تدعو، فقتلة غزة ما زالوا موجودين. فبدلاً من أن تدينوا سفينة مافي مرمرة، وتدينوا غزة أطلقوا هذه الدعوات على إسرائيل التي رفضتم إدانتها.

يجب التوقف عند كلمتين "إسرائيل" و"موازي". لقد حاولت تتبع خارطة طريق تحاول من خلالها جماعة فتح الله غولن تحقيق غايتها. تقاطع طريق مع دولتين، الأولى إسرائيل، والأخرى إيران، هما الإخوة الأعداء لكنهما أكثر دولتين بحاجة لبعضهما البعض.

سألت أحد الوزراء: "هل أجريتم تحريات بأثر رجعيّ عن التنصّت؟ متى بدأت الحملة؟"، فأخبرني الوزير أنّ التحريات وصلت لعام 2009. "بدأ التنصّت بعد حادثة مؤتمر دافوس الشهيرة" هكذا أخبرني. من الواضح بعد تلك الحادثة أنّ اللوبي اليهودي أراد "كسر قلم" أردوغان، وسلّم عطاء هذا المشروع للجماعة.

الجماعة والتي هي أكثر من استفاد في استفتاء القانون الأساسي عام 2010، هدفت في انتخابات 2011 إلى إدخال أكبر عدد من النواب لمجلس الأمة التركي لإسقاط حكومة أردوغان. وقد أوضح رئيس الوزراء من خلال رده على سؤال الصحفي على قناة 24 "كرال أوغلو" أنّهم توصلوا إلى معرفة هذا المخطط بعد استفتاء عام 2010 خلال حملة القضايا التي رُفِعت ضدهم. وبدوره كرئيس للوزراء، اتّخذ إجراءات احتياطية لقائمة النواب "الموازين" في انتخابات عام 2011. ولهذا فشلت حملة الاستقالة الجماعية لإسقاط الحكومة بعد 17 أيلول/ديسمبر فشلاً ذريعاً.

لم تكن تلك هي المرة الأولى التي تحاول فيها إسرائيل عمل انقلاب في تركيا. فقد كانت أحداث 28 شباط/فبراير (انقلاب 1997) بتدخل إسرائيلي بالتعاون مع الجماعة. فتح الله غولن قال آنذاك لأربكان: "لم تنجحوا، لذلك اتركوا الحكم".

أصبح رئيس الأركان التركي "إسماعيل حقي" أول رئيس للأركان في تركيا يزور إسرائيل، وكان ذلك خلال حكومة أربكان، وبعده قام "شوق بير" - رئيس الأركان عام 1998 - وخلافاً لتقاليد الدولة التركية بعمل اتفاقية عسكرية مبدئية مع إسرائيل برغم معارضة الحكومة، ووافق أيضاً على إجراء مناورة عسكرية بين الجيش التركي والإسرائيلي والأمريكي في البحر المتوسط. لَحقهُ بعد ذلك رئيس الأركان "كفرك أوغلو" الذي أخذ العطاء الإسرائيلي لتجديد الدبابات التركية، فكلاهما "شوق بير" و"حسين كفرك أوغلو" كانا يستهدفان رئاسة الجمهورية التركية بأعمالهم تلك. بينما كان "حزب الرفاه" أي جماعة أربكان تؤمن بأن الوصول لرئاسة الجمهورية سيكون من خلال "تدمير" أمريكا وإسرائيل.

التقارب بين إسرائيل والجماعة صار واضحاً من خلال طلب رئيس السي آي ايه "بترايوس" من تركيا قبول اعتذار إسرائيل مقابل تحسين العلاقة مع الجماعة.

لكن هذه القضية فيها بعد إيرانيةٌ أيضاً، فالرّجعية، نعم الرّجعية كانت سبب أحداث 28 شباط/فبراير. حتى أن التهديد الأساسي للحكم  في 30 نيسان/أبريل 1997 كان من قبل رئيس الأركان التركي قبل أن تصبح الرّجعية مصدر التهديد الأول. ففي 12 حزيران/يونيو 1997 وخلال مؤتمر لرئيس الأركان قال: "إذا اضطررنا سنستخدم السلاح". وبهذا كان يشكل رئيس الأركان تهديداً على الدولة حتى أكثر من تهديد حزب العمال الكردستاني.

إسرائيل كانت مؤيدة لعملية 28 شباط/فبراير بينما كانت إيران تريد الانتقام. وكانت الشرارة التي أشعلت فتيل أحداث 28 شباط هي جملة: "درس كاراداي للخميني" والتي تصدرت عناوين الصحافة التركية آنذاك. هذا الدرس ملخصه أنّه بتاريخ الأول من أيلول/سبتمبر، أهان كاراداي في بيان له الخميني عندما قال: "إدراك الخميني لتصرفات جنرالاته الرّجعية كان متأخراً جداً". وتلا ذلك اجتماع في 5 شباط/فبراير لرئاسة الأركان التركية. ومن ذلك الاجتماع خرج قرار التحذير من الرجعيين.

كان كل شيء جاهزاً لتحقيق انقلاب، ما عدا المنظمة التي يجب أن تنفّذه، والآن تم اكتشاف منظمة "جيش السلام والتوحيد والقدس" الإيرانية.

شاهدتُ الحادثة التي حصلت أمام منزل "أحمد تانر كشلالي" مؤخراً. لم تكن القنبلة في المنطقة التي حصل فيها انفجار وإنما في مكان آخر كما قال القاتل. هذا الخطأ عدله المدعي العام، لكنّ ذلك لم يمنع العقوبة المشددة التي حكم فيها على المتهم.

وبعد 28 شباط/فبراير حاولت إسرائيل مجدداً إيقاع تركيا في فخ انقلاب جديد. ففي 17 أيلول/ديسمبر أيضاً كانت تبحث عن منظمة تقوم به، لذلك تم تحضير مشروع المنظمة.

الإخطار جاء من جهة إسرائيل، لكنّهم اكتشفوا أن عملاء لإيران تنصتوا على الكثير من الناس - من "جان دوندار" حتى "دفنة صاميلي" - على مدار 3 سنوات. وبعد كل هذا وبدون أدنى خجل صعدوا على مآذن المساجد للقيام بأعمال التنصّت، ثم أخبروا العالم أنّهم يحاولون من خلال هذا العمل كشف الأهداف الإسرائيلية.

قديماً، كانت مثل هذه الأخبار تخرج في صحيفة "الجمهورية"، والآن حلّ محلّها إعلام الجماعة، فعندما يكتبون خبر "سرقَ المُعلّم الماعز" سيكون هذا الأمر قد تمّ.

عن الكاتب

عبد القادر سلفي

كاتب في صحيفة حرييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس